أولاً لنُنحي نظرية المؤامرة عن الحكم قليلاً..وتنحية نظرية المؤامرة هنا ليست مقتصرة على هيئة ظهورنا- نحن الجنوبيين- كالأغبياء,كما قد يعتقد البعض,ولكنها تنحية من وحي حديثنا هذا عن حدث الاعتصام الشعبي الجنوبي اليوم الذي يراه البعض خطوة تآمرية على الثورة الجنوبية! إذن هي تنحية مسببة بالتسليم بواقعية حدث الاعتصام! يُخيل لي أن قدرية الاعتصام الشعبي الجنوبي اليوم في الساحات قد أتاحت للجان الإشرافية المنظمة لجمهور المعتصمين الجنوبيين في كلا من عدن و المكلا فرصة خوض تجربة الرئيس هادي في الحكم! ,أتمنى أن يؤخذ طرحي هذا من انعكاس مرآة الوضعية المتشابهة فقط! الوضعية التي نتعاطف عندها مع هادي كثيرا , في هذه المشابهة القدرية العجيبة ها قد قُدر اليوم لهذه اللجان الإشرافية وهي تسعى للقبض بيمناها على جمرة الإدارة و السيطرة على فعاليات وبرامج الاعتصام الجنوبي في جمهورية واحد كيلو متر مربع حرية واستقلال أن تسعى للقبض بيسراها على ماء التوافق على رأي ثوري واحد يُمكنها من إحراز التقدم المأمول! ويوم عن يوم يمر من عمر الاعتصام الجنوبي في هذه الجمهورية الصغيرة المحكومة بقرارات وخيارات اللجنة الإشرافية الباحثة عن التوافق إرضاءً لكل الفصائل الحراكية الجنوبية يزداد سخط وانتقاد جمهور الثوار الجنوبيين لها, الثوار المشكلَين أصلاً من أهواء و رؤى فصائلهم الحراكية المتضاربة والمختلفة ,فهذه الخطوة الثورية لا يريدها هذا الفصيل وهذه الخطوة الثورية يتبناها ذاك الفصيل وو..هلم جرا..فتضطر اللجنة الإشرافية إلى خوض غمار تجربة الرئيس هادي تجربة البحث عن صيغة ثورية توافقية, التجربة الهادوية الاستثنائية المريرة الباحثة دائما وأبدا عن صيغة سياسية توافقية تجمع الفرقاء الشركاء في العمل السياسي اليمني على طاولة حوار واحدة ..و ما إن يحدث الاتفاق على التوافق إلا ويفتعل الاختلاف والتراشق! مع تسليمنا بنقطة التقاطع العمومية بين التجربة الهادوية الاستثنائية وتجربة اللجان الإشرافية على الاعتصام الجنوبي المفتوح,إلا انه لا بد من الإشارة إلى نقطتي التباين والاختلاف المتضادتين في هذا المقام :- النقطة الأولى والتي تصب في مصلحة الرئيس هادي هي سهولة مهمة الرئيس هادي "مهمة إيجاد صيغة سياسية توافقية " -لأن آلية البحث عن التوافق في العمل السياسي مفهومة ومطلوبة وهي آلية ديمقراطية - وصعوبة مهمة اللجان الإشرافية على الاعتصام الجنوبي المفتوح "مهمة إيجاد صيغة ثورية توافقية" لأنه من غير المفهوم البحث عن آلية توافق في العمل الثوري,أي انك في سبيل هذا السعي تسعى لديمقرطة الثورة..وهذا لا يرد في الحسبان الثوري أبدا! - هذا هو بالضبط الذي يضع اللجان الإشرافية على الاعتصام الجنوبي وفعالياته الثورية في وضعية حرجة جدا ..ربما تفوق حرج وضعية الرئيس هادي صاحب الأسبقية الباحثة عن التوافق! النقطة الثانية والتي تصب في مصلحة اللجان الإشرافية على الاعتصام الجنوبي المفتوح هي بديهية مهمة البحث عن التوافق رغم صعوبته في الفضاء الذي يخصك ويعنيك الفضاء الجنوبي, وغرائبية مهمة الرئيس هادي مهمة البحث عن التوافق في الفضاء الذي لا يخصك ولا يعنيك الفضاء الشمالي!. ومن وحي تجربة الرئيس هادي باعتبارها التجربة الشهيرة في مهمة البحث عن التوافق يخيل لي أيضا أن كلا من الدكتور محمد حيدرة مسدوس والشيخ صالح بن فريد العولقي والشيخ عبد الرب النقيب بمبادراتهم التوافقية ومعهم أيضا اللجنة الإشرافية على المؤتمر الجنوبي الجامع ,الباحثة هي أيضا عن توافق جنوبي, جميعهم قد مروا بنفس تجربة الرئيس هادي في الحكم الباحثة عن توافق وحل وسط فسئموا ولسان حالهم جميعا يقول وأنا معهم: هادي..لا أبالك يسأمُ!