ظهر الرئيس صالح في خطابه الأخير الذي وجهه لقادة القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ وهو يحاول إخراج الخطاب مقروءا دون جدوى لأن طبع الارتجال الخطابي لدى صالح غلب التطبع المتأخر على الخطاب المؤسسي المقروء! فبدا جليا خروجه عن النص المكتوب( هذا إن كان هناك نصا مكتوبا أصلا) من خلال التلويح بيده والحملقة المباشرة تجاه المشاهدين خلف الشاشة ،مما اضطر مستشاريه الإعلاميين إلى قص واجتزاء نشوز الكلام الخارج على النص ولصق اللائق باللائق( أو بالأحرى مايرونه هم لائقا) بخطابٍ مرسلٍ مستهلٍ بمخاطبة أصحاب الفخامة والمعالي والسمو( لعل صالح حينها أشبع رغبته بخيُلاء مخاطبة زملاء المهنة المفترضين ! رغم خلو مقاعد القمة من زملاءه الحقيقيين فمنهم من مات ومنهم من قتل ومن هرب ومنهم من سجن ومابدلوا تبديل!) وهذا القص واللصق الذي رأينا في الخطاب أخرج الخطاب مبتسرا هزيلا وكأننا أمام مشاهد عرض ترفيهي لكواليس عمل تلفزيوني قبل المنتجة والإخراج! هذا في ما يخص جانب هيئة الخطاب أما عن ما يخص مضمون الخطاب ورسالته فالغريب الملاحظ منه هي صدارة التأكيد الجوهري في الخطاب على أن الصراع الحاصل في اليمن اليوم هو صراع سياسي ،في إشارة إلى انتفاء البعد الطائفي منه ،البعد الذي أقام الجارة الكبرى ولم يقعدها فحشرت كل هذا الحشد الدولي عسكريا وسياسيا! لكن ماهي كلفة هذا التأكيد الموجه رسالة إلى الجارة الكبرى ودول الخليج خاصة؟ تعالوا لنقدر الكلفة معا: أولا: مثل هذا التأكيد الذي يظنه صالح تطميني هو في الحقيقة يأتي بطعم الاعتراف من صالح أن شبح الجماعة الحوثية الجماعة الطائفية غير حقيقي وأن من يقف وراء كل هذا هو أنا صالح ! هذا بدلالة تحديده جذر الصراع زمنيا عند أزمة 2011م،كما يصفها ويسميها ويسمي طرفها الإخوان المسلمين والمشترك، وتأكيده أكثر من مرة على الأربع السنوات التي تلت حكمه! إذا ما اعتبرنا أن الرئيس صالح يفند القضية اليمنية ويحدد جذرها الزمني واطرافها، إذن أين يقع الحوثيون من هذا التفنيد وهم يتربعون صدارة صراع اليوم؟ أين موقعهم من تفنيد صالح هذا ومن طاولة حوار دعا إليه في خطابه؟ الحوثيون مجموعة دمى أحركها متى أشاء وكيفما أشاء: هذا بالضبط ما قاله صالح في خطابه بالأمس، وكلفة هذا الاعتراف مضاف إليه خبر لقاء نجله بالإدارة السعودية وطبيعة عرضه عليهم الذي أشك أن يكون بصيغة طلب الأمان حسب صياغة الخبر الكيدية والأقرب أن يكون بصيغة ضرب الحوثيين عن طريق ضرب قيادتهم! ووأد الفزاعة الطائفية! ،كل هذا يجسد سؤالا ماثلا امامنا وامام صالح كشبح: هل يدرك الحوثيون ملعوب صالح ومكره بهم ؟ وهل هم اليوم في طريقهم لأن يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم؟! ما قاله صالح في خطابه بالأمس يحول دعوته وحزبه إلى وقف الأعمال العسكرية لأنصار الله ولعاصفة الحزم إلى نكتة حقيقية!