يصحو الشاب "محمد ناجي" وهو احد ساكني منطقة الروضة النائية بالعاصمة اليمنيةصنعاء باكرا كل يوم ، يغسل وجهه على عجل ويحمل كيسا ضخما ويغادر منزله على عجل. على الرصيف المقابل لباب منزلهم يقف وهناك يجول بنظره باحثا عن اول حافلة صغيرة ستقله إلى ميدان التحرير في العاصمة اليمنيةصنعاء . يصيح بصوت اجش لحافلة تمر في المكان " التحرير التحرير" وبسرعة يرمي بنفسه إلى داخلها . عند السابعة من صباح كل يوم يقف "ناجي" في مكانه المعتاد بأحد الأرصفة وسط ميدان التحرير ويفرش بضاعته الصغيرة . منذ سنوات طويلة امتهن "ناجي" بيع الصور في العاصمة اليمنيةصنعاء والتي يقول أنها تدر له بعض الربح وتعتمد مبيعات هذه الصور على الأوضاع السياسية في اليمن . بدأ "ناجي" عمله لبيع الصور قبل العام 2009 وكانت يومها جميع الصور التي يعرضها للبيع هي صور خاصة بالرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" وصور أخرى لزعماء عرب مثل معمر القذافي وصدام حسين وجمال عبدالناصر . ظل "ناجي" يبيع هذه الصور حتى العام 2011 حينما اندلعت احتجاجات شعبية غاضبة ضد نظام الرئيس اليمني السابق "علي صالح" يومها كان بحوزته الكثير من الصور الخاصة بعلي صالح لكنها لم تعد تحقق أي مبيعات. يقول ناجي ل"عدن الغد" كان الناس يومها يمرون بجانب هذه الصور ولايعيرونها أي اهتمام وكان آخرون يشتمون صالح ، كنت لا أبيع شيء وأعود خالي الوفاض . ظل حال "ناجي" راكدا لأيام طويلة لكنه لاحقا قرر ان يتوجه إلى مكتبة عامة ويطلب منه طباعة صور خاصة بشخصيات أخرى كانت بينها "توكل كرمان" ومع إعلان اللواء علي محسن الأحمر انضمامه إلى الاحتجاجات المناوئة لعلي صالح أضاف صورا لعلي محسن . تخلى "ناجي" عن صورة علي صالح وترك العشرات منها في المنزل بات يحمل صورا لساحة التغيير وكتابات أخرى مثل الشعار الشهير "ارحل" كل هذه الأشياء وجدها نافعة ومرحبة . استمرت الاحتجاجات المناوئة لنظام علي صالح في التصاعد واستمر "ناجي" هو الأخر في تحقيق الكثير من الأرباح . مع حلول نهاية العام 2011 باتت الاحتجاجات في اليمن اقل شدة وبدأ الناس يحسون بخيبة الأمل ، تعرض سوق المبيعات لدى ناجي لخسائر كثيرة بسبب ذلك ، وبدأ ناجي رحلة البحث عن صور جديدة يقدمها للناس . مع بداية العام 2012 بزغ نجم الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" باعتباره المنقذ الجديد للأوضاع في اليمن وتوجه "ناجي" مرة أخرى صوب مالك محل طباعة صور وطلب منه طباعة صور متعددة الأحجام والأشكال للرئيس هادي . حققت هذه الخطوة مبيعات جيدة "لناجي" فيما تراجعت صور نجوم ثورة التغيير واضطر "ناجي" إلى وضعها إلى جانب صور الرئيس اليمني السابق علي صالح في مخزن صغير يملكه بمنزلهم . ظل "ناجي" يبيع صورا للرئيس هادي حتى مطلع العام 2014 حينما بدأت الأوضاع تسير سلبا ويعاود الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" بالظهور مجددا. أحس كثير من الناس في صنعاء بان الثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام الرئيس اليمني السابق " علي صالح" زادت حياتهم سوءا . بات كثير من الناس يتحدث علانية عن تأييده لنظام الرئيس اليمني السابق "علي صالح" واشتهرت عبارة "سلام الله على عفاش". بات كثير من الناس يمر بالقرب من ناجي ويسأله لماذا لايبيع صور علي صالح ، يقول آخرون له نحن نريد صور علي صالح . ذات يوم عاد ناجي مسرعا إلى قبو منزله واخرج صور "علي صالح" لم يتبقى منها إلا القليل وخلال أيام قليلة فقط باع جميع الصور . اضطر ناجي ان يذهب مرة أخرى إلى صاحب المطبعة ويطلب منه صور جديدة لعلي صالح وأضاف عليها صورا أخرى لنجله احمد . لأسابيع طويلة ظل "ناجي يبيع صور الرئيس اليمني السابق "علي صالح " وباتت تحقق له أرباح كثيرة . تراجعت جميع الصور الأخرى في مواجهة صور علي صالح حيث بات قطاع واسع من الناس يشتريها. في أغسطس من العام 2014 تصاعدت حدة الاحتجاجات التي دعت لها حركة أنصار الله الحوثيين وتصاعدت معها شعبية زعيمها "عبدالملك الحوثي" . بات أناس كثر يمرون بالقرب من ناجي صباحا ويسألونه بلهجة شعبية صرفة " به صور السيد؟ كانوا يسألونه فيما إذا يملك صور للسيد "عبدالملك الحوثي" لكي يشترونها منه . اضطر "ناجي" مرة أخرى إلى الذهاب إلى المطبعة وهناك طلب من مالكها ان يطبع صورا للسيد عبدالملك الحوثي لكنه أضاف إليها صورا لشقيقه حسين الذي قتل خلال مواجهات مع الجيش في العام 2004. بات "ناجي" اليوم يعرض صورا للرئيس اليمني السابق "علي صالح " وصورا لزعماء جماعة الحوثي ويقول أنها باتت تحقق له أرباح جيدة . تعكس حالة ناجي رغم انه يقول انه لايهتم بالسياسة الواقع المعاش في اليمن وكيف تتبدل شخوص السياسة . يقف "ناجي" صباحا بالقرب من احد الأرصفة بشارع التحرير وسط العاصمة اليمنيةصنعاء هذه الأيام وهو يعرض صورا متنوعة لزعيم جماعة الحوثي . يدرك ناجي ان بيع هذه الصور لن يستمر طويلا ويؤكد انه سيبيع صورا لشخصيات أخرى عما قريب لكنه في الحقيقة لايدرك لمن ستكون هذه الصور . * من عبدالله غيلان – صنعاء خاص لصحيفة "عدن الغد"