أعلن مستشار الرئيس اليمني عن جماعة الحوثيين صالح الصماد انسحابه من المفاوضات بين جماعته والسلطة، كاشفاً ضمناً عن تحرك حوثي مقبل لإطاحة «حكومة الكفاءات» الجديدة وفرض «حكومة ثورية» ونزع سلطات الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي تتهمه الجماعة بعدم الاستجابة لمزيد من مطالبها، المتمثلة في إحلال المزيد من عناصرها في الأجهزة السيادية والمؤسسات المدنية والعسكرية. إلى ذلك، خرج أمس آلاف المتظاهرين في الحديدةوتعز رفضاً لما وصفوه ب «حوثنة مؤسسات الدولة» وممارسة الانتقائية في تنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة الموقع مع جماعة الحوثيين، في وقت أفادت مصادر أمنية بمقتل خمسة على الأقل من عناصر الجماعة في هجومين منفصلين لتنظيم «القاعدة» استهدفا دوريتين في محافظة البيضاء. وتزامنت هذه التطورات مع إخفاق اللجنة الرئاسية التي يقودها منذ أيام وزيرا الدفاع والداخلية في التوصل إلى اتفاق ينزع فتيل التوتر القائم بين الحوثيين ومسلحي القبائل في محافظة مأرب النفطية التي تحاول الجماعة منذ أسابيع اقتحامها للسيطرة على مصادر النفط والغاز وخطوط الطاقة الرئيسة. وعلى نحو مفاجئ أعلن مستشار هادي عن جماعة الحوثيين صالح الصماد، انسحابه من عملية التفاوض المستمرة بين جماعته من جهة والرئاسة والحكومة من جهة أخرى، الرامية إلى تحقيق مطالب الحوثيين واستيعاب عناصرهم في أجهزة الدولة ومؤسساتها وتمكينهم من القرار السياسي والأمني. واعترف الصماد في منشور على صفحته الرسمية في «فايسبوك»، بوصول حالة الخلاف إلى مرحلة خطيرة «اتسع فيها الخرق على الراتق» وفق تعبيره. وقال: «أنا مضطر للتواري والابتعاد من المشهد في هذا الظرف وأتمنى أن تصل الرئاسة والحكومة والمكونات إلى رؤية تضمن الشراكة مع الثوار (الحوثيين) وتعترف بثورة الشعب وتضع حداً للاضطراب السياسي». وأضاف «لست مستعداً بعد اليوم للتدخل في حل أي إشكال يتعلق بفرض الشراكة أو منعها، فقد بذلت كل ما بوسعي لتلافي أن تصل الأمور إلى هذا الوضع ولكن دون جدوى». كما حمّل الصماد الرئيس هادي والحكومة مسؤولية عدم الاستماع لنصائحه مقابل إصرار جماعته على «فرض الشراكة ومحاربة الفساد وتثبيت الأمن». وفيما كشف تصريح المسؤول الحوثي البارز ضمناً عن نية مبيتة لدى جماعته لإطاحة حكومة الكفاءات الجديدة وسلب سلطات الرئيس هادي والاستيلاء على قرار الدولة السياسي والإداري كاملاً، شن قادة الجماعة وكبار ناشطيها هجوماً حاداً على هادي وحكومة خالد بحاح، ملوحين بفرض «حكومة ثورية» جديدة. وتطالب الجماعة الرئيس هادي والحكومة بإحلال المزيد من عناصرها في شتى أجهزة الدولة السيادية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والرقابية، على رغم أنها باتت بحكم الأمر الواقع وعبر لجانها المسلحة، المتحكمَ الوحيد في شؤون البلد منذ سقوط صنعاء في قبضتها في أيلول (سبتمبر) الماضي واجتياحها أغلب المحافظات الشمالية والغربية. في غضون ذلك، تظاهر الآلاف في مدينة الحديدة أمس وأقاموا صلاة الجمعة في ساحة «الحرية» تحت شعار «لا لحوثنة الدولة وقمع الصحافيين»، كما خرج الآلاف في مدينة تعز التي تحاول الجماعة فرض سيطرتها عليها للمطالبة بتنفيذ اتفاق»السلم والشراكة» دون انتقاء أو اجتزاء. وأفادت مصادر أمنية في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، بأن خمسة حوثيين على الأقل قتلوا أمس وأصيب ثلاثة في هجومين منفصلين لتنظيم «القاعدة» استهدف دوريتين للجماعة في منطقتي خبزة والمناسح التابعة لقبائل قيفة، وذلك بعد يوم من هجوم مماثل أسقط ستة حوثيين قرب رداع. ويرابط آلاف من مسلحي الجماعة على تخوم محافظة مأرب منذ أسابيع يقابلهم آلاف من مسلحي القبائل المحتشدين في معسكرات لصد أي محاولة لاجتياح المحافظة النفطية، في وقت أكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن اللجنة التي أوفدها قبل أيام الرئيس هادي لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة بين الطرفين برئاسة وزير الدفاع محمود الصبيحي ومعه وزير الداخلية جلال الرويشان، أخفقت حتى الآن في التوصل إلى اتفاق يبدد نذر الحرب المرتقبة.