أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن لجميع الأطفال دون تمييز الحق في حياة آمنة وبيئة مستقرة ورعاية دائمة وحماية من أية مخاطر أو انتهاكات، موضحاً سموه أن مصلحة الطفل لابد أن تكون مقدمة على أية مصلحة، واحتياجاته الأساسية وحقوقه واجب علينا جميعاً التعاون لتحقيقهما. جاء ذلك خلال ترؤس سموه جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت في قصر الرئاسة في أبوظبي، أمس، تم خلالها اعتماد إصدار مشروع قانون اتحادي في شأن حقوق الطفل، وذلك بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة . وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الجلسة: «إننا لن نتهاون أبداً مع من ينتهك حقوق الطفل الأساسية، وإن القانون الجديد جاء ليغطي ويشمل جميع المجالات المتعلقة بحقوق الطفل، ويحوي من الآليات ما يضمن تطبيقه، ومن العقوبات ما يشكل رادعاً لمن لا تردعه أخلاقه ودينه عن التعدي على الأطفال». مكافحة الاتجار في البشر اطلع مجلس الوزراء في جلسته، أمس، على التقرير المرفوع بشأن سير عمل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر، التي تم تشكيلها بهدف مكافحة الاتجار في البشر بالتعاون مع الجهات المعنية على المستويات كافة، الإقليمية والدولية، وبالتنسيق مع عدد من الجهات الاتحادية ذات العلاقة، إذ ضم التقرير أهم إنجازات اللجنة خلال السنوات الماضية، التي يأتي على رأسها تطوير عدد من التشريعات والقوانين ذات الصلة بقضايا الاتجار في البشر، بجانب تمكين الجهات المعنية من تطبيق إجراءات رادعة ووقائية وتأمين الحماية والدعم لضحايا الاتجار في البشر، إضافة إلى مجموع الاتفاقات الثنائية والتعاون الدولي، التي تم توقيعها وما تخلل ذلك من مشاركات خارجية للجنة. كما وجه سموه بإعادة تسمية القانون المقترح ليصبح اسمه «قانون وديمة»، نسبة إلى الطفلة وديمة (ثماني سنوات) المتهم والدها وصديقته بقتلها الذي دفنها بعد ذلك في الصحراء، في جريمة هزت مجتمع الإمارات. وأشار سموه إلى أننا لن نسمح بتكرار مأساة هذه الطفلة التي حرمت من أبسط حقوقها، وهو حقها في الحياة، وقال سموه «لقد فقدت (وديمة) حياتها، لكن ستظل قصتها وذكراها حية بيننا بهذا القانون، لتذكر الجميع بأن حقوق الأطفال خط أحمر لابد أن يتكاتف المجتمع كله لحمايته» . ويضم القانون الجديد الذي اعتمده مجلس الوزراء، 72 مادة احتوت على حقوق الطفل كافة التي كفلتها المواثيق الدولية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور الإماراتي، إذ ضم الحقوق الأساسية والحقوق الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية للطفل، إضافة إلى حق الطفل في الحماية وآليات توفير الحماية للأطفال، بجانب فصل كامل يختص بالعقوبات. وأكد القانون في بدايته تمتع جميع الأطفال بهذه الحقوق دون تمييز، بسبب الأصل أو الدين أو الموطن أو المركز الاجتماعي، واتخاذ جميع التدابير لحماية الأطفال من أشكال التمييز كافة، إضافة إلى أولوية الحماية والرعاية والإغاثة في حالات الطوارئ، وتقديم مصلحتهم في جميع الإجراءات، واحترام خصوصيتهم في جميع الأحوال، مع مراعاة مسؤوليات وحقوق من يقوم على رعايتهم. كما أكد القانون جميع الحقوق الأساسية للطفل، كحقه في الحياة وفي الأمان على نفسه والتعبير عن آرائه. وشمل القانون مجموعة كبيرة من الحقوق الأسرية والصحية والتعليمية للأطفال، كحقهم في الرعاية والنفقة والخدمات الصحية، وحمايتهم من مخاطر التلوث البيئي، ومن الإصابة بالأمراض المُعدية ومن بيع التبغ أو المنتجات الكحولية لهم، أو حتى التدخين في وسائل المواصلات العامة بوجودهم. وفي مجال الحماية الثقافية للأطفال، حظر القانون تداول أو عرض أو حيازة أو إنتاج أية أعمال مرئية أو مسموعة أو مطبوعة أو ألعاب إلكترونية تخاطب غرائزه الجنسية أو تشجعه على الانحراف، مشدداً العقوبة في ذلك لتصل إلى حبس سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف درهم. وأكد القانون حق كل طفل في التعليم، وحظر أشكال العنف كافة في المؤسسات التعليمية، وحمايتهم من الاستغلال أو سوء المعاملة، وحظر تعريضهم للإهمال أو التشرد أو التسول، أو تعريض سلامتهم البدنية أو توازنهم النفسي والعاطفي والأخلاقي للخطر. كما تضمن القانون المقترح آلية واضحة لتوفير الحماية عن طريق إنشاء وحدات لحماية الطفل تتضمن أخصائيين لحماية الطفل يتمتعون بصفة الضبطية القضائية ويمكنهم التدخل الوقائي والعلاجي في جميع الحالات التي تهدد صحة الطفل وسلامته بالتنسيق مع الجهات المختصة وضمن الأنظمة والقوانين المعمول بها. كما شدد القانون على ضرورة إبلاغ أخصائي حماية الطفولة إذا كان هناك ما يهدد الطفل، ويكون الإبلاغ وجوباً بحق المربين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين، كما نص القانون على ضرورة أن يقوم كل شخص بالغ بمساعدة أي طفل يطلب منه إبلاغ السلطات المختصة بمعاناة ذلك الطفل، أو أي طفل آخر، ويعاقب بالغرامة التي لا تزيد على 50 ألف كل من يخالف ذلك. وألزم القانون المحاكم المختصة كافة، قبل أن تحكم بالحضانة لأي شخص، تقديم تقرير مفصل عن الحالة الاجتماعية والحالة الجنائية لطالب الحضانة، وإقرار يفيد بعدم ارتكابه جريمة خارج الدولة، مع مراعاة أحكام قانون الأحوال الشخصية في الأحوال كافة. وشدد القانون الذي أقره مجلس الوزراء العقوبة على كل من يستخدم الأطفال في تصوير أو تسجيل أو نشر أو توزيع أية مواد إباحية، لتصل العقوبة للسجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات، وذلك حفاظاً على كرامة الطفل وكينونته وحماية أخلاقه وسمعته.