تمر السنون والأيام في اليمن ونحن في صراعات متعددة الأشكال والمصادر والمرجعيات ، وغالبية صراعاتنا اذا لم تكن جميعها ذات مرجعيه خارجيه ، يلعب بنا كيمنيين أينما كنا في اليمن شماله وجنوبه الآخرون وفق هواهم ومصالحهم . لقد أصبحت بلادنا ملعب ونحن الأدوات واللاعبون في الخارج متنعمون بعيشتهم وحياتهم في بلدانهم وماعليهم سوى الدفع بالمال والدمى تتحرك وتحرك البسطاء والشارع يشتعل حرارة في العقول والجوف لتصل الى اشعال الأرض ومن عليها ، بل وصلنا الى أن نكون ساحة صراعات مرة بين الشرق والغرب وأخرى بين سنة وشيعه وربما الثالثة قد تكون بين من هم ينتمون لجنوب أو لشمال . لدينا من العقول من يتقنون اشعال الحرائق ويُدَمِر أكثر مما نملك من العقول التي تُعَمِر . لم تعد مصلحة الوطن هي الفيصل والحكم فيما نفكر ونعمل ونسعى ، لقد طغت على عقول الكثير أهداف مرجعياتنا وتفكيرنا المناطقي والطائفي بل ذهب البعض الى أن يبحث عن تاريخنا قبل مئات السنين ومع من كنا مع هذا الصحابي أو مع ذاك .. ! تأتي مناسباتنا من سبتمبر الى أكتوبر الى نوفمبر الى عيد الوحده وتجد انقسامآ يشرخ المجتمع وكل يرفع صور معبوده ، لدرجة أننا لو قسمنا الشعب الى أجيال سنجد تقسيمآ في قلوبهم وعقولهم يجرون من خلاله أحداث حصلت في زمنهم وكانوا هم الضحايا ومع ذلك يتناسون ، والمضحك المبكي أن أجيالا ترفع صورآ لأشخاص عفى عليها الزمن وتضرر منها المجتمع وهم لايدرون أو يعلمون أن هؤلاء هم سبب مآسي وتأخر المجتمع ، في عهد وزمن لم يعيشوه أو لم يلدوا فيه بعد ، والمؤلم أكثر أن كثيرآ من الشعب اليمني يقدس أشخاصآ ويعبُدُهم ويسعى لعودتهم لحكمه وهم جهله في السياسه والأقتصاد والأداره ، وكأن المجتمع قد خلى من الكوادر المتعلمه والبعيده عن الميول الحزبيه والمناطقيه والطائفيه ، ومايعتصر القلب ألمآ هنا أن الكثير لازال مغيبآ عن هذه النقطة الهامه ومسيطر على عقله وتفكيره اسطوانة مناضل وثائر رغم أنه عفى عليها الزمن ونحن في القرن الواحد والعشرون وأصبح اتجاه المجتمعات والدول الى الكوادر المتعلمه والمميزه في المجتمع في الشؤون العلميه والأقتصاديه وليس النضاليه والثورجيه . يحتار المرء أمام عقول فارغه من الشباب لاتتعظ من التاريخ وأحداثه ولازالت بقاياه وأفراده يعيشون بين ظهرانينا مكرمين معززين مناضلين ثوريين ويالسخرية القدر وهم يتلمسون العذر من تاريخ أسود صنعوه لنا وعشناه بمراره وحرقه ، ومسلسل أحداث سوداء ذهب ضحيتها آلاف من البشر من الضالع ويافع وشبوه وبقيت في القلوب حرقة الأنتقام الى يومنا هذا . تلك الفئات ممن أطلق عليهم المناضلين يقينآ ليس هدفهم مصلحة الوطن أبدآ ولكن الأنتقام ممن أزاحهم وكشفهم وعراهم من المسرح ، والمستقبل على يدهم يبشر بأيام سوداء وحمراء فمن شاب على شي شاب عليه . وآخرون يستعملون الدين كفزاعه ويمارسون شعوذه باسم الدين ويحيكون مؤامراتهم ليس من أجل الدين أو أن الأسلام هو الحل والمنقذ لكل مآسينا كيمنيين أو كبشر ولكن من أجل الوصول للسلطه باسم الدين وبعد ذلك سنعود للعصر الحجري ، الأسلام هو الحل شعار تبناه الأخوان المسلمون في حقبة الثمانينات للوصول للسلطه وعندما وصلوا أقصوا الآخرين وطغوا. يقف الأنسان اليمني البسيط محتارآ أمام عواصف الأحداث في الوطن ، فأنصار الله وكذلك الأخوان المسلمون هدفهم معروف ومكشوف وان تلبس بالشريعه انما استغلالآ لحب الناس وتقديسهم للدين ولكن الغايه تبرر الوسيله وغايتهم هي السلطه وملذاتها . والطرف الآخر يدندن ويدغدغ مشاعر بسطاء من أهلنا لم يعيشوا أيامنا السوداء حيث كنا مقيدين ليس باليدين والرجلين بل حتى بالفكر والمذهب والدين ، والغريب أنهم أقصونا و تسلطوا علينا نحن في حضرموت وشبوه ( مثلا ) وهم على بعد مئات الكيلومترات منا ومن عاداتنا وطباعنا ، واليوم يوعدوننا أنهم حريصين علينا بعد أن ظهرت خيرات مناطقنا فهل ننسى حديث الرسول الكريم ( لايُقْرَصُ المؤمنُ من جُحَرِ مرتين ) يقيني وقناعتي أن الحل بالفعل هو تنفيذ أرادة وأماني وطموحات نظام الأقاليم ، ففيه البعد عن التسلط وحرية أهل المكان في رؤية مصلحتهم ومناطقهم وفقآ لعاداتهم وتقاليدهم وتاريخ حياتهم ، واستغلال لثرواتهم الفكريه والعلميه والطبيعيه وبعيدآ عن من أعتاد على التسلط وروح الأنتقام والأيام بيننا شهود .