غادرنا فجأة .. بمرض مفاجئ لم يمهله يوماً واحداً .. هكذا كان رد شقيقته , وأنا أسأل عنه لم نلتق إلا عبر الهاتف المحول أحيانا, كان منشغلاً بعمله في الإذاعة , والتي كان يعمل فيها مهندساً , حقا لقد كان محباً للعلم , وكنا نحن زملاؤه محبين للأدب , لكن ذلك جمعنا من خلط الأثنين في قالب واحد , ظل يلازمنا حتى فقدناه .. وكم قد فقدنا قبله من أحبة .. ومنهم (حميدو) و (محمد عثمان) وها هو ثالثهم .. الرجل المميز بأخلاقه وابتسامته , ومسحت يده على شعره الرفراف الذي يكاد الصلع يقضي على ما بقي منه .. كنا نناجمه ونمزح .. متى استعمل باروكة , فيرد بابتسامته المحببة من بين أسنانه المفرقة .. لما يزرعوا لكم قبلي سأفعل زراعة وليس باروكة .. وفعلاً صار (القذافي) الزعيم الليبي المغدور (رحمة الله عليه) أول من يزرع فروه الرأس بشكل (خنفسي) .. وكانت مزحة صاحبنا قد صارت حقيقة . قاسم صالح أمشقي زميل الدراسة في ثانوية الجلاء وقبلها في إعدادية كريتر التي هي اليوم (ثانوية لطفي أمان) عشنا في حي السعادة وحي السلام وفي حي بدر كان معنا الزملاء ياسين بقش وعباس والعزعزي واللطيف منير مسيبلي وآخرون .. كان ملتقانا مسرح كلية التربية العليا حينها نشاهد ونشارك المخرج فيصل بحصو في أعماله , ونحن مازلنا تلاميذ وطلاباً كانت تستهوينا الأعمال المسرحية على بساطتها وعمق مراميها .. وهكذا عشنا فترة لم نعهدها من العمر إلا ذهبية وخالدة خلود الزمن .. زميلنا الجميل الأنيق / قيس أحمد سعيد من الشيخ عثمان , كان الأشيك بيننا وتميزه قامة طويلة وملابس مكوية أنيقة وابتسامة عريضة بصوت مميز .. للآسف التحق هو بالتلفزيون وصار له شأن عظيم , لكنه تعرض لنكبات نفسية واجتماعية وضاع منا ولم نعد نراه , وقيل قبل سنوات أنه لم يعد يعرف الحبيب ولا الزميل ولا الصديق .. الله يلطف بك يا قيس النبيل الجميل .. وبالعودة كنت أسأل المخرج الإذاعي / سمير الوهابي , ونحن في عزاء الزميل مهيب هائل , مدير مؤسسة السرطان بعدن , بفقدان والده .. كنت أسأل سمير عن قاسم أمشقي .. فقال لي فجأة : مات .. ماذا .. مات قبل فترة .. لم نصدق هذا الكلام .. مات يوم (23/مايو2014م) فحزنت كثيراً لأنني قصرت بالسؤال عنه في الفترة الأخيرة الفاجعة في فقدان زميل شاب هو أصغر مني سننا , لكن إرادة الله فوق كل الإرادات .. فله الحمد على ما أعطى وله الحمد على ما اخذ وعدت الى المنزل وبدأت أهاتف قاسم (عبر هاتفه المسجل عندي) عل من يرد علي من ابنائه أو أهله .. ولم أجد من يرد .. كررت المكالمة اليوم التالي فردت على امرأة قائلة : أنا أخته , أشتغل بالمالية وبدأنا الحديث عن المرحوم فقالت : اسماؤكم مسجله في هاتفه , وانا لا أرد إلا بعد تأكد من أن المتصل يغز عليه الفقيد .. الحمد لله لقد أصيب أخي بمرض مفاجئ ودخلناه للمستشفى وعدنا به إلى المنزل وفارق الحياة فجأة .. هكذا الدنيا .. وسألتها عن أبنائه وبناته وعلمت أنهم في الجامعة والثانوية العامة وهم من البنات اثنين والأولاد ربما واحد .. أما أمه الغالية فهي في صدمة كبيرة .. وهكذا طوت صفحة مشرقة لزميل عزيز عشنا أحلى أيام المراهقة والشباب والنضوج حتى ولوجنا منظمة (شيد) ثم الجبهة القومية في الحزب الاشتراكي الذي صنع تجربة فريدة , لكنه نكصا بها .. وتعبنا نحن بسببه (وسلم الجمل بما حمل ) لرعاع السياسة الذين كملوا (الفورة ) وخلوا الناس في فقر وأمراض حتى كان الموت سبيلاً للخلاص من تلك الحياة . قاسم صالح أمشقي يرحمك الله أيها الغالي الحبيب , وإلى جنة الله تغساك رحمته , وإننا على فراقك لمحزونين .. وصدق الشاعر القائل : (وما الدنيا بباقية لحياً وما حياً على الدنيا بباقي ) وسلام عليك في مرقدك الأبدي , إنا لله وإنا إليه راجعون والعزاء موصول للإذاعة وزملاء عمله .. ونسألهم ماذا قدموا له