عندما تطل علينا جماعة سياسية أو دينية وتظهر قوية ومنظمة تستطيع تحقيق إنتصارات سياسية وعسكرية جبارة ومتسارعة تنبهر منها العامة. للأسف دائماً ما تخذلنا النظرات القصيرة وننسب تلك القوه الهائلة التي نراها والنجاحات والانتصارات لنفس الجماعة التي تظهر على السطح ونتجاهل الدولة التي تقف خلفها وتدعمها أو بالأصح التي تستخدمها لتحقق من خلالها الانتصارات وتنفذ مشاريعها الايدلوجية. من الطبيعي على أي جماعة سياسية أو دينية أو دولة صغيرة النهوض الكبير والظهور بقوه كبيرة والتمدد السريع عندما تقف خلفها وتدعمها دوله عظمى أو كبرى ذات استراتيجيات سياسية وعسكرية ناجحة بالذات عندما يكون الدعم من دوله لها توجه ايدلوجي سياسي أو ديني أو طائفي وليس دعم حق مساعده فقط . ولكن في الصحيح إن القوة التي يظهرون بها والصورة التي تظهر للعامة ليست قوة الجماعة التي تظهر للعامة ولا هي صورة الجماعة وإنما هي قوة وصورة الدولة التي تقف خلفهم.
مثلاً نحن في الجنوب عندما كنا مدعومين من الاتحاد السوفيتي لاشك إنها نهضة دولة الجنوب بقوه وبوقت قصير جدا بالرغم أن عمر دولة الجنوب كامل منذ ولادتها إلى نهايتها لم يتجاوز الأربعه وعشرون عام يعني كانت تعتبر طفلة حديثة الولادة. ولكنها استطاعت أن تنهض وتتجاوز دول سبقتها بالاستقلال لأكثر من خمسون عاماً أو أكثر ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ترنحت دولة الجنوب ولم تستطيع الصمود أو المحافظة على بقائها والمقاومة أمام خصومها طويلا وهذا يدل على أن الصورة والقوة التي نهضت في الجنوب هي صورة وقوة الاتحاد السوفيتي وليست صورة الجنوب كما كنا نظن .
وهذا ما تبرهنه قوة الجماعات التي تظهر لنا بين لحظة وأخرى ويتجلى في صورة وقوة جماعة الحوثي وحزب الله أيضاً في جماعة داعش التي لم يتجاوز عمرها السنتين والتي ظهرت بجيش عرمرم تعجز أي دوله صغيره بناء جيشمشابه له حتى على مدار عقدين من الزمن. فالصورة الداعشية والقوة التي ظهرت عليهم ليست قوة الجماعة وإنما هي قوة الدولة التي تقف خلفهم إذا لم تكن دول عديدة وليست دوله واحدة.
كذلك هوا الحال في جماعة الحوثي وغيرها من الجماعات والتيارات فلو كان تحقيق الإنتصارات والوصول إلى الأهداف بالكثرة البشرية والتدريب العسكري وامتلاك السلاح لكان استطاع الحراك الجنوبي أن يحقق أكبر انتصارات ووصل إلى الحسم الثوري من السنة الأولى . لأن الجنوب كان يمتلك جيش من أقوى الجيوش العربية أيضاً الشعب الجنوبي كله متدرب عسكرياً لأن قانون الخدمة العسكرية الإجباري كان موجود في الجنوب واستطاع أن يدرب كافة الشباب ما قبل الوحدة والسلاح موجود مع كل فرد في اليمن .
ولكن بسبب عدم وجود الدعم والمساندة من أي دوله للأسف وقفت الحركة الجنوبية مقيده لم تستطيع أن تبني أي منظومة قيادية سياسية أو عسكرية منظمة تكون قوية. فمثلاً لو أن الحركة الجنوبية لجأت يوماً الى الكفاح المسلح لاشك أنها تستطيع جمع أكبر عدد من المقاتلين الماهرين ولكنها بنفس الوقت سوف تقف عاجزة عند أول طلب إمداد عسكري او وجبة غذائية يحتاج لها مقاتليها لأنها لا تمتلك أرصدة مادية ولا مخازن للأسلحة والذخيرة وليس لديها أي دخل مادي ولا لها أي جهة ممولة.