يلحق بالعراق الذي كان فلم يبق من هويتيهما الراسختين سوى الذكرى وصفحات التاريخ. ذاب اليمن كأنه قطعة «آيسكريم» من دون أن يشعر أحد بما حدث أو يهتم له، ومن غير أن تعترض القبائل والفصائل والطوائف اليمنية التي لا تتوسد سوى سلاحها.
هدأ الضجيج المندد بتحركات «الحوثي»، وغلّف المناخ الدولي صمت غامض امتد إلى الداخل اليمني فطاول كل المؤسسات الأمنية، بينما يتسرب «الحوثي» مثل تيار ناعم إلى أن استوطن صنعاء وقبض معصمها وغيّر بوصلتها، وإن أحب دور محرك عرائس الدمى فهو صانع الحدث والصورة، مبقياً على رئيس له كل ساعة موقف، ويبدل أقنعته كل لحظة، فمن هجومه الشرس على إيران والحوثي وتهديداته المرعبة إلى اعتبار أن الاتفاق الموقع تحت البنادق «تاريخي»، إلى تصريح أخير أمس يفيد بأن اليمن تعرض إلى مؤامرة خارجية.
من المستفيد من الصفقة؟ كيف توافقت الأطراف على هذه النهاية غير السعيدة وإلى ماذا يمكن أن تؤدي؟الحوثي ليس طرفاً شيعياً فقط، بل هو ذراع إيرانية بامتياز، وما سيطرته على صنعاء العتية سوى مقدمة لتمدد يفترش اليمن كله، خصوصاً تشكل الحكومة الجديدة التي ستوقع اتفاق دفاع مع إيران وصولاً إلى انتزاع اليمن كلياً من تاريخه، وحينها سيكون مضيقي هرمز وباب المندب بين سبابتين إيرانيتين.
كان العراق رصيد التاريخ الثقافي الإسلامي محتوياً كل الصور العظيمة للعزة، ومركز إشعاع ثقافي، ويسجل كل متر منه لحظة تاريخية فارقة، وكان السد العربي أمام إيران، ثم أصبح بوابة مفتوحة دخلت منه إيران من دون حرب أو قتال، واستولت عليه ميقظة فتنة طائفية حارقة لم يعرفها العراق قبلاً. اليمن لن يكون أرضاً مستقرة ولن ينعم بها «الحوثي»، وإن ظن ذلك، فما يمارسه من اعتداءات واستعراضات استفزازية، إضافة إلى رفعه العلم الإيراني في مكاتبه الرسمية، يؤكد أنه جناح خارجي وليس مكوناً يمنياً خالصاً.
اليمن هو الجذر العريق عربياً، والعراق هو التاريخ والحضارة، كلاهما يتعرضان إلى عملية تذويب تطمس كل ما فيهما من عروبة، وتحيلهما إلى سواري إعلام إيرانية، وهكذا يتآكل الجسد العربي تدريجياً، وكل ما زاد الصمت سقطت ثيران أخرى. العراق لم يعد بحاجة إلى قرار تقسيم فهو كذلك فعلاً فهل سيتعرض اليمن إلى ذلك، خصوصاً أن «الحوثي» بحجمه وقدرته لن يتمكن من السيطرة على اليمن الواسع والمعقد بتركيباته واتجاهاته؟ وهل سيرسم «الحوثي» خريطة داخلية تجعل من منطقته قاعدة إيرانية فعلاً وليس مجرد الولاء والطاعة؟ ضاع اليمن حين تخاذل الداخل عن الحركة والمواجهة، وانسحب من المشهد كلياً تاركاً الميدان لهذه الجماعة مع أنه يفوقها عدداً ولا يقل عنها تسليحاً.
المسؤولية لا تقع على الدول العشر، بل سرها كامن في الرئيس الذي أظهر مهارة في التقلب أو أنه يخفي مهارة في التلاعب لم تظهرها يوماً ملامح وجهه. الشخص الوحيد الذي يملك الإجابات علي عبدالله صالح فهو اللاعب الحي في اليمن الذي أجاد دوماً اللعب على الحبال، والذي هدد اليمن الجديد بأنه سيعيش المشهد الذي أسقطه، وكان في ذلك صادقاً. المؤسف أن الوجود اليمني أضحى لعبة قوى داخلية في الأساس مدعومة خارجياً، وبينما سقطت كل الأطراف بقيت إيران البعيدة هي الرابحة، متسلحة بصبر وتخطيط طويل المدى، ونجحت في أن تحيل الشعب اليمني إلى الشعب الحوثي. تعليقات القراء 124324 [1] الحل امامكم الأربعاء 24 سبتمبر 2014 صلاح الجابري | حضرموت الثيران سقطت فاهل البقره لعبت دور في سقوطها العويل الان لاينفع مضيق باب المندب وبحر العرب جنوبي ليس امامكم الا محاصرة المد وتقديم الدعم 124324 [2] المد الشيعي في اليمن الأربعاء 24 سبتمبر 2014 ابو محمد الحضرمي | السعوديه لتجنب المد الشيعي في اليمن على دول مجلس التعاون الخليجي مساعدة الجنوبيين في فك الارتباط عن الجمهورية اليمنيه بعد ان سيطر الحوثيين على مفاصل الدوله من المتوقع ان تكون هناك هيمنة ايرانيه على مضيق باب المندب. فك الارتباط سيعيد دولة الجنوب وبذلك يكون الجنوبيون مسيطرين على مضيق باب المندب والبحر العربي وايضاً استقرار المنطقه. 124324 [3] أحذر يا جابري ؟؟!! الأربعاء 24 سبتمبر 2014 بارق الجنوب | الجنوب أحذر يا جابري من بعض الكلام الثقيل الذي قد يؤذيك ، أعلم أن حيّات الشمال موجودة في كل وادي وجبل ومزرعة ، تعرف مكان تواجدك وبيتك وأسرتك وقادرة أن تصل حتى إلى غرفة نومك ، والشجاع من كان على حذر وخاف مكر غيرة واللبيب تكفيه الإشارة ؟؟!!