مظاهرات حاشدة للمطالبة بضبط قتلة المشهري وأسرتها تدعو للقصاص العاجل    كيف يتحول المنفي إلى حاكم؟    فخ المنحة السعودية:    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    متلازمة الفشل عند الإخوان!!    مقتل امرأة برصاص مليشيا الحوثي الإرهابية في إب    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟    عودة الوزراء المصابين الى اعمالهم    أحزاب المشترك: ثورة 21 سبتمبر محطة فارقة في استعادة القرار وإسقاط الوصاية    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: عودة تصفية الشخصيات الجنوبية؟
نشر في عدن الغد يوم 29 - 08 - 2012

تزداد وتيرة الانفلات الأمني في اليمن على نحو متسارع. الأمر لم يعد يقتصر على عمليات التفجير الانتحارية. الوزراء أنفسهم باتوا أهدافاً مشروعة للقتل، وحتى السياسيون، وآخرهم الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان، الذي تعرض أول من أمس لمحاولة اغتيال. فشل المحاولة جنّب البلاد منزلقاً أمنياً خطيراً نظراً إلى ثقل نعمان السياسي ودوره في المساعي المبذولة للحفاظ على الوحدة، باعتباره من أبناء الجنوب ومن الرافضين للانفصال. وهو ما يجعل المخاوف من تكرار محاولة اغتياله، أو اغتيال شخصيات أخرى، مشروعة، في ظل حديث البعض عن معايشة اليمن اليوم وضعاً مشابهاً للظروف التي سبقت تفجر حرب 1994
جمانة فرحات
قبل يومين، تعرض وزير النقل اليمني، واعد باذيب، لإطلاق نار أثناء وجوده داخل سيارته في عدن فنجا من محاولة الاغتيال. ربط البعض بين ما تعرض له وبين القرار الذي اتخذه قبل الحادث بساعات والقاضي بفسخ عقد تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية، لكن محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأمين العام للحزب اليمني الاشتراكي، ياسين سعيد نعمان في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، أثارت تساؤلات عما إذا كان مسلسل تصفية الشخصيات المنحدرة من جنوب اليمن قد عاد إلى البلاد من جديد، في تكرار لسيناريو ما بعد إعلان الوحدة عام 1991.
تفاصيل محاولة اغتيال نعمان تشير بوضوح إلى أن من يقف خلف العملية يتمتع بثقة كبيرة جعلته لا يخشى الإقدام على هذه الخطوة. وفي التفاصيل، أن مجهولين يرتدون زيّ الشرطة اليمنية استحدثوا نقطة عسكرية وأوقفوا سيارة نعمان، فوجئ على أثرها الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني بمحاولة المسلحين اقتحام سيارته. لكنه حين شعر بأن وراء ذلك كميناً، قاومهم وطلب من سائقه الفرار، قبل أن يطلق المسلحون النار في محاولة لإيقاف السيارة من دون أن ينجحوا في ذلك.
ويعدّ نعمان من أكثر الشخصيات الجنوبية قبولاً في الشارع اليمني، ولا يقتصر دوره داخل أحزاب اللقاء المشترك، بل اختير ليكون من بين أبرز السياسيين المكلفين للإعداد للحوار الوطني. ولعل أهمية دوره ورمزيته اختصرته الكاتبة اليمنية نبيلة الزبير، على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بقولها «إن بقاء ياسين في المشهد السياسي، وفي المشترك (تكتل أحزاب المعارضة) ومن داخل العاصمة هو بمثابة الشعرة التي بقيت من الوحدة ومن أمل استمرارها». ولذلك، فإن محاولة اغتيال نعمان تحمل أكثر من دلالة، وهو ما جعل البعض يتريث في توجيه أصابع الاتهام نحو جهة محددة.
عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري، وضع ما تعرض له نعمان في إطار حال الانفلات الأمني القائم في البلاد، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة الانقسام في المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وفيما تحفّظ على توجيه اتهام لطرف دون آخر بالوقوف وراء المحاولة، أكد الصراري على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق في العملية. واعتبر، في حديث ل«الأخبار»، أن بعض الدوائر في النظام السابق تدفع نحو الانفلات الأمني لأنها تعتقد أن هذا الوضع يمكن أن يتيح لها تحقيق أهدافها إذا ما فشلت عملية التسوية. وفي السياق، لم يستبعد الصراري أن يكون الهدف مما تعرض له نعمان هو الضغط على الحزب الاشتراكي اليمني. وأوضح أن كثيرين في اليمن لا ينظرون إلى دور الحزب الاشتراكي بارتياح، وخصوصاً أن الدور الذي يقوم به الآن إيجابي، ورأى أن بعض الأطراف لا يعجبها هذا الدور.
