مجيدة محمدي الطبيعةُ تكتفي بأربعةٍ ، رعشةُ الندى في ربيعٍ أخضر، لهيبُ يوليو حين يغضب، خريفٌ يُسْقِطُ الأملَ عن الأغصان، وشتاء… يشحذُ الريحَ كي تنحتَ الوحدة في النوافذ. أما أنا، فلي فصلٌ خامسٌ لا يُذاعُ في نشراتِ الطقس، ولا يراهُ القمرُ حين يُدوّنُ ملاحظاته على صفحةِ البحر. فصلي الخامسُ هو طابوري السريُّ في الوطنِ الذي يختبئُ في صدري، هو الجهةُ الخامسةُ حين تتصارعُ الجهاتُ الأربعُ على قراري. فيهِ أدفنُ ما تبقّى من أحلامي التي لم تجدْ مأوى في ربيع، وأحملُ فيه رمادَ طموحي الذي أطفأهُ القيظُ قبل أن يصيرَ نارًا. فيهُ… أشربُ مرارةَ الفشلِ من كؤوسِ الانتصاراتِ المبتورة، وأعيدُ رسمَ ماضيّ بألوانٍ لا تراها العين، وأكتبُ مستقبلًا على هامشِ دفترٍ ممزّق. الفصلُ الخامسُ… هو يومُ عطلةِ الزمان، حين ينزوي القدرُ في زاويةٍ معتمة ويتركُ لي القيادة. فيه أنا، أنا فقط، بعيدًا عن ترتيبِ الطبيعةِ وصخبِ البشرية. أنا بصيغتي المجردة، خارجَ اللغةِ، خارجَ المواعيدِ، خارجَ كل شيء… إلا داخلي.