الاستاذه الهام مانع - اكاديمية واديبة يمنية تعيش مع زوجها وطفلتها في سويسرا , لها مجموعة من الدراسات البحثية والروايات الادبية .كتبت مؤخرا مقال بعنوان ( التطرف واحد , سنيا كان , شيعيا , او زيديا ) , لفت نظري في عنوان المقال ورود ( الزيدية ) باعتبارها موردا آخر وجديد من موارد الارهاب او التطرف , وجدت ان هذه الاضافة الخاطفة والاعتباطية جديرة بالوقوف عندها لاستبيان فيما اذا كانت الكاتبة جادة فعلا في استنتاجها هذا ام انها اضافته بدافع من التنوع اللغوي المطلوب والمتبع لدى الادباء لغرض لفت نظر القراء لموضوع المقال او القصة . مقال الاستاذة الهام يتحدث عن متصل , اتصل بها معاتبا وناصحا , لانها وبحسب قوله تستغفل الحديث عن تطرف الحوثيين , على حساب التركيز فقط على التطرف السني !واضح ان المتصل ليس ناصحا ولا محبا , بل مراوغ , لانه يريد ان يشعر الاستاذه الهام وباسلوب المغالط المتمرس , بان ما تقوم به هو الحديث عن ما يمكن تسميته بالتطرف السني , في حين ان هذا ليس حقيقة ما تقوم به الكاتبة .
هل سبق وتحدثتي او كتبتي يا استاذه الهام عن التطرف السني , السني ! ؟؟ لا اعتقد , قراءت لك مقال آخر فيه انسانية فقط فيه شعور ومسؤولية , بعنوان ( حرب داعش الغبراء ) , ليس فيه طائفية , كما يريد المتصل ان يجعل منك . ثم قام المتصل وبنفس درجة التضليل السابقة , بتذكيرك بالامامة , وبان الحوثيين يريدونها , وبانها كانت اكبر آفات اليمن وكانت قد عززت للتفرقة الطائفية وجذرت لها , هل هذا صحيح ايضا ؟
اولا : هل جذرت الامامة فعلا للطائفية وفرقت بين الزيود والشوافع , دعينا من كل الحديث الجانبي الذي يمكن ذكره في مورد الحديث عن الامامة والتي قد يطول النقاش حوله من وجود ( جهل او ظلم ) فذلك محط خلاف و يمكن الحديث حوله فعلا . ولكن هل يمكن الحديث عن كون الامامة قد جذرت للطائفية ! لم اسمع بذلك حقيقة , سبق وقرأت لبعض من لا يحب الامامة وكتب ضدها , ولكني لم اجد او اسمع من يأكد لهذه المعلومة بالحقائق والبراهين . بل لعلها النقطة الوحيدة التي يمكن ان يجتمع حولها اصدقاء الامامة مع خصومهم لقول كلمة حق للتاريخ فيما يخص التعايش المذهبي الذي كان قائما بالعموم بين المذاهب في اليمن . ثم انتي وفي المقال نفسه تقولين بانك حدثت نفسك اثناء ما المتصل يتلكم , تقولين : وجدتني أستمع إليه وأنا أفكر، لعله على حق. لا ليس على حق , لم يكن استغفالا منك تجاه الحوثيين ( انصار الله ) بل ان الشعور الذي تتمتعين به , شعور الانسان الحقيقي , هذا الشعور لم يكن قد افزعك فعلا من حركة الحوثيين ( انصار الله ) لم يكن قد حدث شيء خطير وملفت ومفزع يجعل حسك الانساني ينتفض ويغير ويصرخ ويكتب , تماما كما انتفض هذا الحس ضد عمليات الذبح والاغتصاب وقتل الاسرى ورمي الناس من سطوح المنازل وحرق اخرين وطبخ للرؤوس , وكل الاعمال الوحشية الاخرى التي يقوم بها الدواعش وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة ضد الانسانية جمعاء .
وهذه الاعمال بالطبع لا يقوم بها الحوثيين , لذلك انت كنتي مطمئنة ولم تكوني غافلة . ثم الموقف ليس موقف ظنيات ( لعله على حق ) الباحث الجاد يبحث عن شواهد ودلائل ويتبحر في القراءة بعكس الرجل المنفعل العادي .
ثم تذكرين في مورد حديثك عن التطرف الديني عموما وبشقيه التأسلم الديني , او الاسلام السياسي , تذكرين التالي : كلاهما لايؤمنان بالإنسان. محبة الإنسان والقبول به كما هو/هي. كلاهما يسعى إلى السيطرة، على الإنسان، حريته، وإختياره.
الكلام هذا موجود فعلا كطرح تقييمي للجماعات الراديكاليه السلبية , وهنا لايمكن لنا ان نقول مثلا في كون جماعة انصار الله ليست جماعة راديكالية , بل هي كذلك ولكن في المفهوم الصحيح للعبارة او اللفظ , والمقصود به الجماعة التي تبحث عن مظاهر وجذور الظلم او الجور وتسعى لاجتثاثه من جذوره ( هذا التعريف الاصلي للعبارة ) . وبالتالي نكون قد وصلنا امام الاجابة عن سؤال يمكن طرحه وفق التقسيمين السابقين ( الاسلام الديني , ام الاسلام السياسي ) ايهما ينطبق على انصار الله من بين الطرحين او القسمين السابقين ؟ وهو انها جماعة غير سياسية , وبالتالي لا تعتمد على الخطاب الملتوي او الذي يقبل التنازل حول المبادئ .
وهنا سنكون في حاجة للرجوع الى بداية المقال وبالاخص في حديثنا حول اضافة ( الزيدية ) باعتبارها موضع نقاش وطرح فيما يخص الارهاب او التطرف , وان الحوثيين وباعتبارهم زيود , فهو بمثابة لفظ شامل يعكس الممارسات المفترضة في هذا المقام بكونها نوع من انواع التطرف المذهبي العام لهذه الفرقة , المسماة زيدية . فهل في الزيدية كمذهب وفكر بوادر او ملامح تطرف ؟ الاستاذه الهام بحاجة ماسة لاعادة قراءة اشياء مبدئية عن هذا المذهب العريق , والذي استطاع الانسان اليمني ان يكون الفاعل الرئيسي في بلورة المذهب واخراجه بهذه الصيغة والمضمون الفريد من نوعه . وحتى لا نتشعب في الحديث عن المذهب وعن فروعه ومرتكزاته , يكفي ان نقول امر يخص كلا من الحوثيين ( انصار الله ) والمذهب الزيدي , وهو ان كلاهما يندمجان في بعضهما البعض اندماجا عضويا ولا سيما في الزيدية كأصل واصالة ومبدأ .
وهنا يمكن لنا القول بكل جرأة ان حركة انصار الله هي الحركة التي اعادة للمذهب الزيدي جوهره الحقيقي والخالص كما كان فعلا وقت النشأة , وانه لاجل فهم المذهب الزيدي ووبساطة يمكن متابعة ما يقوله الاخرين عن المذهب , فالجميع يقر ويجتمع على تميزه واعتداله وتفرده في الطرح , وفي المقدرة على التعايش مع الطوائف والمذاهب والفرق الاخرى بل وقبوله بهم صراحة ومبدأ . [email protected]