عزيزي القارئ السياسي الجنوبي ..حين يكون الاعتذار من دولة عظمى ..فان اعتذار الكبار يكون أكثر حدسا ولا تدركه إلا من يجيد فراسة السياسة ...وقفت امرأة إمام بوابة مزرعة جورج بوش الأب محتجة على مقتل أبنها الجندي الأميركي في العراق ...وعند مرور موكبه وقف برهة جوارها .وسال مستشاره ...قائلا ..ماذا لديها ..فأجابه مستشاره عن افتقادها لفلذة كبدها .... حينها ..امر الرئيس بوش بإنزال جام سيارته ...وتحدث اليها بلطف قائلا ...نشعر بعظمة التضحية ومرآرة الالم لقربات إلام الأمريكية ...ذلك ثمن الحرية التي وهبتموها لشعوب تدميها قيود الاستبداد ....ذلك كان اعتذاره للشعب الاميركي وقتها هنا ركز على الاعتذار في الكلمة يصر على ضرورة حل المشكلة في الشريط المتلفز ...تلك العبارة تعني الاعتذار بطريقة غير مباشره ..لان الإصرار على حل المشكلة هو مسؤولية دولية تقع على كاهل القرار الأميركي ..والإصرار على الحل يفسر بأنه لابد من خطوات توافقية معنية بإطراف اللعبة الداخلية بدرجة رئيسية والدولية بمستوى حضور من المسؤولية ..والإصرار ينسجم توأمته لزوما بمبدأ الوصاية الدولية المجمع عليها في التحول إلى الدولة الفيدرالية ..وهنا تفسر رسالة كيري السابقة بطابعها السياسي ألاستخباري الهادف إلى كشف وإظهار مواقف دولية خفية في تلك اللعبة...إلى ذلك لم ننسى أن وزارة الخارجية الأمريكية هي احد المكونات الرئيسي لنظام الأمن القومي الأميركي .
وفي ذات السياق فإن المعالجة الدولية لا تؤخذ من وجه التفرد لدولة عظمى بعينها ، ولعل الممانعة في ذلك تكمن بمعللات قانونية دولية مجمعة قبل أن تكون سياسية استهللها قرار الوصاية الدولية في فقرته الثانية ألزما بإجماع أعضاؤه الدوليين( 5 1 ) وهذه هي معية الاستطراد القانونية الدولية للمعالجة السياسية الافتراضية التي هرع إليها وزير الخارجية الأميركية في اليومين الماضية .
وهنا نختم إيجازا في أن جذور المسألة التي يعانيها الشعبين الجنوبي والشمالي لم تكن معنية بجزئية الحرب الدائرة بقدر ماهي أساسا قد تجدرت تركباتها بمعللات النشئ الاستبدادية النظامية بأنماطها الأصولية العرقية والمذهبية والجهوية المناطقية المتعمقة في وصايتها التفردية على استبداد الشعبين ... وعند ذات المدخل تكمن معضلة الإجماع الدولي إلزاما موجبا بالتحول إلى الدولة الفيدرالية باعتدادها مدخلا استراتيجيا لاقتلاع جذور الوصاية الاستبدادية التي يعانيها الشعبين ، ومن وجه أخر تمثل حداثة التبني الدولي لتبني منهجية حداثة التنمية باعتبارها المدخل الاستراتيجي الرئيسي لإحداث تنمية مجتمعية حقوقية ( عدالة مجتمعية) ، وثقافية واقتصادية وسياسية.. وعند ذات المعضلة تكمن معللة الاستطراد القانوني لأي مناولة سياسية منفردة كحال كيري المسرف ؟