قابلهم بوجه مبتسم كأن الدنيا بخير، وقال: "حيا بكم يا عيال البرتقالة" قابلهم بوجه مبتسم كأن الدنيا بخير، وقال: "حيا بكم يا عيال البرتقالة" وما إن قالها، حتى ابتلعت البرتقالة نفسها من فرط الخجل. ثم وقف وقفة الزاهد التائب، ورفع سبابته نحو السماء قائلاً: "أعدكم.. وعد الشرفاء، سأقنعكم بكل جهدي أنني أعيش بين جماعة من اللصوص، أكلوا الأخضر، ويقضمون اليابس حالياً، وأنا لا حول لي ولا قوة"
تنهّد، مسح جبينه من عرق الكلمات، واستشهد بالأخ المهاجر إلى المناصب الدكتور بن مبارك، وقال: "كما فعل أخي قبلي، جيئ بي مرغما كما جاءوا بمن قبلي، وسأغادر مثله بعد أن أترك أحدكم مكاناً لي، فتبادل المواقع لدينا سنة مؤكدة"
ضحك البرتقاليون قليلاً، ثم تذكروا أن الضحك في حضرة النفاق جريمة مشهودة، فعبسوا. قالها صلاح أحمد السقلدي بشك واضح: – "أنت تكذب، كغيرك يا ملعون الجدف" فردّ رئيس الوزراء بحنكة العاجز: "هاتوا المصحف أحلف لكم"
وهنا بدأت الفضيحة. أُطلقت صافرات البحث عن "مصحف "علي" في معاشيق"... كل المكاتب، والاجتماعات، وقاعات النفاق، فتّشوها. وجدوا أوراقاً كثيرة، ملفات فساد مرقمة، تقارير منسية، خطابات قديمة لم تُنفذ، وحتى توجيهات مكتوبة بالحبر السري... لكن لا مصحف سوى قصاصة من "سورة المنافقون".
المصلى الوحيد هناك، كان يتيمًا حزينًا، بلا كتاب، بلا سجاد، إلا من بقايا سجادة حمراء كانت مخصصة للاستقبالات. فقال لهم الجعدي: – "المصحف في قلبي، أما معاشيق فخالية منه"
أخلي سبيل الوفد، على أمل أن يعودوا ومعهم مصحف ليُستأنف العرض، ويُكمل حضرته القسم. أما نحن، فما زلنا ننتظر المصحف... وننتظر أن يقسم معالي رئيس الوزراء، براس أمه، أنهم لصوص مستأجرة، وعيال سوق مع مرتبة الشرف.