عملية نوعية تكشف خيوط هجوم إرهابي في أبين والقبض على المتهمين    البنك المركزي السعودي يُطلق خدمة جديدة لحماية العملاء من العمليات البنكية المشبوهة وانتحال الهوية الشخصية    مصر تلوح بورقة قوية في حال استمر العدوان الاسرائيلي على رفح وتبدأ بتحركات أمنية على المعبر!    محاولة اختطاف فاشلة لسفينة شرقي مدينة عدن مميز    السلطات المحلية بالحديدة تطالب بتشكيل بعثة أممية للإطلاع على انتهاكات الحوثيين مميز    خوسيلو يثير التكهنات في ريال مدريد    يويفا: ايطاليا والمانيا ستحصلان على مقاعد اضافية في دوري الابطال    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    من أقرب أصدقائه علي ناصر ومحمد علي أحمد.. وقت محنته تخلوا عنه    توافقات بين رئيس اتحاد الكرة مع لجنة وزارية لحل مشكلة أندية عدن    أمطار رعدية غزيرة على 15 محافظة خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للمواطنين    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    أبوظبي اكستريم تعلن عن طرح تذاكر النسخة الرابعة التي ستقام في باريس 18 مايو الجاري    عندما يغدر الملوك    مأساة في تهامة.. السيول تجرف عشرات المساكن غربي اليمن    النائب العليمي: مليشيا الحوثي تستغل القضية الفلسطينية لصالح اجندة ايرانية في البحر الأحمر    قارورة البيرة اولاً    جزار يرتكب جريمة مروعة بحق مواطن في عدن صباح اليوم    أساليب أرهابية منافية لكل الشرائع    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    إجراء قرعة بطولة أندية الدرجة الثالثة بحضرموت الوادي    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشمعة المضيئة في سماء العرب
نشر في الجمهورية يوم 28 - 10 - 2013

مؤسف ومحزن أن تتحوّل «الوحدة اليمنية» ونقيضها «فك الارتباط» إلى شعار تلوكه الألسن هذه الأيام؛ ليس بهدف التمسُّك بالوحدة ولا بهدف الرغبة في الانفصال؛ وإنما الذين يرفعون شعار الوحدة ومستعدين للقتال من أجلها على حد زعمهم؛ هؤلاء يخشون على مصالحهم وما أكثرها خاصة تلك التي كوّنوها ونمّوها في المحافظات الجنوبية والشرقية، ويدركون أنها ستذهب وتضيع عليهم في حال لا سمح الله حدث الانفصال؛ ولذلك فقد جعلوا من يافطة الوحدة غطاء للدفاع عن مصالحهم الخاصة.
وفي المقابل فإن الذين يرفعون شعار «فك الارتباط» ليس رغبة منهم في الانفصال بقدر ما دفعهم لرفع هذا الشعار حب الانتقام لما لحق بهم من مظالم تسبّب فيها من أتيحت لهم فرصة إدارة دولة الوحدة؛ لكن الحقيقة الثابتة التي يدركها الفريقان تتمثّل في أن الوحدة اليمنية هي ملك لشعب بأكمله يتجاوز عدد سكانه أكثر من خمسة وعشرين مليون نسمة، وهي في نفس الوقت هدف لأجيال سابقة ولاحقة ناضلت من أجل تحقيقه، لكن من سوء الحظ أن الذين فوّضهم الشعب بالتوقيع على اتفاقية الوحدة وإعلانها يوم 22 مايو 1990م لم يكونوا جديرين بالثقة التي منحهم إياها الشعب اليمني؛ بدليل أن نواياهم السيئة قد تكشّفت بعد شهر واحد من إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية؛ وذلك من خلال محاولتهما استثمار الوحدة كمكسب شخصي للمتاجرة به؛ ورغم أن مؤامرتهما كانت كبيرة سواء من كان يرفع شعار «الوحدة أو الموت» أو من كان يرفع شعار «الانفصال» إلا أن التفاف الشعب اليمني حول وحدته قد فوّت عليهم فرصة نجاح مؤامرتهم الدنيئة؛ بدليل أن أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً من الصمود والتصدّي لكل المحاولات البائسة بهدف تفكيكها والعودة بعجلة التاريخ إلى الوراء باءت كلها بالفشل الذريع، وهذا يدل على أن الوحدة اليمنية قد تخطّت الصعاب وترسخّت جذورها رغم كل ما يُحاك ضدها من مؤامرات، وأثبت اليمنيون فعلاً من خلال دفاعهم وتمسُّكهم بوحدتهم والمحافظة عليها أنهم رجال قادرون على أن ينتقلوا بالوحدة من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس المتمثل في ترسيخ دولة النظام والقانون، وتصحيح مسار الوحدة، ومحاسبة الفاسدين أياً كانوا في السلطة أو المعارضة أو من أصحاب الجاه والنفوذ، فالكل أمام القانون سواسية، ولا يجب أن تتم محاباة أو مجاملة أحد على حساب مصلحة الوطن اليمني العليا.
