في نهاية حلقة الليلة من برنامج عن حزب البعث في قناة العالم، قال أحد الاكراد: يجب ألا نلقي بالمسؤولية على صدام ولا على حسن المجيد، بل على ايدلوجية البعث. كونها ايدلوجية قومية متطرفة ومتشددة. وهذا بالضبط ما ينطبق على القضية الجنوبية. انها قضية اوجدتها ايدلوجية متطرفة عن ما يسمى الوحدة اليمنية. فهي التي دفعت بالنظام الشمولي الذي تبنى هذه الايدلوجية برمي الجنوب والشعب في أحضان نظام قبلي متخلف، زاخر بالمشاكل المعقدة، دون أن يكلف نفسه أخذ رأي الشعب الجنوبي، وهى ايدلوجية استغلتها دولة القبيلة لتضم الجنوب وتحتله وتفرض دولتها هي ونظامها هي، مستبيحة كل حقوق الشعب الجنوبي حتى دماء الأطفال والنساء. وهذه ما قيل من قبل، وأن الجنوب صحية ايدلوجية. والمسؤولية ليست مسؤولية صالح ولا من معه من رموز نضامه. لكن حقيقية أن هذا الكردي وفق في إيصال الفكرة من أيسر الطرق. نعم ، لا يتحمل المسؤولية علي عبدالله صالح ولا الزنداني ولا بقية المجرمين، بل هي مسؤولية هذه الايدلوجية التي أعطت الغطاء لهؤلاء كاملا في أن يرتكبوا ما ارتكبوا. والتي ما تزال تسوق وتستغل إلى الآن مثلما كانت في الماضي، وبنغمات جديدة كالوطنية اليمنية والهوية اليمنية، التي معناها النهائي فليذهب الجنوبي إلى المزبلة، والإرادة هي ارادة من يحمل الوطنية اليمنية والهوية اليمنية ويدافع عنها، هو من يمتلك الشرعية، مثل "قوات الشرعية" التي غزت الجنوب واحتلته. ولولا هذه الايدلوجية لما كان هناك معنى لوصف قواتهم الغازية بقوات الشرعية، والجيش الجنوبي من أبناء الشعب الجنوبي وفي أرضه أصبح مجرد شرذمة من الانفصاليين المرتدين. وبناء على مقولة الوحدة اليمنية، والشعب اليمني الواحد الأشد لؤما، أصبح أي حديث عن مصير شعب سلمه اغبياء دون حسبان ، اقول: أصبح مجرد الحديث إجراما، والمطالبة به خيانة وردة. والتمسك باسم مستقل للجنوب، كالجنوب العربي، شيء لا يدل على أصالة. فمن حق الإمام مثلا أن يسمى دولته المملكة المتوكلية الهاشمية، ومن حق عمان الا تعترف باسم 3اليمن، ومن حق أهل المنطقة من الطائف إلى نجران الا يستخدموا اسم اليمن لأنه اسم تاريخي لمنطقة واسعة وأصبح في ذمة التاريخ. إلا الشعب الجنوبي، فقد فرض عليه الله اسم اليمن المقدس. لان اسم مستقل معناه انك شعب مستقل، والقول ان الجنوب شعب بقية الشعوب لا يجوز في عرف الإنسانية اليمنية، لان الله لم يخلق الجنوب بجينات خاصة، بل خلق شعب يمني له جينات خاصة ليست لدى أحد من العالمين لا تبيح للجنوب أن يكون شعبا كبقية الشعوب، فالشعوب لا تحددها الإرادة وغيرها من العوامل التي شكلتها بل الحينات، ولا يوجد فرق بين المفهوم الحيني والسياسي للشعب. وقلبت الأمور رأسا على عقب، فصار لشعب آخر ودولة أخرى، وسلطة من خارج الحدود جاءت على ظهور الدبابات مطلق الشرعية ، وهي التي تمثل الحق، ومثقفيها مع مجرميها عنوان العدل والشرعية. ومن يقول غير قولهم اما حاقد على اليمن، يحمل الكراهية ولا توجد عنده إنسانية. أو مرتزق من الصومال او الهند، وهم معلمي الحق والإنسانية والحب والاصالة. هناك مسؤولية اخلاقية وأدبية وسياسية، ويجب ألا تحصر في المسؤولية الجنائية، ولا يجب الخلط بينهما. المسؤولية الجنائية لن تطال سوى أشخاص. لكن المسؤولية الأخلاقية والسياسية تطال كل من لا يعترف بإرادة الشعب الجنوبي وحقه في تقرير مصيره، وكل من يدعم وضع القوة المفروض على الجنوب، وكل من يدعم وجود هذه القوات الغازية في أرض الجنوب ويرى وجودها شرعيا. ما الفرق بين هؤلاء وعلي صالح وبقية اللصوص والمجرمين الذين معه؟ وهذه حالة الغالبية في العربية اليمنية. ولذلك فهم يتحملون مسؤولية إنكار الحق ودعم الباطل كشعب، ولولا دعمهم هذا 33 لنتهى الإشكال. ومن له نصيب أكبر في المسؤولية الأخلاقية والسياسية هم مثقفي هذا الاحتلال الذين ينظرون له أو يبحثون له عن مبررات لا تضع اطلاقا ارادة الشعب الجنوبي في اعتبارها، بل هي مخارج للهروب منها والالتفاف عليها.