نشرت قبل أيام على صفحتي في الفيسبوك فكرة لتشكيل دولة في العالم الافتراضي -الانترنت- صفحة في الفيسبوك . . . فإذا اتفقنا على الفكرة نطلب من أكبر الأعضاء سناً تأسيس الصفحة . . . ويبقى الباب مفتوح لانضمام كل الجنوبيين الذين يستخدمون الانترنت . . . ونضع للدولة الافتراضية قانون مؤقت يُطرح لاستفتاء الأعضاء وتنتخب قيادة مؤقتة . والسؤال الذي يتبادر على ذهن القارئ ؛ لماذا طرحت هذه الفكرة...؟ في الحقيقة أنني قرأت خلال الفترة الأخيرة بعض الكتب عن العمل الجماعي . . . وكتبت ستة مقالات حول فشل العمل الجماعي . . . وطرحت الفكرة لتلمُّس اسباب فشلنا في العمل الجماعي ؛ هل الاسباب منطقية أم غير منطقية من خلال هذه التجربة...؟ .. كم سيجتمع من الجنوبيين في مكان واحد...؟ ماهو مستوى التعايش الجنوبي في دولة افتراضية (معيار قبول التعايش عدد المنضمين إلى الدولة الافتراضية) ...؟ هل سينتخب شعب الدولة الافتراضية الأشخاص الأكثر كفاءة وقدرة أو أن المناطقية والعلاقات الشخصية والاستلطاف ستحرفهم عن ذلك...؟ .. كيف سيفكر من يتقدمون لترشيح انفسهم لمنصب القيادة وماذا سيقولون للشعب...؟
وبدأت شروط المعلقين ؛ كان أولها طلب تعهد شخصي بعدم الترشح للقيادة...؟ فتعهدت بذلك . ثم جاءت أول تهمة بالمناطقية (كانت حجتهم أن أكثر الموافقين على التأسيس من يافع)...! .. وتصدر هذا الموَّال المحامي أكرم الشاطري (رفيق نضال في تاج منذ ماقبل 2007) قلنا له لم نؤسس شيء بعد . . . ومازالت فكرة تبحث عن موافقة ، وعلى الجميع وأنت منهم دعوة كل من تعرفه للموافقة على الفكرة وأول انتخابات هي التي تعين القيادة بدون محاصة مناطقية . وحتى نشر هذا المقال لم نؤسس شيء (مازالت مجرَّد فكرة) . . . كما أن كبار شخصيات الحراك لم يعطوا حتى تعليق على الفكرة برغم ابلاغهم . . . وهذا دليل جهلهم . . . أمَّا دليل صواب الفكرة فهو مشاركة الكثير من عقلاء القوم وعلى رأسهم السفير محمد عبدالرحمن العبادي الذي رحب بالفكرة وأيَّدها (خبير عسكري ودبلوماسي بارع) نؤمن برجاحة عقله وبعد نظره وصواب تقييمه , وقد خبرناه في أمورٍ كثيرة منذ انطلاق الحراك .
