عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة صدرت مؤخرًا النسخة العربية من كتاب «الاستعارة في الخطاب» من تأليف إيلينا سيمينو المحاضرة في قسم اللغويات واللغة الإنجليزية بجامعة لانكستر الإنجليزية، وتقاسم ترجمته الدكتور عماد عبداللطيف مدرس البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة، وجامعة لانكستر الانجليزية، والدكتور خالد توفيق أستاذ مساعد الترجمة وعلم اللغة بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والجامعة الأمريكيةبالقاهرة. تتناول المؤلفة في كتابها بالتحليل على مدار ثلاثة فصول دور الاستعارة في مجموعة نصوص وأنواع تنتمي إلى أربعة حقول واسعة للأنشطة الاجتماعية - الثقافية: هي الأدب في الفصل الثاني، والسياسة في الفصل الثالث، ثم العلم والتربية في الفصل الرابع. بدأ كل من هذه الفصول بتحليل مثال تمهيدي، تبعه موجز عام لاستخدامات الاستعارة ووظائفها في نصوص وأنواع مرتبطة في هذا الحقل الاجتماعي - الثقافي. وينتهي كل فصل بدراسة حالتين، هما على وجه التحديد تحليل ممتد لنصوص محددة (مثل منشور سياسي) أو تحليل لنصوص استعارية معينة تتضمن العديد من النصوص (مثل استخدام استعارة»خارطة الطريق «في علاقتها بالصراع العربي- الفلسطينى). ويوسع الفصل الخامس المناقشة لتشمل دور الاستعارة في أنواع وخطابات أخري، ويحتوى على دراسة حالة إضافيتين، في حين يركز الفصل السادس تحديدًا على استخدام تقنيات معتمدة على المدونة في دراسة الاستعارة، وينتهي بدراسة حالة تشرح بعض تلك التقنيات . وتأتى الخاتمة لتقدم نتائج الكتاب ككل. يؤكد الكتاب على أن الاستعارة ظاهرة لغوية متغلغلة في النشاط اللفظي البشري، وهى تمثل في الوقت الراهن أكثر الظواهر اللغوية خضوعًا للدراسة في إطار الدراسات اللغوية بوجه خاص والدراسات الاجتماعية والإنسانية بشكل عام. وقد تحولت دراسات الاستعارة بالفعل على مدار العقود الثلاثة الماضية إلى حقل بيني تتشارك فيه علوم اللغة بفروعها المختلفة وعلوم الأدب والبلاغة والفلسفة وعلم النفس والاجتماع والسياسة والقانون والاتصال، وكان ذلك متبوعًا -أو مصحوبًا- بتطور هائل في مناهج دراستها والنظريات المفسرة لعملها. بحسب المترجم، فإن هذا الكتاب يعد من أبرز الإسهامات الأكاديمية في نهر دراسة الاستعارة، فهذا الكتاب يدرس الاستعارة في معظم الخطابات العامة المعاصرة مثل الخطاب الأدبي والسياسي والإعلامي والتعليمي والعلمي والاقتصادي، كما أنه يدمج بين مدخلين مهمين لدراسة الاستعارة، هما نظرية المفاهيم الاستعارية والنظرية الأحدث التي تطورت في العقد الأخير وهى نظرية المزج الاستعاري. كما عالجت المؤلفة كذلك دور الاستعارة في إنشاء العلاقات الشخصية والتفاوض حولها، فالاستعارة، على سبيل المثال، توظف للتعبير عن الاتجاهات والمشاعر، وتستخدم للتسلية أو الاندماج، أو تعزز الحميمية، أو تنقل الفكاهة، أو تحافظ على الوجه الإيجابي للآخرين أو تهاجمه، كما تساعد الاستعارة كذلك في البناء الداخلي لنص ما وتعزيز ترابط علاقاته النصية؛ فهي يمكن أن تستخدم لتقديم تلخيصات أو جذب انتباه المخاطبين على أجزاء معينه من النص. وبوجه عام فإن دراسة الاستعارة يمكن أن تزيد من الوعي بالدور الذي تلعبه في صياغة طرقنا التقليدية في الكلام والتفكير، وبذلك يكون الأفراد أكثر قدرة على ملاحظة التعبيرات الاستعارية وعمليات الصياغة المفهمومية، ويكونون قادرين على التفكير بشكل نقدي في صلاحيتها. وهكذا فإن جزءًا من حلمنا جميعا بتغيير العالم الذي نعيش فيه قد نستطيع إنجازه بواسطة تغيير الاستعارات التي نستخدمها في وصفه وتحليله والكلام عنه.