بالأمس حلّت الذكرى الرابعة لمجرزة جمعة الكرامة التي شكلت أهم متحوّل في مسار ثورة 11 فبراير 2011م ، إن لجهة الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق شباب الثورة السلميين بدم بارد ، أم لجهة ما استتبع ذلك الجرم من جرائم لاحقة تحت مسمى انشقاق النظام وما حدث من مواجهات مسلحة على هامش الثورة السلمية بين فريقي الاغتيال والاحتيال ، وصولاً إلى المبادرة الخليجية التي قضت على ما تبقى من روح الثورة محولة كرامة اليمنيين إلى لا كرامة مستمرة حتى الذكرى الرابعة حيث نبلغها دون أن نحقق هدفاً من أهداف الثورة ودون أن نلمس حلماً من أحلام التغيير . صحيح أن ثورة أخرى تخلقت في 21 سبتمبر 2014م محاولة النهوض بثورة 11 فبراير 2011م ، نتيجة لسياسة الإقصاء التي سادت بالرغم من حوار دام قرابة عشرة أشهر إلا أن المسارات التي تضبط إيقاع الثورتين لا تزال مسارات يشوبها الكثير من عدم استشعار المسؤولية والكثير من روح الانتقام والكثير من الارتهان للخارج والكثير من الاستهانة بدماء اليمنيين وكرامتهم وحقوقهم المشروعة من صعدة حتى المهرة . كنا بعاصمة واحدة وثورة واحدة وبتنا بعاصمتين وثورتين وبلا وطن ولا كرامة في الذكرى الرابعة لجمعة الكرامة . كنا بفريقي الاغتيال والاحتيال وحكومة وفاق وأصبحنا بأكثر من فريق اغتيال وأكثر من عصابة احتيال وأكثر من حكومة نفاق . أرواح شهداء الكرامة وفق قراءة الأرض ومحاولة استشراف السماء لا تنتظر منا كرامة وقد انضمت لكوكبة شهداء 26 سبتمبر و14 أكتوبر الذين أخبروهم بأن نصف قرن لم تحقق أهداف تلكم الثورتين المجيدتين ولا شك أن عقوداً مقبلة ربما تحتاجه الثورتان اللاحقتان 11 فبراير و21 سبتمبر لتحققان استقراراً نسبياً بعد جولات صراع لا يبدو أنها ستتوقف على المدى المنظور . اللعبة أكبر من اللاعبين المرئيين ، وما سيترتب عليها سيعبر عن أكثر مظاهر انعدام الكرامة وانسداد الأحلام وانتهاك السيادة وانخلاع الباب وانكسار النافذة . وما اغتيال الصحافي عبد الكريم الخيواني في ذكرى جمعة الكرامة إلا تأكيداً لحقيقة أن الكرامة لا تستجلب بثورتين شعبيتين وشعارات مؤيدة ومناهضة بل بثورة واحدة للضمير والوعي والأخلاق ... الكرامة ليست هدفاَ سياسياً نسعى لتحقيقه بل غاية أخلاقية أهم وسائل النهوض بها هو الإيمان بإنسانية الإنسان المقرونة بالحرية والتعدد والتنوع والاختلاف ، إذ لا يمكن لدعاة الولاء المطلق والتطابق والتماثل والتشابه أن يصنعوا كرامة . لكزة ... الهجوم الإرهابي البشع والمُدان جملة وتفصيلاً الذي استهدف متحف باردو بتونس محاولة بائسة للنيل من التجربة التونسية الرائدة في التغيير ، ولسوف تتخطى تونس الخضراء هذه المحنة بقوة الوعي وبسلاح العلم والتمدن والحضارة الذي يتمنطق به أشقاؤنا "التوانسة" باقتدار في موطن شجر الزيتون وجامع الزيتونة ...!!!