كم هو مؤسف حقاً أن تتحول مهنة الطب – تلك المهنة النبيلة والإنسانية التي لا يوازيها شرفاً وقدراً ومكانة أية مهنة أخرى البتة – إلى مهنة تجارية وبأبشع صور الجشع والطمع واستغلال الغلابى والضباحى المعدمين الذين لا يتوانون مطلقاً ولا يترددون لحظة واحدة في بذل الغالي والنفيس ودفعه ثمناً لصحتهم وذويهم ... ومع ذلك لا يجدون سوى وصفات طبية تجلب لهم مزيداً من الامراض الى جانب ما يعانون وأخطاء طبية قاتلة نظراً لإهمال الأطباء واستعجالهم في إجراء العمليات والمعاينات ليتسنى لهم مقابلة أكبر قدر ممكن من المرضى الذين يدفع الواحد منهم فقط رسوم المعاينة ما يزيد عن خمسمائة ريال ، كل ذلك لأنهم غير مكترثين بحياة المرضى ولا مستشعرين بعظم المسئولية وشرف المهنة التي وفقهم الله إليها واصطفاهم دون غيرهم .. فأين هم من قول الله تعالى : ( .... ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) اي النفس البشرية ... !!! .. أن الحديث عن مهنة الطب – في بلادنا عامة والضالع خاصة – حديث ذو شجون بعدما وجد هناك أناس يتاجرون بحياة الناس وأرواحهم بلا وازع من دين أو ضمير ولا هم لهم سوى المادة دون أن يجدوا من يردعهم أو يحاسبهم ..!!.
فتصوروا اني ذهبت بأمي العزيزة الى المستشفى الحكومي ولكن وللأسف الشديد لم أجد طبيباً واحداً وجميعهم يعملون ويداومون في الخاص وهم في الاساس موظفين في المستشفى الحكومي ويستلمون مرتباتهم شهرياً منها وبعلم الجهات المعنية . فاضطررت الذهاب الى مستشفى خاص ، وهناك وجدت العجب العجاب ..؟!!..
فلا أقول جشع واستغلال ونصب فحسب ، بل سوء معاملة ورداءة خدمة وحتى المباني غير صالحة البتة لأن تكون مستشفى ولا يوجد لديهم حتى صالة انتظار للنساء ، فلست أدري كيف تم منحهم الترخيص لمزاولة المهنة وأين الصحة والسلامة المهنية المعنية بالنزول الى الاماكن ومعاينتها والحكم عليها فيما إذا كانت صالحة لمزاولة المهنة أم لا ؟!!..
بل حتى الطبيب لا يهتم بالمريض ويدقق في حالته بقدر ما يهتم بمعاينة أكبر قدر ممكن من المرضى ... وهنا تقع الكارثة في الوصفات وتشخيص الحالات ..!!. وبالطبع استغلت المستشفيات الخاصة غياب الدولة وعدم اضطلاعها بدورها وواجبها في تقديم الخدمات الصحية المجانية او حتى المدعومة .
وكذلك غياب الدور الرقابي على تلك المستشفيات وعدم الزام الاطباء الحضور للدوام الرسمي في وظائفهم العامة في المستشفيات الحكومية وترك الحبل على الغارب ، جعل تلك المستشفيات الدكانية – التي لا تستحق اسم عيادة حتى – ان تتكاثر بغض النظر عن نوعية وجودة الخدمة التي تقدمها ..!.
أخيراً يجدر بالأطباء ان يدركوا ان مرتباتهم التي يستلمونها شهرياً من الدولة حرام ..حرام .. حرام .. ولا يجوز لهم استلامها لعدم استيفاء شروط استحقاقها وهي تقديم خدمة أو جهد مقابل اجر مالي معلوم شهرياً وهو الراتب .. والاهم من هذا وذاك ان الطب في الاساس مهنة انسانية وليست تجارية .