خرجنا من حيناً السكني هايمين على وجوهنا ، مذعورين ولا مأوى لنا وليست هناك معسكرات للنازحين ، كما هوا حاصل في بعض البلدان التي بها اقتتال .. هناك مديريات محررة ، والكل متجه اليها، تحركنا على عجل وخوف، بعد ان عادت زوجتي من عند الجيران وهي خايفة، وتقول :ايش عاد باقي معانا جالسين، الجيران قدهم يربطوا شناطهم، ولا خاف تشتي نحنا ننتظر لمن تسقط العمارة فوق ريوسنا !! . اخذنا ملكية الشقة والأوراق المهمة وقليل من الملابس وما تبقى من مصروف الاسرة الشهري، مع العلم إننا لم نستلم مرتباتنا لشهر مارس 2015، بسبب الحرب . أغلقنا النوافذ والأبواب وجلسنا عند الباب الخارجي ندعي الله ان يرفع هذه الغمة ويعيدنا إلى شقتنا سالمين ، ان شا الله. كنت قد سبقت زوجتي إلى السيارة حاملا نشطة الملابس وانتظرت حتى أغلقت باب الشقة بالمفتاح والقفل وركبت بجانبي وبمجرد ما بدأت أحرك السيارة، إلا وزوجتي تنظر إلى باب العمارة وعيناها تنهمر بالدموع، حاولت أشد من عزيمتها،وقلت :لا تخافيش ، هي إلا يومين وبا ترجعي لبيتك وجيرانك، رفعت رأسها من بين كفيها، وهي تمسح دموعها، ونظرت ناحيتي ورأيت في عينيها الانكسار ، رثيت لحالنا وكدت أشاركها في البكاء، تكلمت بصوت مبحوح :امشي بس وقول الله يستر علينا في الطريق من المعلى إلا المنصورة، خاف نحصل نقاط تفتيش لهم هذولا الغزاة الملاعين، وما ان أنهت جملتها، إلا وتلعثمت وهي تتمتم بكلام غير مفهوم وهي شاخصة بعيونها إلا الطريق ، حيث صادفنا أول نقطة للغزاة الملاعين ، كما تسميهم زوجتي، ارتبكت وغطت وجهها بكفيها وهي تدعي، هدأت السرعة كان أمامي باص هايس أجرة يحمل نساء وأطفال ، لا زالت زوجتي تدعي وهي مغطية وجهها، وقالت جزعنا منهم؟ :اهلًا وسهلا ، مالها الحرمة مغطية وجهها !؟ شي بها ؟ قلت :لا ،لا بها بس رمد بعيونها، قال العسكري وهو يأشر بيده لنا لعبور النقطة يالله حن، والله يشفيها، مشيت ، وضحكت وقلت خلاص فساح فكي عيونك ،أخذت نفس عميق وزفرة زفرة وهي تقو ل : الحمد لله، الذي جزعنا منهم هذولا الهمج، طيب ليش غطيتي وجهك وخليتني اكذب وأقول انه فيبك رمد ؟ قالت :جالسة ادعي، وأقول :يارب لا تجعل عيوني تقع عليهم وأخرجنا من بينهم سالمين، وبعدين كيف تشتيني أشوف اللي قصفوا البيوت وقتلوا الأطفال ، وشردوا الأسر ؟؟ مررنا من جبل حديد وما ان وصلنا جولة فندق عدن ، إلا وتبين لنا حجم الدمار الهائل الذي لحق بالفندق وإحياء خور مكسر،زوجتي شهقت من هول الدمار وهي تبكي وتقول: ياربي رحمتك ايش دا !!!؟؟؟ حرام والله يدمروا خورمكسر كدا !! ايش فعلنا بهم، يا شيخ حتى لو نحنا يهود ما با يفعلوا بنا وبمدينتا كدا !!؟؟ دحين خليك من الكلام اللي تقولين وفكري فينا نحنا، قالت: ليش بالله ما وجعكش قلبك على هذا الدمار الكبير ؟ وجعنا قلبي، بس ايش نفعل، وقدامك نحنا هاربين من بيتنا، ورايحين عند أختك المنصورة، وفين عادك تشتيتا نروح، ما معانا إلا أختي نروح لا عندها، مؤقتا ، حتى تشوف لنا شقة إيجار ، شقة إيجار !!! هههههههههههههههههه أو !! ليش الضحكة دي كله، خاف كلامي يضحك ؟ ، يا حبيبتي من فين لنا فلوس ندفعها إيجار للشقة وأنتي عارفة إننا بدون راتب واللي معانا وبالله تكفي مصروف حق أسبوع ، آه ،آه، يا زوجي يا روحي دارية بالبئر وغطاءها وقد فكرت في هذي المشكلة ميت مرة، وعارفة ان بيت أختي مخزن وداره وهي متزوجة ومعاها زوجها وعيالها الخمسة، قاطعتها قائلا :يعني معك فلوس مخباية وخرجتيها وقت حاجتها الان ؟ والله انك زوجة رائعة ، قالت والحزن يكسو وجهها ، معي هذا ، وأخرجت من حقيبتها السلس الحلبي الذي تملكه المسكينة ، والله ان الدموع تنهمر من عيوني وانا أقود السيارة ، شاهدت زوجتي الوفية دموعي الصامتة ، والتصقت بي وهي تبكي وتقول :با يعوضني زوجي حبيبي وبا يجيب لي بدل السلس اثنين ،بس ان شاء الله نخرج من هذه الحرب منصورين.. آه ، نسيت أعرفكم بنفسي انا عماد مدرس ، وهذي زوجتي سوسن ربة بيت ولنا سنة أولى مع تحيات ابو سليم