على الرغم من حياتي العجيبة، إلاّ أنني مازلتُ أستمع لمقطوعة القدر الجنائزية التي يعزفها الموسيقار لي منذ زمنٍ طويل من على قمة الجبل القريب مني. أنا بوهيمي الليل. عرفتُ في الليل: السكارى والكحوليين، المشرّدين والحشاشين، السحاقيات والماجنات، المجرمين والثرثارين، مدمني المخدرات والصعاليك. أعشق الليل كثيراً، غير أنني كنت أعاني فيه من الانتظار، وبالأخص انتظار الباص. أشعر بالأسى، كلما تذكّرت بأنّ حياتي الماضية لا يمكنها أن تعود. لا شيء يثير الرثاء، أكثر من الوداع في الفجر. يا له من فجر! فجر العناقات الحزينة. أوراق الشجر مازالت تترنّح مثل مخمورٍ في فضائي. سيبقى الحزن شبحاً يطوف فوق رؤوسنا، مادمنا ننتظر الذي سيهدينا الزمن المفقود. بعض سلوكياتنا محكومة بقوانين مجهولة. لا أريد أن أكون أسير الفردوس. الزهور الملونة مازالت ترقص مع الفراشات في سمائي. كلما أكون وحيداً، أشعر بأننا جميعاً نعيش في المنفى. حياتنا، زهرةٌ في حديقة العدم. مازلتُ أتمشى على الأرض المفروشة بالنحاس، ويدي تحاول إمساك النسمات الذهبية المحلّقة فوق رأسي.
الحلم قادم! بين المحيط المدجّج بالهشاشة، وبين الجبال البلّورية. بين الريح الصفراء، وبين مملكة الصخور العمياء. كنتُ أقف سعيداً مرات كثيرة، الى حد أنّني كنتُ أقفُ في بحيرةٍ اسمها التعاسة القديمة. أيتها المعارك الوردية! تعالي إليّ، عسى أن تصبحي رئتي البديلة.