إن الوحدة اليمنية التي تخطّت بنجاح مسيرة الصعاب والعقبات وواجهت التحديات والمؤامرات والتي لاتزال تُحاك ضدها في الداخل والخارج إلى اليوم؛ ستظل تلك الشمعة المضيئة الوحيدة في سماء الأمة العربية حتى تأتي شمعة أخرى تنافسها كاتحاد دولتين عربيتين أو أكثر؛ ولكن عندما ننظر إلى الوضع العربي الراهن، وكيف حاله، لا نجد إلا أنه يسير من سيئ إلى أسوأ، وهو الأمر الذي جعل المواطن العربي يفقد ثقته في الأنظمة العربية والحكام العرب بشكل عام، ويكاد اليأس يقضي على كل أمل يخالجه بأن تتغير الأمور لاسيما بعد أن أخفقت قوى التغيير في مهمتها التي تسلّمت الحكم عقب قيام ما اصطلح عليه «ثورات الربيع العربي» التي قادها الشباب وسلّموها بحسن نية إلى الجماعات والأحزاب التي التفّت على أهدافها وجيّرت مكاسب هذه الثورات لصالحها، ويعود العرب إلى سيرتهم الأولى متربعين على عرش الزعامة العالمية حينما كانوا يحكمون العالم من شرقه إلى غربه، والدول الأوروبية التي استفادت حينها من حضارته كانت تغطُّ في نوم عميق تعيش ظلام القرون الوسطى التي كانت تتحكّم فيها الكنيسة؛ ولكن عندما وعت لمصلحتها انتفضت وأخذت من العلوم والمعارف العربية ما أعانها على الدفع بمسيرة انطلاقتها وتحديد مسارات مختلفة لنفسها أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم من حضارة وعلم وتقدُّم.
لقد طبّقت الشعوب الأوروبية على أوضاعها معنى الآية الكريمة: «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» وبذلك استطاعت أن تخلق أنظمة مستقرّة تتنافس على التداول السلمي للسلطة، ومن يفُز في الانتخابات يعمل قبل كل شيء على توفير الأمن والاستقرار المعيشي لشعبه، ولا يتم التنافس بينه وبين خصومه السياسيين إلا على مصلحة الشعب والوطن أولاً، وعندما يدرك أنه عاجز عن تحقيقها أو يشعر بالقصور في إدارته لواجب المسؤولية التي تحمّلها من خلال صندوق الاقتراع؛ فإنه يسارع إلى تقديم استقالته متيحاً الفرصة لمن هو أكفأ منه أياً كان توجُّهه الفكري والسياسي.
ولو تأملنا قليلاً فيما يحصل أثناء الاقتراع في الدول المتحضّرة لوجدنا كيف استطاعت الشعوب أن تحسم أمورها في الانتخابات وتتسلّم الأحزاب الفائزة الحكم، بينما الأحزاب التي انهزمت تسارع إلى تسليم السلطة بروح رياضية مفرغة نفسها لدراسة أوضاعها الداخلية ودراسة الأسباب التي جعلت المواطن في هذه الدول يصوّت ضدها رغم ما قدّمته له خلال فترة حكمها من مكاسب لا تنكرها الشعوب، وما حدث في بريطانيا أنموذج حينما خذل الشعب البريطاني حزب العمال وصوّت للمحافظين رغم المكاسب الكبيرة التي تعاقب على تحقيقها له ثلاثة من رؤساء الوزارات العمالية هم «مارغريت تاتشر» و«طوني بلير» و«براون» ولكن لأن الشعوب الواعية تطمح إلى التغيير وتخشى أن يصاب الطرف الحاكم بالغرور فيتحوّل إلى ديكتاتور فإنها تسارع إلى استبداله بطرف سياسي آخر يوضع تحت الرقابة الشعبية، وحين يفوز بثقة الشعب لا نسمع كلمة واحدة تطعن في الانتخابات أو يتهم طرف آخر أنه زوّرها؛ وذلك بعكس ما يحصل في عالمنا العربي الذي تسارع فيه الأطراف السياسية المتنافسة إلى إطلاق الاتهامات على عواهنها بالتزوير تمهيداً لعدم القبول بنتائجها وعملية الانتخابات لم تبدأ بعد، وكل طرف يكيل الاتهامات للآخر ويستعين بتدخُّل الدول الأخرى.
إذاً مشكلتنا في العالم العربي ليست مشكلة تتعلّق بالموارد وعدم وجود الكفاءات التي تحكم، وإنما المشكلة تتعلّق بحب التسلُّط والسيطرة، فأي طرف يصل إلى السلطة بأية طريقة كانت ديمقراطية أو انقلاب عسكري؛ من الصعب عليه أن يفكر بمغادرة السلطة حتى لو ضحّى بشعبه كاملاً ليبقى هو وحده، ومستعداً أن يسخر كل موارد شعبه وجيشه ونظامه للدفاع عن الكرسي بدلاً من أن يعمل على تحقيق مصالح الشعب ويؤسّس لنظام إداري جيّد يمكن على أساسه بناء دولة المؤسسات كما هو حاصل في الدول المتقدّمة.
ومن هذا المنطلق أو المفهوم عند الحكام العرب، فإنه من الصعب على أي مواطن عربي تخيُّل أن تتحد دولتان عربيتان حتى لو في شكل تنسيق المواقف؛ ولذلك ستظل الوحدة اليمنية التي تخطّت عامها الثالث والعشرين هي الشمعة المضيئة في سماء الأمة العربية كما أشرنا آنفاً، وستفرض بُعدها الإقليمي والقومي والدولي على كل الأقطار العربية بحيث تشكّل أنموذجاً يحتذى به، سائلين الله أن يوفّق اليمنيين للحفاظ على وحدتهم الوطنية وتطهيرها من الشوائب وما علق بها من أدران نتيجة سوء الإدارة وحب الذات والتسلُّط، وأن يفتحوا صفحة بيضاء فيما بينهم يسودها روح التسامح، وتغليب لغة العقل والحوار لحل مشاكلهم المعقّدة على لغة البنادق وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والعنصرية، وأن يستفيدوا من الدروس والعبر التي مرّوا بها خلال أكثر من نصف قرن مرّ من عمر الثورة والجمهورية ونحن نتناحر فيما بيننا.
ولا نعتقد أن هناك ما يحول دون توافر الإرادة الوطنية إذا ما صلحت النيات وصدقت.
alsharifa68@yahoo
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.