على الرغم من تمكن القوات الداعمة لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي من السيطرة على مدينة عدن واستعدادها لتحرير المدن المجاورة لها في الجنوب إلا أن تثبيت سيطرة القوات اليمنية على المدينة وتحويلها لعاصمة للحكومة اليمنية الشرعية يتطلب تحقيق عدة مشروطيات يتمثل أهمها فيما يلي: 1- توحيد المؤسسة العسكرية: يتطلب تعزيز الهيمنة العسكرية للقوات الداعمة للرئيس عبدربه منصور هادي أن يتم تعزيز اندماج ووحدة هذه القوات تحت لواء الدولة اليمنية، فوفقاً لتصريحات وزير النقل اليمني محمد باسلمه في 15 يوليو 2015 فإن القوات التي قامت بتحرير عدة تنقسم لثلاث مجموعات: الأولي تتمثل في قوات المقاومة الشعبية المنتمية للقبائل الداعمة للرئيس عبدربه منصور هادي والثانية تتمثل الضباط الذين تم تسريحهم خلال فترة حكم الرئيس المخلوع عبدالله صالح وتم استدعائهم مرة أخري للمشاركة في العمليات العسكرية. أما المجموعة الثالثة فتتمثل في الوحدات العسكرية الداعمة للشرعية والتي قامت بتدريبها قوات التحالف، وفي هذا الصدد فإن تثبيت سيطرة الرئيس هادي على المدينة تتطلب تعزيز وحدة القوات الداعمة للشرعية وتأكيد خضوعها لقيادة عسكرية موحدة بدعم من قوات التحالف التي تمتلك من الخبرة العسكرية ما يمكنها من تعزيز التماسك المؤسسي في القوات الداعمة للرئيس اليمني. 2- تصفية الميليشيات الحوثية: يرتبط تحويل مدينة عدن لنطاق آمن للسكان والحكومة اليمنية بتصفية وجود ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع عبدالله صالح ومناطق تمركزهم على أطراف المدينة وفي جوارها الجغرافي وتحقيق السيطرة الكاملة على الحدود الفاصلة بين المدينة والمدن المجاورة لها من خلال الانتشار الكامل لقوات الشرطة وقوات حرس الحدود اليمنية. ولا ينفصل ذلك عن قطع خطوط إمداد ميليشيات الحوثيين انطلاقا من صنعاء وصعدة وعمران حيث مناطق التمركز العسكري الأكثر كثافة للحوثيين وحلفائهم وتدمير القدرات الصاروخية والجوية التي يمتلكها الحوثيين ويقومون باستخدامها لتدمير أهداف مدنية واقتصادية ويستدل على ذلك بقيام الحوثيين بقصف صاروخي لميناء البريقة النفطي ومصافي النفط في المدينة بداية من 13 يوليو 2015 رداً على انتشار قوات المقاومة الشعبية في المدينة مما أدي لنزوح عدد كبير من المدنيين من البريقة نتيجة استمرار اشتعال النيران في المصافي النفطية. 3- التصدي لتنظيم القاعدة: لا يزال تنظيم القاعدة في اليمن يسيطر على بعض المدن الرئيسية مثل ميناء المكلا وبعض مناطق شبوة وأبين وحضرموت، فعلى الرغم من تصدي عناصر القاعدة للحوثيين وتمددهم في شرق اليمن إلا أنهم يمثلون تهديداً للسيطرة العسكرية للقوات اليمنية على الأرض، ويرتبط ذلك بتمكن قوات أمريكية من تصفية زعيم القاعدة "ناصر الوحيشي" في منتصف يونيو 2015، وتصعيد "قاسم الريمي" لقيادة التنظيم الذي أعلن ولاءه للقيادي بتنظيم القاعدة أيمن الظاهري، حيث تشير بعض المصادر إلى أن "الريمي" يرتبط بعلاقات قوية بالرئيس المخلوع على عبدالله صالح، وهو ما سيؤدي لانشقاقات في صفوف تنظيم القاعدة في اليمن وتكون عدد من الكتائب المنشقة التي تعلن ولائها لداعش، وهو ما يزيد من تعقيدات الأوضاع العسكرية في اليمن خاصة في ظل تكثيف الولاياتالمتحدة لهجمات الطائرات بدون طيار على المناطق اليمنية والتي كان آخرها قتل 10 من كوادر القاعدة في المكلا في 11 يوليو الجاري. 