برزت الأنشطة الزراعية أحد البرامج التي تركز عليها المدارس الصيفية إلى جانب تعليم القرآن الكريم وعلومه، واللغة العربية، والأنشطة الرياضية، حيث تهدف البرامج الزراعية إلى معرفة اساسيات الزراعة المستدامة وإحدى روافد الاقتصاد الوطني في ترسيخ ثقافة الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي لدى النشء والشباب ذات الأثر على البيئة. "26سبتمبر" وقفت أمام الأنشطة والبرامج الزراعية في المراكز الصيفية ودورها في تعزيز الثقافة الزراعية بين النشء والشباب، مع عدد من التربويين والمختصين، باعتبار الزراعة العمود الفقري والخطوة الأولى للحد من الاعتماد على الخارج للتقليل من فاتورة الاستيراد لمختلف المحاصيل الزراعية، التي يجب أن تكون منتجا محليا لأن الأرض اليمنية طيبة كما وصفها الله سبحانه وتعالى. استطلاع/ محمد العلوي يؤكد عدد من الطلاب الملتحقين بالمدارس الصيفية أن الأنشطة ساعدتهم على فهم القران الكريم وعلومه في التجويد والفقه والقراءة والصلاة، بالإضافة إلى مختلف الأنشطة الزراعية في كيفية غرس الاشجار المثمرة ورعايتها واستغلال المساحات الزراعية المتاحة، مما يعكس مدى تأثير هذه البرامج في تغيير نظرة الطلاب نحو الزراعة. وأوضحوا أن لأنشطة الزراعية من خلال المحاضرات والدروس الصيفية تعزز الوعي بأهمية زراعة الأشجار، وكيفية تحقيق الاكتفاء المنزلي من خلال زراعة الاحتياجات الرئيسية للأسرة باستغلال العلب البلاستيكية لزراعة النعناع والبسباس والبقدونس وغيرها من أشجار الزينة والورود ضمن ما يسمى الحديقة المنزلية. الاعتماد على الذات فيما أشار مدير المركز أبي الحسن الهمداني الصيفي- مشرف المدارس الصيفية في المربع الجنوبي لمدينة ذمار، الأستاذ سامي الحصن، إلى أن الأنشطة الزراعية تكرس ثقافة الاعتماد على الذات وتحصين المجتمع من المؤامرات الخارجية التي تستهدف أمنه الغذائي، ولذلك أن التوسع الزراعي في بلادنا يخفض من تكلفة فاتورة الاستيراد. وأضاف في الآونة الأخيرة شهدت الزراعة نهضة كبيرة بفضل توجيهات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي دعا إلى الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي في المحاصيل الأساسية وهذا يعكس الدور الاستراتيجي للزراعة في تعزيز سيادة اليمن واستقلال قرارها السياسي. ولفت الحصن إلى أن ذلك يأتي في سياق تعزيز التوجه الزراعي المستقبلي ضمن الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، خصوصا مع ما شهدته بلادنا خلال السنوات الماضية من حصار وتجويع من قبل تحالف العدوان. توجه مستقبلي وقال مدير عام الإعلام التربوي بمكتب التربية والتعليم بمحافظة ذمار الاستاذ محمد علي صبر الميثالي، إن "المراكز الصيفية تركز على الكثير من الانشطة التي تأتي من ضمنها تعزيز الوعي الزراعي والاكتفاء الذاتي بتعريف الطلاب بأهمية الزراعة كأداة للانعتاق من التبعية الاقتصادية للخارج من خلال الدروس والمحاضرات وورش العمل التي يتعلم خلالها الطلاب المبادرات الزراعية بغرس الأشجار المثمرة وكيفية استغلال الأراضي الصالحة للزراعة بما في ذلك احواش المنازل". وبين أن الأنشطة الزراعية تحفز الطلاب وتعزز مهاراتهم الزراعية باعتبارها مهنة أصيلة متجذرة في المجتمع الذي استطاع الإنسان اليمني تسخير الطبيعة ليجعل منها مدرجات زراعية لتكون هي المصدر الأساسي للغذاء، بالإضافة إلى السدود التي تعود لآلاف السنين لري الزراعة. نشر الوعي الزراعي من جانبه أشار مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة ذمار الدكتور عادل علي عمر، إلى أن تدشين الأنشطة الزراعية التنموية في المدارس الصيفية، تهدف إلى نشر الوعي الزراعي بين النشء والشباب بما يحقق التنمية المجتمعية من خلال تعزيز ارتباطهم بالأرض وبالقطاع الزراعي. وأوضح أن تطوير القطاع الزراعي ركيزة اساسية للتنمية المستقبلية يقع على عاتق الجميع بما في ذلك الشباب من خلال زراعة المحاصيل المختلفة، لضمان