وكنت أعلم أن هناك من سيستخف بالفكرة . . . وقد فعلوا , بل وسخروا منها ومني . . . وهذا أمر طبيعي فالناس تحكم على الأشياء معتمدين على خبراتهم . . . وخبرات هؤلاء لاشيء . . . والواقع أنَّ هذه التجربة ليست اكتشاف فريد ، فهي حقيقة واقعة ومتَّبعة في كثير من مجالات الحياة منذ مئات السنين . في الجيوش مثلاً ؛ يتم بناء ميدان معركة كامل للتدريب ، وتُقام المناورات لاكتشاف مواضع الخلل ومواضع القوة عملياً . . . وتوضع خرائط مجسمة بشكل مصغر لميدان القتال فيها الجبال والسهول والأنهار والبحار والموانع الأخرى ، ومواقع تموضع للأسلحة والأفراد (المدافعة والمهاجمة) ومحاور التقدم وخطوط الإمداد . . . هل يفعلون ذلك للعب....؟ لا ؛ بل يفعلونها لمحاكاة الحقيقة ، ومن يفعل ذلك خبراء وقادة كبار . في قطاع البناء والإنشاءات الذي اعمل فيه ؛ يلتزم مقاول التنفيذ ببناء مجسم مصغر للمشروع يحاكي المبنى الحقيقي ، ويُلزم كذلك بتقديم العينات المصغرة لكل بند ، ويجب أن تكون العينة معبرة عن البند الحقيقي بكل تفاصيله...؟ .. وفي أغلب القطاعات يتم تقديم التجربة على الفعل الحقيقي ومنها تجربة الأدوية على الحيوانات قبل تقديمها للبشر . . . والتقنية الحديثة اليوم سهَّلت التجارب ؛ وأصبحت تقام معارك حربية كبيرة وضربات نووية تشترك فيها كل صنوف الاسلحة عبر أجهزة الحاسوب . . . وعبر أجهزة الحاسوب تقام عمليات حشد الجماهير وكيفية التحكم بها ........... وأشياء كثيرة لاحصر لها تقام تجاربها في العالم الافتراضي الحاسوب والانترنت .
واليوم نحن في الجنوب فشلنا في تكوين تنظيم سياسي واحد متماسك وقوي ومؤسسي . . . جميعها هزيلة . . . وإذا كنا ندعو لتجربة دولة افتراضية في العالم الافتراضي -الانترنت- بأشخاص حقيقيين فاغلب التنظيمات القائمة في الجنوب اليوم هي وليدة وهم مقايل القات "عالم افتراضي" أدنى منزلة من الانترنت . . . وبعضها لايصل عدد أعضائه عشرة أشخاص , ولايعرفها أحد إلا عندما يُدعى إلى مؤتمر وطني تظهر هذه المكونات من الجحور والمقايل . . . ولو قلنا أننا لسنا بحاجة إلى تجربة افتراضية وسنعتمد على سابق خبرتنا كوننا كنا دولة معترف بها دولياً...؟ فالمؤسف أنها كانت دولة فاشلة ؛ فشلت في فكر الدولة ؛ وفشلت في التنفيذ ؛ وكانت دولة لقتل بعضنا البعض . . . والتمزق والتآمر حتى انتهت الدولة واختفت من الوجود...! .. فعلى أي خبرة سنعتمد....؟
أيُّها الشعب ؛ شغل عقلك ولا تستسلم للوهم الذي يبيعه لك تجار الشعارات والبيانات ؛ لقد أفشلوك عندما كنت دولة يُشار إليها بالبنان ويحسب لها ألف حساب كونها تقع في قلب العالم . . . وأفشلوك بالعجز عن حسم الصراع ، بل والعجز عن تشكيل تنظيم سياسي قوي ؛ والعجز عن توظيف تضحياتك ؛ والعجز عن الحفاظ على معنوياتك . إنَّ عدد الجنوبيين المستخدمين للإنترنت هم بمئات الآلاف على أقل تقدير ؛ فيهم التاجر والأكاديمي والطالب ؛ فيهم المتعلم والأُمِّي ؛ فيهم الرجل والمرأة ؛ فيهم المغترب وفيهم المقيم في الوطن (بالريف أو المدينة) ؛ فيهم الغير مهتم وفيهم دعاة الاستقلال ودعاة الفدرالية [قيادات وكتاب وناشطون ومواطنون] كل هذه الاصناف تمثل عينة مصغرة للشعب الجنوبي الذي يُعدُّ بالملايين . . . عينة مطابقة للواقع .
وأعلم أن في الفيسبوك صفحات لشخصيات عربية يصل المشتركون فيها إلى الملايين . . . وصفحات لراقصات يشترك فيها مئات الآلاف أو الملايين . . . ونحن شعب نحمل قضية عادلة إذا لم نجتمع في العالم الافتراضي فلن نجتمع في العالم الحقيقي . أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ,,,,,,