4- تعزيز التحالفات القبلية: يتوقف تثبيت سيطرة الرئيس هادي على مدينة عدن محيطها الجغرافي بتعزيز التوافق بين قبائل الحراك الجنوبي الداعمة لشرعية الرئيس هادي وتأسيس تحالف جامع للقبائل اليمنية الداعمة للشرعية، وهو ما يتصل بتحالف قبائل عدنوتعز وخاصة قبائل ردفان والصبيحة ويافع ودعمهم لعملية "السهم الذهبي" في عدن. في ذات السياق كونت قبائل حضرموت تحالفاً قبلياً منذ بداية تمدد الحوثيين في اليمن يضم قبائل الحموم ونوح وسيبان وبلعذيب والشنافر وكندة وبني ظنه للتصدي للحوثيين وتنظيم القاعدة ومحاولتهم الهيمنة على حضرموت، وهو ذات الاتجاه الذي اتبعته القبائل في شبوهومأرب بتشكيل تحالف قبائل العوالق وبني هلال في شبوة وتحالف قبائل مراد وجهم والجدعان وعبيدة في مأرب الهادف لحماية النفط والتصدي لمحاولات الحوثيين من السيطرة على مناطق انتاج النفط في مأرب. وقبيل عملية السهم الذهبي قادت الميليشيات القبلية عمليات الهجوم على الحوثيين باستخدام تكتيكات حروب المدن من خلال نصب أكمنة لقوات الحوثيين واستهداف مناطق تمركزهم بعمليات خاطفة، وهي العمليات التي تصاعدت وتيرتها بقوة عقب العملية العسكرية الأخيرة في عدن، لاسيما في مناطق تعز والضالع وإب وأرحب فضلاً عن استهداف مناطق تمركز الحوثيين وقوات صالح في العاصمة، وهو ما يؤكد ضرورة تعزيز الحواضن القبلية الداعمة للشرعية من خلال تحالف وثيق يضم كافة القبائل الداعمة للرئيس عبدربه منصور هادي يكون بمثابة مجلس قبلي داعم للحكومة اليمنية. 5- بدء إعادة الإعمار: تُعتبر عمليات إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية أحد أهم مشروطيات تثبيت السيطرة على عدن من خلال تعزيز الرضاء الشعبي والقبلي عن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وتقوية دعائم شرعيته في العاصمة الجنوبية التي ستنطلق منها عمليات تحرير المحافظاتاليمنية من سيطرة الحوثيين وقوات عبدالله صالح، ويمكن الاستناد في هذا الصدد لما كشف عنه وزير الخارجية اليمني في 20 أبريل 2015 حول وجود "خطة مارشال عربية" لإعادة الإعمار في اليمن من خلال مشروع "سلمان التطويري لليمن" والذي يحمل اسم خادم الحرمين الشريفين ويهدف لإعادة أعمار اليمن بصورة شاملة وتخصيص حزمة مساعدات عربية ضخمة لجهود إعادة الإعمار بالتوازي مع جسر جوي وبحري إغاثي من جانب المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت لمواجهة تردي الأوضاع الإنسانية في عدن وتحفيز السكان النازحين للعودة لمنازلهم. ثلاثة مسارات رئيسية إجمالاً من المرجح أن يصاحب استعادة مدينة عدن تكثيف الجهود في ثلاثة مسارات رئيسية، أولها يتمثل في المسار العسكري للتصدي لتهديدات الحوثيين للأمن والاستقرار في المدينة ومحيطها الجغرافي الذي يمثل العمق الاستراتيجي الأهم لمدينة عدن خاصةً استعادة مدن مأربوتعز من قبضة الحوثيين، ويتمثل المسار الثاني فهو المسار السياسي بتعزيز التحالف القبلي الداعم لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وتصفية أية بوادر لخلافات داخلية بين القبائل، أما المسار الثالث فيتمثل في مسار إعادة الاعمار والإغاثة الإنسانية بهدف تثبيت دعائم حكم الرئيس منصور هادي في عدن والتمدد باتجاه الشمال لمحاصرة الحوثيين وحلفائهم ومنعهم من الارتداد نحو الجنوب اليمني.