لا اختلاف في أن مكانة العملة الورقية النقدية تساوي وتوازي المكانة المعنوية المقدسة لعلم البلد ونشيده الوطني وكلاهما رمزان سياديان للوطن.. ولكن هناك من يجهل هذه الحقيقة فيقدم على العبث بالعملة الورقية ودونما يدرك بأنه يكون بفعلته هذه قد أضر بالاقتصاد الوطني وبالحياة المعيشية لعامة الناس فما هي الأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة العبث بالعملة الوطنية؟ وماهي الإجراءات التي يجب اتخاذها للحد من هذه الظاهرة!؟ سلوك متخلف الأخ هلال أحمد عبده “موظف” بدأ الحديث بالقول: أتمنى أن تظل العملة الورقية المحلية في جيبي ولفترة طويلة حتى أبادلها شعور الاحترام والتقدير ولكنها للأسف سرعان ما تفارق الجيب فأنا عندما أستلم الراتب من أمين الصندوق أقوم على الفور بتسليمه إلى صاحب البقالة والمؤجر ولأصحاب الديون الشخصية.. إلا أني أحترم وأقدس عملتنا المحلية وأعتبرها رمزا من الرموز السيادية للوطن وقداستها لاتقل أهمية عن قداسة علم الوطن والنشيد الوطني وأن العبث بالعملة الوطنية يعد سلوكا غير حضاري ومتخلف.. عاصي عملة المواطن سالم أحمد راشد.. تحدث قائلاً: إن كنت أنا أصلاً لا أحترم نفسي فكيف تريدني أن أحترم عملتنا الورقية التي لاتسمن ولاتغني من جوع فقيمتها الشرائية ضعيفة جداً وكثيراً ما أفكر باستخدامها كزينة وعن طريق إلصاقها على جدران المنزل..ولكني قد أحترم العملة اليمنية وذلك عندما تكون كالدولار واليورو والعملة السعودية والعمانية وغيرها من العملات والتي تمتلك قوة شرائية.. مواطن مثالي جداً أما المواطن فارس أحمد حسن تحدث قائلاً: اعتدت دائماً على وضع العملة الورقية في محفظة صغيرة وهذا يدل على مدى احترامي للعملة المحلية وإن من يقوم وبشكل متعمد على تمزيق العملة أو الكتابة عليها فهو يكون بذلك قد أساء للوطن باعتبار أن العملة تعد رمزاً من رموز السيادة الوطنية، ولربما أن التوعية التثقيفية في هذا المجال قد تحد من ظاهرة العبث بالعملة الورقية وأتمنى من الجهات المختصة أن تخصص مساحة إعلامية في مختلف وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي لتوعية المواطن اليمني بهذا الخصوص. ميزة وطنية إيجابية المواطنة إيمان أحمد عبده قائد “موظفة” تحدثت بالقول: النساء هن الأكثر محافظة على سلامة العملة الورقية وعلى أي شيء يمتلك وظائف مهمة في تسيير الحياة المجتمعية.. وهذه فطرة سلوكية سوية تميزت بها المرأة فمثلاً عندما أستلم راتبي تجدني أنزعج جداً عندما أجد ورقة نقدية متهالكة أو مكتوبا عليها أو ممزقا جزء منها، وذات مرة قمت بضرب ابني والبالغ عمره 16 سنة وذلك عندما شاهدته يقوم بالكتابة على الورقة المالية وأخبرته بأن ما فعله يعد سلوكا خاطئا ومعيبا في حقه كمواطن وأن قداسة العملة واحترامها لاتقل أبداً عن قداسة الوطن والذي ينفر من هذه السلوكيات الخاطئة وغير الحضارية.. النقود والسياسة الاقتصادية ويشارك الدكتور.محمد علي قحطان أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز وخبير في المجال الاقتصادي..بالحديث عن العملة وأهميتها ومدى حجم الأضرار والتي تسببها ظاهرة العبث بالعملة النقدية الورقية على الاقتصاد الوطني، حيث قال: من المعروف لدى الجميع، بأن النقود وعلى وجه الخصوص النقود النقدية الورقية جاءت لمواجهة صعوبات المقايضة في بداية العصور البشرية القديمة .. حيث كان الناس آنذاك يتبادلون السلع فيما بينهم وبعد ذلك جاءت الحاجة الضرورية للنقود كوسيلة للتبادل فتم أولاً الأخذ بالنقود المعدنية ثم جاءت النقود الورقية والتي يتم التعامل بها في وقتنا الحاضر.. ولاشك أن للنقود وظائف عديدة، منها أن النقود تعتبر وسيلة هامة وضرورية في عملية التبادل وهي أيضاً قيمة للأشياء التي يحتاج إليها الإنسان.. كما أنها مستودع للقيمة، بمعنى أنه من الممكن ادخار النقود لمواجهة طلبات الناس الذين يقومون بادخارها في المستقبل.. كذلك فإن النقود تلعب دوراً مهماً في مجال السياسات الاقتصادية والذي نسميه نحن الاقتصاديين بالسياسات النقدية لخلق التوازن الاقتصادي وذلك عندما يكون هناك خلل في الجانب الاقتصادي.. الجهل في التعامل ويعتقد الدكتور محمد قحطان بأن ظاهرة العبث بالنقود الورقية، ناتجة وبدرجة أساسية عن جهل الناس في كيفية التعامل الصحيح مع هذه الوسيلة الضرورية والتي تظل متنقلة من شخص إلى آخر وفي أثناء عملية التنقل يتم العبث بها وبشكل متعمد وغير متعمد وأن هذا السلوك يؤدي إلى فقدان النقود الورقية لطابعها الحيوي والسليم وبشكل سريع وهذا طبعاً، يتطلب إعادة عملية الإصدار النقدي من جديد وهذه العملية تكلف الدولة مبالغ باهظة وكبيرة؛ ولذا فإنه يجب العمل على توعية الناس بمدى أهمية الحفاظ على النقود الورقية وعدم العبث بها؛ لأن ذلك من شأنه أن يعمل على إبقاء النقود سليمة ولفترة زمنية طويلة .. ولسوف يظهر هذا الأثر الإيجابي وبوجه خاص على النقود الورقية ذات الفئة النقدية الصغيرة والتي يتم تبادلها بكثرة بين الناس.. سياسة خاطئة ويؤكد الدكتور محمد قحطان بأن البنك المركزي اليمني هو الآخر قد لعب دوراً كبيراً في إظهار العملة النقدية بصورة مزرية؛ وذلك من خلال عدم قيام البنك باستبدال العملة النقدية المتهالكة في أثناء دورتها النقدية وبعد أن تمر عليه بنقود أخرى جديدة.. ولكن لوحظ أن البنك المركزي اليمني وفي ظل وضعنا الاقتصادي المتدهور يقوم بالاحتفاظ بالنقود المتهالكة في مخازنه وعندما يحدث عجز في مواجهة السيولة النقدية المطلوبة يأخذ البنك من هذه العملات والتي من المفترض أن يقوم البنك بإخلائها وبالتالي يتم التعويض عنها بعملة جديدة.. وهذا طبعاً، عائد إلى السياسة الاقتصادية الخاطئة والتي دأبت الحكومة اليمنية المتعاقبة على انتهاجها؛ مما أدت إلى إحداث عجز متزايد في الميزانية العامة للدولة وسد هذا العجز عن طريق اتباع وسائل خاطئة وبالتالي أدت إلى المزيد من التضخم والانعكاسات السلبية والتي كان لها آثار واضحة على القوى الشرائية للنقود وعلى الحياة المعيشية للناس وأضرت بالاقتصاد الوطني وبشكل عام..