تحقيق الأمن الغذائي كأولوية وطنية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي. وأكد الدكتور عمر أن تحقيق النهضة الزراعية المستدامة في بلادنا تحتاج لتعزيز ثقافة الوعي التعاوني والمشاركة المجتمعية ورسم مسارات مختلفة تبدأ من الحاضر لتقوم على اساس الابتكار وتطوير أساليب الزراعة، التي لن تكتمل العزة والكرامة لأي بلد الا وفق مبدأ "نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع". وشدد على ضرورة إعادة الروح الزراعية إلى الجسد اليمني من خلال توعية الجيل الحاضر بأهمية التوسع في زراعة الخضروات والمحاصيل المختلفة بعيدا عن زراعة شجرة القات التي تستنزف مصادر المياه الجوفية وتهدر الأموال وتدمر الأراضي. قيم الاكتفاء الذاتي من جهته أوضح الأستاذ محمد أحمد عبدالله النائب العلوي، أحد العاملين في مركز الحسن الهمداني الصيفي أن المراكز الصيفية بمثابة منصة حيوية لتعزيز الثقافة الزراعية وترسيخ قيم الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي، ومن خلال هذه البرامج يمكن بناء جيل قادر على مواجهة التحديات في تحقيق الأمن الغذائي. وأشار إلى أن تعميق الوعي الزراعي ليس خيارا بل ضرورة لمواجهة الحصار الاقتصادي وتعزيز الصمود الوطني واستعادة مجد اليمن الزراعي الغذائي يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات التعليمية والزراعية لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية. الموروث الزراعي فيما استعرض مدير مركز الشهيد طه المداني الصيفي بمديرية الرضمة، الاستاذ زيد العكاد، أهمية البرامج والأنشطة الزراعية في المراكز الصيفية في تعزيز الانتماء الوطني، من خلال اشراك الطلاب بالعمل في الحقول ومشاركتهم أسرهم في زراعة الأرض، مشددا على ضرورة أن تكون هناك رحلات ميدانية لطلاب المدارس الصيفية وذلك بالتنسيق مع الجمعيات الزراعية للاطلاع على تجارب الجمعيات والنجاحات التي حققتها ليدركوا قيمة الأرض كجزء من الهوية الإيمانية وبما يعزز روح المقاومة والصمود في وجه الأعداء. وأفاد أن الأنشطة الزراعية ترسخ الموروث الزراعي العريق بين الابناء لاسيما في المناطق الريفية باعتبارها مصدر للغذاء اعتمد عليها الآباء والأجداد الذين كانوا ينعمون بالتنمية والاكتفاء الذاتي دون الاحتياج لاستيراد الأغذية المعلبة غير الصحية كما هو حالنا في الوقت الراهن. وأشار الاستاذ العكاد إلى أن النجاحات التي حققتها المراكز الصيفية طيلة السنوات الماضية انطلاقا من الثقافة القرآنية بين الطلاب بغرس الأشجار المثمرة، الذي نأمل أن يتم رفد المراكز الصيفية بالشتلات والتوسع بزراعتها في المناطق ذات الأراضي الخصبة تحقيقا للمشروع الذي أعلنه الرئيس الشهيد صالح الصماد، تحت شعار "يد تحمي ويد تبني". وشدد على ضرورة أن تتبنى الجهات المعنية بتوفير شتلات الاشجار المثمرة لكل المدارس الصيفية بالمديريات وفق قاعدة البيانات السنوية بأعداد الملتحقين ليقوم كل طالب بغرسها ورعايتها كإحدى مخرجات المراكز الصيفية المتعددة ليكون لدينا سنويا مئات الآلاف من الأشجار المثمرة وبهذه الطريقة تصبح لدينا ملايين الأشجار المنتجة خلال سنوات وجيزة. توسيع الأنشطة ويرى عدد من العاملين بالمراكز الصيفية بضرورة توسيع الانشطة الزراعية الميدانية لاسيما في المديريات الريفية من خلال تعزيز التعاون بين المراكز والجمعيات الزراعية لتوسيع مدارك ومعرفة الطلاب بالأنشطة الزراعية التي تنفذها الجمعيات وفق البناء المؤسسي والتعرف على مواسم الزراعة والتقنيات الحديثة التي تتبعها ومراحل متابعة المزروعات وصولا للحصاد وجني الثمار والمحاصيل الزراعية، واكساب الطلاب معلومات بأهمية التسويق الزراعي الذي يمثل أهم مرتكزات النجاح الزراعي في وصول المحاصيل للمستهلك بجودة عالية. وأكدوا على أهمية تكثيف نشر التوعية بمخاطر أضرار زراعة شجرة "القات" على حاضر ومستقبل اليمن، وتشجيع الشباب على تنفيذ المبادرات الزراعية المختلفة.