مما لاشك فيه ولا ريب أن الكلمة الصادقة النابعة من القلب لا تحط رحالها إلا في القلب, بل وتستحوذ على حنايا الروح, وكلما كانت ممزوجة بمشاعر النبل والإحساس الهوية والضمير والوطنية كان وقعها في النفس أكثر تأثيرا, وكان لها بصمات في كل من يسمعها أو يتأملها, سيما الثورية منها والحماسية التي تحفز وتشد من أزر المقاتلين وتدفعهم نحو ساحات القتال وميادين الشرف بقوة وعزيمة وصلابة, خصوصا حينما تحثهم على الدفاع عن هويتهم ودينهم ووطنيهم وعرضهم,ولان الجنوب واهله كانوا مع حرب طائفية سياسية مذهبية قادها (محروق) صنعاء, (وعبد أيران), كان لابد للجنوبيين من مشاعل ثورية تلهب حماستهم وتذكي نار وطنيتهم بكلمات صادقة والحان عذبة شجية تتغلغل عميقا بين ثناياهم وتبعث بداخلهم النشوة والإقدام والبسالة.. ولان الصادقين لاتثنيهم الخطوب ولا ترهبهم الحروب ولا تزعزهم أصوات المدافع, برز منشدنا الشاب (عبدالقادر الجيلاني) بكلماته الحماسية الصادقة والحانه العذبة الشجية وثوريته المعهودة, فمنذ أن بدأ التمدد الحوثعفاشي صوب الجنوب وقريحته تجود بأجمل الكلمات وصدح صوته بأعذب الألحان, وظل يواكب كل جديد وطارئ بكلمات صادقة وطنية تثبت هويته التي لم تطمس ووطنيته التي لم تباع, وبألحان عذبة رقراقة شجية تأخذك بعيدا, بل وتدفعك نحو ساحات النزال والقتال بعزيمة لاتلين وصلابة لا تقهر..
أبن (لودر) أو أبن (الجنوب) كما يحب أن ندعوه, كانت كلماته أمضى من الحسام في تمزيق أوصال المعتدين وبث الرعب والخوف في دواخلهم, وزلزلة كيانهم, وكانت الحانه بعذوبتها وجلجلتها أقوى من صوت الرصاص وزمجرة المدافع, فما أن يسمعها الواحد حتى يسري بين اوصالة حماسة غير مسبوقة وقوة غير معهودة, ولا غرابة في ذلك,فمن قارع القاعدة في مطلع العام2012م بلودر بكلماته والحانه وأناشيد زلزلة أركانهم وفجر معركة الكرامة آنذاك, لاغرابة في أن يقف اليوم شامخا يطرب الأسماع ويشنف الآذان بحلو الكلام وعذب الألحان,في محنة أهله ووطنه (الجنوب) , فهكذا عادة الصادقون الوطنيون الذين يظهرون وقت الشدائد والمحن وأيام الوغى, ولا ينحسرون أو يتلاشون كالبعض..
أستطاع المنشد (الجيلاني) أن يشحذ الهمم ويشد العزائم ويوحد الصفوف ويطبب الجراح ويضمدها, أستطاع أن يكون مِشعل وقنديل أضاء للمقاتلين في جبهات القتال دياجير الحرب الظالمة, وأستطاعت كلماته والحانه وصوته العذب الشجي أن يؤتي ثماره ويسري في دماء وأوردة المقاتلين وأن يسير بهم بعد توفيق الله لنصر مؤازر أزدانت به (عدن) ولبست ثوبه القشيب, فأينما حللت أو نزلت إلا وصوت الجيلاني يجلحل ويصدح ويشدو, فتنشرح النفس وتطرب الروح ويتمايل الجسد لجماله..
فهنيئا لك ذلك الدور البطولي الإنشادي الذي لم يقل عن طلقات الرصاص وقذائف المدافع وهدير الطائرات, بل ربما كان أقواها جميعا وأكثرها تأثيرا وفتكا..