هدى,,, ياصديقتي,,, نحن شعب ينزف دماً كل يوم, شعب يفنى, ووطن يقزم في الخراطة العربية كل عام. نموت ولا نعرف متى او لماذا؟ نستيقظ صباحاً ونجد وقد مات بعضنا او اصيب او تحول منزل صديق الى قبر لكل افراد العائلة, كم نشعر بذلك البؤس المتدفق في شفاه الاطفال والمفجوعين, المختلط بما شعر القهر والالم, لم يعد لنا غير الالم. تخيلي ان يكون صباحك ملطخ بالدم والدمار والوجع والكثير من النوح والدموع, صدقني لم نعد نبكي لان من يرحلون ويموتون كل يوم فوق استطاعتنا على البكاء. وطن يمزق وينحر ويذبح من الوريد الى الوريد, وطن يمر بأقسى ظروفه الانسانية والتي قد لا يحتملها اي شعب اخر, وطن تدمر مؤسساته وتقصف مخازن الغذاء وينعدم فيه الدواء وتدمر محطات توليد الطاقة وتتوقف الحركة بسبب انعدام المشتقات النفطية ويموت البسطاء بسبب عدم قدرتهم على العلاج. يموت مرضى الفشل الكلوي بسبب عدم وجود الطاقة الكهربائية لتشغيل الاجهزة الطبية, تنبعث الامراض والاوبئة من الارصفة التي امتلأت بجثث الابرياء والشباب والاطفال, والمقاتلين من الطرفين الصراع. نحن شعب نموت كل لحظة ونتجرع الصبر فوق طاقات احتمال البشر, ونختصر وجبات طعامنا الى وجه واحده في اليوم, نشعر بالجوع والعطش والخوف, ومع ذلك لا نعرف متى نقتل. هدى, ياوجع الصمت, ان بحثتي عن بلدي, ستجدين اليمن دائما يتربع عشر المراتب السفلى في اي تقرير دولي, ستجدين اليمن جائعاً ومريضاً وجاهلاً ومسلحاً ويشعر بالخوف دائماً, ستجدين اليمن بائساً دائماً, لكنه ما يزال ينبض بالأمل, والحب ويرغب كثيراً باسلام. صدقيني, اشعرني التسجيل المرئي الذي بعثته لي عن لقاءك العائلي مع اسرتك, بشيء من الفرح, كان مشهداً جميلاً ويوحي بالحب والدفء الذي يحاط بشقته الى لا تعرف نوافذها الرصاص, نحن كذلك لا نرغب بغير الحب والسلام والتعايش والدفء, لقد هزمنا الخوف والبرد. تتقزم احلامي لتصل الى حدها الادنى من الشعر بالسلام والرغبة في مواصلة الحياة, تتقزم طموحات ابناء شعبي في وطن يحتويهم. ياصديقتي, لا اعرف لماذا ابعث لك هذه الرسالة التي قد لا تجد الطريق اليك وقد ترمى في "المحذوفات" فمواقع التواصل الاجتماعي ليست طريقه جيدة للبوح للعظماء, وأنتي في نظري "عظيمة" ابعث لكي لشعوري بالقهر والحزن والوجع والعجز, صدقيني لا يهزم الانسان غير شعوره بالعجز,,, وانا بات عاجز تماماً.