اذا سنحت لك الفرصة بالتجول على مناطق التماس مع العدو في شمال و غرب و شرق و وسط الحبيبة عدن سةغ تهب عليك نسمة الانتصار المبين بدون شك.. ففي منطقة دارسعد حيث قدم شباب المقاومة فيها ملاحم بطولية حيرت الجميع حتى نحن الذي نعرف ابنائنا و انهم اشداء وقت الشدائد! و بالمقابل ستلمس بوضوح التهالك و الحالة الانهزامية و الاحباط الذي اصاب المعتدي الحوثوعفاشي بسبب مفاجأة صلابة هولاء الشباب حيث ابخسوا و قللوا من شأنهم و بذلك انقلب السحر على الساحر! ! حتى المناطق التي أحكم انصار المخلوع و انصار ايران قبضتهم بعد ضرب كثيف على رؤوس اهالي تلك المواقع مما اضطر المقاوميين لنقل عائلاتهم بعيدا عن جنون و بطش هولاء التتار و كانت احد الاسباب التي بسببها ترك الاسود مواقعهم متيحين الفرصة لهولاء الرعاع بتدنيس هذه المناطق بشكل شبه كامل و اقصد التواهي و المعلا و القلوعة!! و في هذه اللحظة التي تشهد انهيار كلي لقوات العدوان المجوسي على كل الجبهات و في كل الصعد من عدة و عتاد و عدد و همم و ضعف عام.. فاني على يقين ان مجموعة من شبابنا تتألف من خمسين شبل بامكانها التعامل مع هذا التواجد الهش للحوافيش في تلك المناطق المدنسة بتواجدهم... و لكني اشعر بان هناك الكثير من الجهات خارجية و داخلية تسعى الى تأجيل هذا النصر و تستميت محاولة تأخيره... و رغم عن انف جميعهم فهو قادم ... و النصر باذن الله اصبح ادنى من قاب القوسين. .. و لكن السؤال ماذا بعد الانتصار؟! الاكيد انه لم يعد يتوفر حي من الجنوب يرغب في استمرار ما سميت جزافا بالوحدة. و هي لم تكن سوى عقد اتفاق تلبيه لشهوات حكام صنعاء و عقد تمليك سلمت بموجبه اراضي و ثروات و كوادر الحنوب مجانا الى طاغية صنعاء و حاشيته.. تلك الوحدة التي ماكانت لتتحقق لو انه اشترط بها ان يتنحى المخلوع او على الاقل ان يتخلى عن منصب الرئيس و ان يكون نائبا للرئيس. .. و هو السبب الذي بسببه لم تتحقق معه ماسميت بالوحدة ابان حكم السابقين للرئيس علي سالم البيض الذين كانوا يرءون في المخلوع مجرد بلطجي جاهل غير مؤهل ان يكون فراشا في المكتب السياسي الذي كان يظلل تحته نخبة من الخريجين الجامعيين او المؤهلين في دورات صقلت شخصياتهم و جعلت كل فرد منهم يتمتع بقدرات قيادية يفتقر لها المخلوع كليا .. البيض برأي الشخصي ..قرر ان يغض الطرف عن هذا الفارق الثقافي و النفسي و التركيبة الاحتماعي و قرر ان يضحي بمنصبه لتحقيق مطلب طالما آمن به و اعتقد بانه يخدم به مطلب شعبي ملح..و لنكن صريحون مع انفسنا فقد كان كذلك ... و في لحظة انفعالية كحال الجميع حينها من ذرفوا الدموع فرحا بذلك المولود المشوه الذي ظنوه انجاز... و قرر البيص دون ان يتعمق بسبر اغوار و تقليب عواقب مثل هذا القرار.. اتخذ القرار بتسليم كل شئ لرجل سألت لعابه و هو يرى طبق الذهب الذي قدم له مجانا.. لم كان يبطنه في قلبه و يخفيه في سره... فهو لا يرى في الوحدة الا مزيد من الثروات مزيد من الاراضي مزيد من المحكومين... اذا لم لا و قد جاءه ملك أكبر و نفوذ اوسع سيسلم له دون عناء و هذا ما كان يتعطش له هذا المسخ من زيف الوحدة... و بقية ما نعرفه من اطماع المخلوع و حاشيته في المزيد و المزيد كلما حصلوا على شئ... الا ان تعدى الامر و تفشى الفساد النظام الاداري و التنظيمي و دمرت مؤسسات الجنوب بشكل متعمد ... و وصل الى حرمان اهله تقريبا من كل شئ ..حتى طفح الكيل. .فوصلنا الى ما نحن فيه اليوم... و تسللت الرغبة في العودة الى تاريخ 21مايو 1990 على كل قلب تقريبا.. و لم تنحصر تلك الرغبة لدينا في الحنوب بل انتقلت العدوى الى الشماليين انفسهم.. فمنهم من تفهم مطالبنا و اخس بالجور الذي طالنا ... و منهم من طفح به الكيل ايضا بسبب اصرارنا على الانفصال.. الان و قد ازفت بحمد الله بشائر النصر على اخر عدوان بشكله الطائفي و المناطقي والحقد الدفين... كيف علينا ان نتصرف لتحقيق استعادة حلمنا و استرجاع وطننا الذي تعرض لمنعطفات كثيرة و مؤامرات خطيرة.... ان وحدة الصف ..و التسامح الفعلي ..و التصالح المخلص..و اصلاح النفس قبل كل شئ و الابتعاد عن التخوين او حتى الابتعاد عن ذلك الشعور باستحقاق التقاسم بكعكة الجنوب قبل نضوجها..لتلطخ عجينتها ايادي المتهاترين الانتهازيين... يجب بعد الانتصار و قبل التفكير باي شئ ان نرمم النسيج الجنوبي الذي مزقته الفتن و الفساد و شراء الذمم.. يجب ان تهيئ انفسنا لنستحق الوطن.. يجب بعد الانتصار قبل اي شئ ان نستعيد القيم و الاخلاق و المبادئ و نؤسس مجتمع متماسك متمسك بدينه و وطنيته مجتمع نظيف من كل ما علق به من الطفيليات التي ظلت تقتات على نكباته و جسده المنخور يجب التخلص من الانتهازيين الذين ظلوا يلعقون جسده المثخن بالجراح لخمسة و عشرين عام!! فحبا و خوفا من الله .. اناشد المخلصين .. بعد ان يوفقنا الله بالانتصار .. ان نبدأ قبل كل شئ بترميم انفسنا و ترميم نسبج مجتمعنا .. و من ثم الانطلاق لبناء الوطن الذي سنستعيده في الوقت المناسب ان شاء الله...و الله من وراء القصد!!