الهزيمة مُرِّة وتتاليها أِشد مرارة لكن الهزائم على تنوعها تُعلِّم أصحابها دروس مهمة جداً تؤهلهم في خاتمة المطاف كيف ينتصروا ويوجهوا الضربة القاضية لخصومهم . وبخاصة عندما يكونوا المنهزمين أصحاب حق مُبين لأن الحق طالما هم واثقون من امتلاكه يصير دائماً الدافع الذي لا يتزعزع في أعماقهم مهما واجهوا من هزائم لأن السبب غالباً يكون هنا نتيجة لعدم التكافؤ في القوة أو لسوء في التخطيط أو لضعف في الاصطفاف والافتقار للقيادة الفذَة المخلصة . لذا يقال دائماً بأن انتصار الباطل على الحق يعد هزيمة مؤقتة وليست أمراً مستديماً مهما ترى للطرف المستقوي بقوة الباطل . إن الموازنة بين طرف وآخر من حيث القوة تعد موازنة غير صحيحة لأن الأساس هو أن نقارن بين الحق والباطل وأيهما المؤهل للبقاء . ويقيننا نحن أبناء الجنوب إننا أصحاب حق مُبين لا غبار أو تشكك حوله مهما تكاثفت علينا المؤامرات ومهما أمتلك المحتلون من قوة وبأس وحبكوا من دسائس ، فلابد أن نصل إلى يوم النصر المؤزّر الذي يتم فيه استرجاع وطننا وعزتنا وكرامتنا . ولنكن على يقين وثبات من أن عامل الزمن الذي يحتسب المحتل في طول أمده ونحن تحت قبضته بأنه سيكون مبعث يأسنا من تحقيق استقلال بلدنا الجنوب إنما هو وهم في وهم ، لأن استطالة الزمن وتعدد أسباب الانكسارات في حساب الذين يناضلون من اجل تحرير أوطانهم لا تعد أكثر من عوامل صهر للرجال إذ تبلغ المقاومة أشدّها وبوافر من الخبرة والمهارة والاصطفاف القوي يتم قهر المحتل مهما كان جبروته . لكن من المهم بل ومن المهم جداً جداًّ أن نشير وبكامل الوضوح إلى أن أخطر العوامل التي تربك الثورات التحررية وقد تصيبها في مقتل هو ما يفعله عملاء المحتل المدسوسين في صفوف جماهير البلد والمتاح لهم التحرك كيفما يشاءوا تحاشياً لحدوث فتنة تظر بالثورة وبالتواشج المجتمعي حتى ولو كانوا يجاهرون بأفعالهم المساندة لبقاء الاحتلال علناً مثلما هو حاصل في واقعنا اليوم ، فلكم قبلنا ولازلنا نقبل على مضض آراء أولئك القلّة المناصرين لسياسة المحتل من منطلق أن للآخرين الحق في إبداء اراءهم ، حتى ولو كانت آراء هؤلاء القلّة بما هي عليه من حقارة تقف ضد إرادة شعب بكامله . هكذا بتنا نتقبل هذا الأمر على غرابته ، غير أنه من غير المقبول أبداً أن يصطبر الشعب الجنوبي على أولئك العملاء الذين ينفذون بالإنابة عن المحتل عملية تصفيات المناضلين الجنوبيين أمام منازلهم وفي شوارع شتى من مدن الجنوب والواشين بالنشطاء إلى منازلهم ليتم اقتيادهم وبكل بساطة إلى سجون الاحتلال . لا أدري صراحة كيف نغض الطرف عن مثل هذه الأفعال الفائقة في الدناءة والخيانة وكيف ممكن تقبُّل مسمى ( تحاشي الفتنة ) وهؤلاء المجرمين يزدادوا توغلاً في القتل والوشاية ، أليس من الضروري جداً الرد على هؤلاء الذين ينفذون بأبنائنا ما عجز عنه المحتل ، ثم هل من رد آخر على أولئك الأفراد الذين ينصبون أنفسهم ممثلين لشعب الجنوب وشعب الجنوب منهم براء . الشعب الجنوبي بالملايين يقول في الميادين : لا تفاوض لا حوار نحن أصحاب القرار ) ثم يردد : ( يا جنوبي علّي الصوت الاستقلال وإلا الموت ) فيأتي أولئك المكبكبين اللازجين في ذيل الاحتلال ليقولوا أنهم ممثلين لشعب يرفضهم ويلعنهم ليل نهار ، إن هؤلاء أجمعين هم الخطر الأكبر على الثورة الجنوبية ، فهل من أفعال رادعة تجاه هؤلاء المتعكثلين بإخطبوط الاحتلال ؟!