في إطار التعاون الثقافي بين مصر وإسبانيا وتحت رعاية البيت العربي وهي مؤسسة عمومية تحت إشراف وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الاسبانية قدمت فرقة ام كلثوم للموسيقى العربية حفلتين في العاصمة الاسبانية مدريد واُخرى في قرطبة حيث أتحفت الجمهور وأغلبهم من الإسبان والأجانب بوصلات غنائية رائعة باعتبار الموسيقى والطرب لغة عالمية لاتحتاج الى ترجمة وشهدت حضورا كبيرالسماع الطرب الشرقي الأصيل من روائع ثراث كوكب الشرق ام كلثوم (30ديسمبر 1898-3فبراير 1975)في ذكرى وفاتها الأربعون حيث حضرنا السهرة الغنائية التي أقيمت مساء الخميس 21مايو 2015 على خشبة مسرح جونجورا(يحمل اسم الشاعر القرطبي لويس دي جونجورا) في وسط مدينة قرطبة رمز الروابط الثقافية بين الشرق والغرب. استهلت فرقة ام كلثوم في البداية بمقدمة موسيقية رائعة لأغنية حقابله بكره وملخص لاربع أغاني وهي ياحبنا الكبير،انت عمري،سيرة الحب والأغنية الختامية الاطلال رائعة الشاعر ابراهيم ناجي والتي نالت إعجاب كبير من قبل الجمهور والذي تفاعل ايضا مع كل الوصلات الموسيقية والقى السيد إدواردو لوبيث بوسكيتس مدير عام البيت العربي في قرطبة كلمة مختصرة عن حياة والمسيرة الفنية الطويلة لكوكب الشرق ام كلثوم والتي جعلت من الاغنية وروائع الشعرالعربي في متناول جميع فئات المجتمع العربي بغض النظر عن المستوى التعليمي او الثقافي وشهدت في عصرها نهوض الاغنية بكل مقوماتها في دلالة الكلمات وجمال اللحن ورعة الأداء. صوت ام كلثوم العذب حلق في سماء العالم العربي لسنوات طويلة وتتذكر عندما كنّا نستمع لاغنياتها التي كانت تبثها المحطات الإذاعية العربية مساء كل خميس. الغناء العربي في فترة عمالقة الطرب منهم محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وليلى مراد وأسمهان وفيروز وناظم الغزالي وغريد الشاطئ وعبدالحليم حافظ وقائمة طويلة من رواد الطرب والموسيقى كانت لها مميزات خاصة توفرت فيها شروط الاغنية الأصيلة والناجحة وابدية الوجود. الفن ومنها الطرب والموسيقى المعبرة هي غذاء الروح والموسيقى وطريقة عزفها تجذب الاذان والخاطر مقارنة بعصر الانحطط الغنائي الذي نعيشة حيث اصبحت الصورة الشكلية والمظهرالخلاب والسطحي وتمايل الجسد والصوت الرديء والنشاز هو المسيطر في الساحة الغنائية. في عهد عمالقة الغناء العربي الأصيل كان الفنان والفنانة يتميز بامتلاك ثقافة واسعة تمكنهم من اختيار الكلمات الرقيقة والهادفة ذات رسالة اجتماعية واضحة كما ان اللحن الغنائي هو الاخر يدخل في إطار اكتمال جمال وروعة الاغنية. كوكب الشرق تركت إرثا غنائيا متميزا ومازالت أغانيها باقية ونستمع اليها حتى يومنا هذا والأجيال التي عايشت تلك الفترة الذهبية للأغنية العربية هي القادرة على التمييز بين غناء الامس واليوم. سهرة فرقة ام كلثوم والتي أقيمت في قرطبة هي حسر تواصل ثقافي بين الشعوب وفرصة ايضا للأصدقاء الإسبان والأجانب التعرف عن قرب على الغناء والموسيقى العربية الأصيلة لان الفن بكل أنواعه قادرة على كسر الحواجز والفوارق التي فرصتها السياسة بين الامم والشعوب ،الفن لغة تخاطب العقل والمشاعر والأحاسيس وتذيب الغضب والكراهية عبر رشاقة الكلمات والصوت واللحن والموسيقى والاداء وهذا ما تميزت به كوكب الشرق ام كلثوم والتي حلقت عبر أغانيها في سماء قرطبة الاسبانية.