في ظرفٍ كالذي نمر به عصيب ، لا أحد يلوم قيادة اللجان الشعبية وهي تصدر بيانها الذي يطالب كل " شمالي" مغادرة عدن مؤقتاً حتى إشعارٍ آخر ، أما تبرير هذا الإجراء فنقرأه في المواقف التي تبناها بعض الإخوة الأعداء من أبناء اليمن الشقيق ، الذين يوهموننا بمزاولة عملهم في البسطات ومحلات صغيرة يتم تكديس الأسلحة بداخلها ، وفنادق تؤي القناصة ، ورائد في ثياب مدنية يقوم بغسيل السيارات فإذا بنا نفاجأ به وقد تمنطق بشريط رصاص مضاد الطائرات ، وتم نُشرت صورتان له في الفيس بوك في الوضعين المذكورين ، فهل على الجنوبي أن يبالغ في حسن الظن بينما تتنازع أوصاله الذئاب ، وكم دفع الثمن غالياً ابن الجنوب نتيجة الطيبة التي تتجاوز حدودها ويراها الخصوم ضرباً من البلاهة ، ويطمعون في نهش لحمه وامتصاص دمه ، إننا نقف أمام مسؤلية صيانة الأرواح البريئة ، أمام هذا الإستهداف الذي اتخذ وجوهاً متعددة ، فتارةً يُقتل شبابنا برصاص القناصة الجبناء ، وطوراً يَبث هؤلاء القادمون بحجة لقمة العيش سمومهم في شكل مساحيق مخدرات وخمور وهي أشد فتكاً من الرصاص . الذين يعرفون شعب الجنوب بأصالته وعراقته يدركون أنه شعب منفتح على الدنيا بموروثه الحضاري ، ويفتح صدره وقلبه للغريب ويؤثره على نفسه ، وهذه الصفات الحميدة اصبحت محل استهجان الأسراب المتخلفة في ثقافتها والمجبولة على استباحة كل محرّم ، إن الذين يسوّقون لخطاب غض الطرف لا يملكون تقديم ضمانات لمواطني الجنوب ، وليس بوسعهم كفّ أيدي العابثين عن الممتلكات الخاصة والعامة في هذا البلد المسالم ، ولهذا فلا تفسير لموقفهم سوى أنه يخدم سياسة المحتل في نشر البلبلة والفوضى ليزداد الطين بلة ، وهو الشيء الذي يجب إدراكه من لدن الجميع ، فكلما اشتدت وتيرة الحرب كثر اللصوص والمروّجون ، وحالات السلب والنهب ، وتصل حد إراقة الدماء وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . إن ما يواجهه الجنوب اليوم هي هجمة شرسة يسبقها شعار نكون أو لا نكون الذي يحمله أبناء اليمن ، ويتواطأ معهم للأسف ثلة من أبناء الجنوب الذين باعوا ضمائرهم للشيطان نظير حفنة من المال ، أو عرض من أعراض الدنيا ، دونما مراعاة لعين الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
أبناء عدن من أصول غير يمنية هم القلب النابض لهذه المدينة الخالدة ، وقد منحوها من جهدهم وعرقهم الكثير ، ولم يكونوا ذات يوم عبئاً عليها ، ولم يوجهو خناجرهم إلى خاصرتها مثلما يفعل الطامعون في التهامها بما جبلوا عليه من الطبع اللئيم ، الذي ذكره المتنبي في قوله : إذا أنت أكرمت الكريم ملكتهُ .. وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا .