بعد ساعات من هجوم قيل ان قوات الأمن نفذته ضد محتجين يطالبون بإنهاء حكم الرئيس صالح الممتد منذ 33 عام ظهر الرجل على شاشات التلفزة ليتحدث في مؤتمر صحفي قصير عن رواية مغايرة . بدا الرجل مرتبكا وهو يتحدث قال صالح في حديثه ان الشرطة لم تطلق النار على المعتصمين موضحا ان ماحدث هو إطلاق نار من قبل مواطنين ضد معتصمين آخرين مصوراً ان ماحدث ماهو الا بذرة لحرب أهلية كان الرجل قد هدد بها قبل أشهر من اليوم .
يرى كثيرون ان الأحداث التي شهدتها صنعاء يوم أمس الأول يمكن لها ان تكون علامة فاصلة في تاريخ نظام الرئيس صالح الذي حكم اليمن على مدى 33 عاما خاض خلالها الرجل عدد من الحروب والتحديات السياسية وتمكن من الخروج من جمعيها سالما الا ان التحدي الذي يواجهه اليوم يبدو انه الأقوى والأعنف ويفوق قدرات الرجل التكتيكية .
ماهي سيناريوهات سقوط نظام الرئيس صالح اليوم؟ وماهي فرص بقائه نظاما حاكماً في اليمن اليوم ؟وهل يمكن لهذا النظام ان يتداعى من الداخل؟ .
يوصف كثير من المحللين نظام الرئيس صالح بأنه لفيف من الشخصيات السياسية التي لا تمنح الرئيس الكثير من الولاء لشخصه بقدر مايكون الولاء بالنظر إلى مايقدمه الرئيس صالح لها من امتيازات لذلك اعتمد الرجل وطوال سنوات ماضية على عملية ترغيب واسعة النطاق في مواجهة خصوم اللعبة السياسية وهو ماقد يرتد عليه اليوم عكساً .
أولى الأخطار التي تتهدد نظام الرئيس صالح اليوم هي حالة الفراغ السياسية التي أحدثتها الاستقالات التي لايزال الكثير من المسئولين يقومون بتقديمها تباعا من الحزب الحاكم والحكومة اليمنية نفسها ، وكل ذلك يعني وجود حزب حاكم ميت سياسيا بعد فقدانه لقياداته السياسية .
وفي الإطار ذاته تدور الحلقة بالنسبة للاستقالات التي يقدمها المسئولون من الحكومة حيث ان هذه الاستقالات تعني مزيداً من الإرباك الذي يواجهه صالح فنظامه كان إلى قبل أسابيع يحارب على جبهة واحدة وهي جبهة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة ويعتمد في ذلك على تكتل سياسي هو مزيج من رجال الدولة والمثقفين وشيوخ العشائر الا ان هذا التكتل تعرض لضربات عنيفة سببها الاستقالات التي تقدم بها كثيرون من الحزب الحاكم والحكومة تحت وطأة أعمال القمع التي مارسها النظام في وجه الاحتجاجات الشعبية.
يوصف نظام الرئيس صالح بأنه احد أكثر الأنظمة عشوائية والتي تدار بشكل اسري حيث يتفرد كل مسئول من المقربين له باتخاذ قرارات خاصة به وظهر ذلك جليا في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المتنامية مؤخراً حيث بدأ النظام عاجزاً عن التكيف على لغة تخاطب واحدة في مواجهة الاحتجاجات الشعبية ففي حين لجأ طرف إلى لغة التفاوض السياسية مع المعارضة وانتهاج لغة تخاطب معتدلة كان هنالك طرف أخر ينظم عمليات قمع للمحتجين وهو ماجعل عملية إدارة الأزمة السياسية التي تواجه نظام الرئيس صالح صعب للغاية.
يحاول نظام الرئيس صالح خلال الفترة الحالية وقف الإرباك الذي أصابه بعد أحداث الجمعة الدامية فمسلسل الاستقالات لايزال يتوالى وهو أمر يمكن له ان يوصل النظام بحد ذاته إلى هشاشة سياسية ستؤدي إلى سقوط تلقائي للنظام بشكل مفاجئ.
من بين المخاطر التي تواجه نظام الرئيس صالح اليوم هو حالة السخط الشعبية التي تواجه نظام حكمه فالكثير من قطاعات الشعب اليوم وربما هي الأغلبية الساحقة تنادي برحيله وتسببت أحداث العنف التي شهدتها صنعاء مؤخراً في ارتفاع نقمة الاحتجاجات الشعبية ضد صالح.
لجأ صالح أمس الأول إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في البلاد بعد ساعات من مقتل العشرات من المحتجين برصاص الأمن الا ان قراراه قوبل برفض قطاعات واسعة في اليمن بينها أحزاب معارضة وهيئات قانونية وبعكس مايراد منه انعكس القرار سلبا على الوضع الاقتصادي حيث تسبب بوقف كامل لأعمال شركات النفط وهو ماتسبب بأزمة وقود بدأت تتشكل ملامحها اليوم بشكل واضح.
حتى اللحظة يجد صالح في وحدات الجيش والأمن الملاذ الأخير لمواجهة التحديات ووقف حركة الاحتجاجات وتطورها الا ان الجيش كما يبدو ليس كله في يده فهو كغيره من القطاعات شهد عمليات انضمام لقيادات عسكرية إلى المحتجين وهو مايعني ان حالة من النقمة تسود أوساط العسكريين حيث تزدهر في أوساط الجيش اتهامات لصالح بالزج بالجيش في حرب صعده دون ان تكون هنالك أسباب مفهومة لهذه الحرب حتى اللحظة.
ومما يعمق جراح نظام الرئيس صالح هو انضمام المعارضة اليمنية وبشكل رسمي يوم أمس إلى المعتصمين في ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء وهو مايعني وبشكل واضح انعدام أي تسوية سياسية بين أطراف العملية السياسية في اليمن .
بالتأكيد ان الأيام تمر بطيئة للغاية على الرئيس صالح بإنتظار ماستسفر عنه الأيام القادمة فالرجل يحارب على عدة جبهات وهي مايجعل من السؤال الأكثر الأهمية في اليمن اليوم هو هل حانت ساعة رحيل الرئيس صالح؟