إن السرد البارع لمحاسن جيَف الإحتلال لايمكن أن يحقق المرتجى للزاحفين ببطونهم نحو الأقلمة مهما اغتصبوا من المفردات الساحرة ، لأن للكلمة الرائعة قُدسية لاتقبل الإندغام بالنتانة وحسبنا القول أن ( لاجمال للكلمة إلا في موضعها الصحيح ) . إني شخصياً يستوليني النفور والاشمئزاز من أولئك الكتاب الجنوبيين القلَّة ( أسرى المصالح المؤقته ) الذين يوظفون فصاحتهم لصالح المستبدين المحتلين لأرضنا وبإسلوب يبدو لمن تنقصه الفطنة على إنهم محايدين فيما هم في حقيقة الامر مُوالين على إستحياء للمحتلين والأدل على ذلك مضاهة هؤلاء الكتاب الفاضحة بين نضال المقاومة الشعبية الجنوبية وهمجية المحتلين وإستخلاص نتيجة رخيصة مفادها ان إصرارنا على إسترجاع ارضنا المغتصبة هو السبب في تدهور اوضاعنا الحياتية وتصاعد جرع القتل لابنائنا وتدمير بيوتنا على رؤوسنا ، مما يعني حسب رأي هؤلاء الكتاب - الأُجراء - بأن علينا أن نتوقف عن نضالنا المشروع لإسترجاع دولتنا الجنوبية إن أردنا الأمان الذي لانعرف له مذاق ولا لون ولا رائحة منذ أن وطأة أقدام هذا المحتل الهتور لأرضنا .
والأسوأ من ذلك أن هؤلاء الكتاب على قلتهم بسبب غباءهم السياسي وإهتراء ضمائرهم تجدهم يبررون للمحتلين أفعالهم الجهنمية بسبب ممارسات من يسمونهم بالبلاطجة المعروف عن أغلبيتهم إنهم يتبعون الإحتلال نفسة ليتولّوا تنفيذ أدوار خسيسة لبلوغ مقاصده التي تستهدف تشويه الثورة الجنوبية وتبرر القمع العنيف لقواها الثورية الفاعلة.
ان الذي ندركه جيدا ان اي ثورة لا تخلو من الذين يسيئون إليها بشكل من الاشكال ولكن هؤلاء لايمكن مماثلتهم بالبلاطجة الذين يتحركون بإمكانيات دولة إحتلالية ، ويمكننا ان نرى ذلك بأكثر وضوح بتدقيق الرؤية عما يجري على ارض الجنوب كافة ودعوا المُسميًّات التي يبتكرها الإحتلال لأُولئك الذين ينفذون عمليات إجرامية على درجة من البشاعة والفظاعة في اماكن متفرقة .
فالحقيقة المتجلية أمامنا أن هؤلاء يمضون في تنفيذ أفعالهم الإجرامية بوفق طرائق ممنهجة ومدروسة لتشويه صورة الجنوب في مرأى العالم ولكي تكون هذه الصورة متساوقة مع مايفترون به من أن الجنوب إذا ما أنفصل وأقام دولته المستقلة سيكون مرتعاً للإرهاب ومصدر خطر على مصالح دول الإقليم والعالم . ولا أشك أن جماهير الجنوب التي قاست وتقاسي من ظلم ومكر هذا الإحتلال قد أضحت تعي ذلك جيداً ، وإنه لمن المعيب جداً أن ينبري من بيننا كاتب يساوي بين الجلاد والضحية ويتمادى في التبرير لأفعال المحتل الإجرامية ضد شعبه الأبي الذي أتصوره يخاطب هذا الكاتب المتنكِّر له بقول الشاعر الجواهري : ( لست تدري بالذي قاسيته فكيف تدري بطعم مالم تذُق ) .