للعام الثالث على التوالي واليمنيون يحتفلون بعيدهم الوطني ال22 من مايو الذي تأسست فيه الجمهورية اليمنية عام 1990م في ظل عدوان غاشم وتحت أزيز قصف الطائرات الذي لايتوقف وحصار خانق من البر والبحر والجو ولكن لأن الشعب اليمني شعب جبار ومتوكل على الله ومشهود له من النبي محمدبن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم عليه الصلاة والسلام بالايمان والحكمة فانه يخرج منتصرا دائما في كل خطوة يخطوها الى الأمام كما هو حاله اليوم حيث يواجه تحالف دولي تقوده امبراطورية السلاح التي تتربع على رأسها أمريكا وإسرائيل وإمبراطورية المال والاعلام السعودية ومن تحالف معها من دول مجلس التعاون الخليجي ومع ذلك استطاع الشعب اليمني الأبي ممثلا في جيشه ولجانه الشعبية ان يغير معادلة استراتيجية الحروب ويذهل أكاديميات العالم العسكرية . سبعة وعشرون عاماً من الصمود والتصدي لكل المحاولات البائسة بهدف تفكيك الوحدة والعودة بعجلة التاريخ الى الوراء كلها باءت بالفشل الذريع دليل على ان الوحدة اليمنية قد تخطت الصعاب وترسخت جذورها رغم التآمرات الخطيرة التي تحاك ضدها خاصة هذه الأيام التي يتواجد فيها الاحتلال الأمريكي ومن يتحالف معه بقواته العسكرية في المحافظات الجنوبية والشرقية.. وقد اثبت اليمنيون فعلاً من خلال دفاعهم وتمسكهم بوحدتهم والمحافظة عليها انهم رجال قادرون على ان ينتقلوا بالوحدة من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس المتمثل في ترسيخ دولة النظام والقانون ومحاسبة الفاسدين أياً كانوا في السلطة أوالمعارضة أو من اصحاب الجاه والنفوذ.. فالكل أمام القانون سواسية ولا يجب ان يتم محاباة او مجاملة أحد على حساب مصلحة الوطن اليمني العليا وهذا التوجه يشكل الهدف الرئيسي لثورة 21 سبتمبر الشعبية. ان الوحدة اليمنية التي تخطت بنجاح مسيرة الصعاب والعقبات وواجهت التحديات والمؤامرات التي تحاك ضدها في الداخل والخارج ستظل تلك الشمعة المضيئة الوحيدة في سماء الامة العربية حتى تأتي شمعة أخرى تنافسها كاتحاد دولتين عربيتين أو أكثر.. ولكن عندما ننظر الى الوضع العربي الراهن.. وكيف حاله؟ لا نجده إلا انه يسير من سيء الى أسوأ، وهو الامر الذي جعل المواطن العربي يفقد ثقته في الانظمة العربية وفي الحكام العرب بشكل عام ويكاد اليأس يقضي على كل أمل يخالجه بأن تتغير الامور ويعود العرب الى سيرتهم الاولى متربعين على عرش الزعامة العالمية حينما كانوا يحكمون العالم من شرقه الى غربه والدول الاوروبية التي استفادت حينها من حضارته كانت تغط في نوم عميق تعيش ظلام القرون الوسطى التي كانت تتحكم فيها الكنيسة.. ولكن عندما وعت شعوبها لمصلحتها انتفضت وأخذت من العلوم والمعارف العربية ما أعانها على الدفع بمسيرة انطلاقتها وتحديد مسارات مختلفة لنفسها أوصلتها الى ما هي عليه اليوم من حضارة وتقد م. لقد طبقت الشعوب الاوروبية على أوضاعها مضمون الآية الكريمة «الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» وبذلك استطاعت ان تخلق انظمة مستقرة تتنافس على التداول السلمي للسلطة ومن يفوز في الانتخابات يعمل قبل كل شيء على توفير الأمن والاستقرار المعيشي لشعبه، ولا يتم التنافس بينه وبين خصومه السياسيين إلا على مصلحة الشعب أولاً.. وعندما يدرك انه عاجز عن تحقيقها او يشعر بالقصور في ادارته لواجب المسؤولية التي تحملها من خلال صندوق الاقتراع فإنه يسارع الى تقديم استقالته متيحاً الفرصة لمن هو اكفأ منه أياً كان توجهه الفكري والسياسي. وذلك بعكس ما يحصل في عالمنا العربي الذي تسارع فيه الاطراف السياسية المتنافسة الى اطلاق الاتهامات على عواهنها بتزويرالانتخابات تمهيداً لعدم القبول بنتائجها وعملية الانتخابات لم تبدأ بعد.. إذاً مشكلتنا في العالم العربي ليست مشكلة تتعلق بالموارد وعدم وجود الكفاءات التي تحكم، وانما المشكلة تتعلق بحب التسلط والسيطرة فأي طرف يصل الى السلطة بأية طريقة كانت ديمقراطية او انقلاب عسكري من الصعب عليه ان يفكر بمغادرة السلطة حتى لو ضحى بشعبه كاملاً ليبقى هو وحده ومستعداً ان يسخر كل موارد شعبه وجيشه ونظامه للدفاع عن الكرسي بدلاًمن ان يعمل على تحقيق مصالح الشعب ويؤسس لنظام اداري جيد يمكن على اساسه بناء دولة المؤسسات كما هو حاصل في الدول المتقدمة.. ومن هذا المنطلق او المفهوم عند الحكام العرب، فإنه من الصعب على اي مواطن عربي تخيل ان تتحد دولتان عربيتان حتى لو في شكل تنسيق المواقف ولذلك ستظل الوحدة اليمنية التي تخطت عامها السابع والعشرون يوم الأثنين المنصرم الموافق 22 مايو 2017م هي الشمعة المضيئة في سماء الامة العربية، كما اشرنا آنفاً وستفرض بعدها الاقليمي والقومي والدولي على كل الاقطار العربية بحيث تشكل أنموذجاً يحتذى به لاسيما بعد ان يخرج اليمن من وضعه الحالي المعقد منتصرا باذن الله ويكون قائدا للمنطقة وهذا ماستثبته الأحداث خلال الفترة القادمة.