من جهته، أوضح الباحث اليمني عبد الغني الماوري، ل«الأخبار»، أنه «كان من المتوقع أن تحصل عمليات استهداف لشخضيات بارزة، ومن بينها نعمان». مع ذلك، أبدى تحفظاً حول تحديد هوية الفاعل لأنه على حد قوله «شخصية نعمان بحد ذاتها تجعل أطرافاً عدة ذات مصالح متعارضة تلتقي عند ضرورة التخلص منه».
وتحدث الماوري عن فرضيتين رئيسيتين، الأولى تشير إلى وقوف جماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وراء الحادثة، على اعتبار أن اغتيال نعمان كان كفيلاً بقلب المشهد السياسي رأساً على عقب، ويؤدي إلى إحداث فوضى، وعندها «قد تكون الظروف مهيأة لظهور المنقذ صالح». ولفت إلى أن الأخير لا يزال يملك القدرة على تقديم نفسه بهذا الدور، ولا سيما أن العديد من مؤسسات الدولة لا تزال خاضعة لسيطرة أقاربه ونفوذهم.
أما الفرضية الثانية، فتكتسب مشروعيتها من أن استهداف نعمان قد يكون يهدف إلى تسريع فك الارتباط. إذ إن قتل نعمان، وحتى اغتيال شخصيات جنوبية معروفة باعتدالها، وانفتاحها على مختلف مكونات المجتمع اليمني، من شأنه أن يعزز من تصلب مواقف الرافضين للإبقاء على الوحدة. ولفت إلى أن ما يحصل من أحداث في صنعاء انعكاسه في الجنوب وعدن تحديداً. وأوضح أنه «لو ضرب شخص في الجنوب، فإن الجهات التي ستتهم عديدة، السلطة ستكون أحد أطرافها وليس الطرف الوحيد. أما أي حادثة أمنية تسجل في الشمال، فإن المتهم الوحيد في هذه الحالة هو دوائر في السلطة». وقد استعاد اليمنيون سريعاً، بعد حادثتي نعمان وباذيب، الأحداث التي مر بها اليمن بعد الوحدة، وتحديداً الفترة التي سبقت اندلاع حرب 1994، حيث سجلت فيها العديد من محاولات الاغتيال التي تعرضت لها الشخصيات الجنوبية فاقت في عددها ال 25، بينها محاولة اغتيال وزير العدل في ذلك الحين، عبد الواسع سلام، والأمين العام السابق للحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل، فضلاً عن شخصيات أخرى تمت تصفيتها.
ونبه الماوري إلى أن من يقف وراء محاولة اغتيال نعمان قد يكون يريد أن يدفع اليمنيين إلى التفكير بهذا الاتجاه، بالرغم من عدم صحته. وذكّر بأن النظام في صنعاء خلال تلك الفترة كان يسهل للجنوبيين، ممن لديهم ثارات على خلفية الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب عام 1986، بتصفية خصومهم، ليسمح لنفسه في نهاية المطاف بالتفرد بالسلطة. لكن الصراري تحفظ على هذه الفرضية، معتبراً أن الوضع الآن يختلف عن الوضع الذي عاشه اليمن بعد الوحدة، حيث كانت هناك أزمة حقيقية بين طرفي الحكم سهلت الأحداث التي وقعت. وأوضح أن الإرادة السياسية للحكم الآن تقف ضد هذا الانفلات، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ خطوات كفيلة لوضع حد له.
وهو ما أيده فيه الماوري، الذي أكد على ضرورة أن يدرك عبد ربه منصور هادي أنه الرئيس الفعلي للبلاد، لافتاً الى أن هادي إذا كان لا يمتلك الأدوات التي يحقق من خلالها التغيير وأهداف الثورة فإنه لا قيمة له. وأوضح أنه لا يمكن أن يأتي رئيس ليعمل مع أشخاص كان حتى وقت قريب يتلقى الأوامر منهم عندما كان يتولى منصب نائب الرئيس.
خيارات هادي
يجمع المحللون اليمنيون على اعتبار أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (الصورة)، يمتلك خيارات محدودة للتعامل مع الوضع الراهن في اليمن. ويرى هؤلاء أن هادي يعتمد على تكتيك التغيير التدريجي، ولا يريد أن يقدم على تغيير الرؤوس على نحو مباشر، على غرار ما قام به الرئيس المصري محمد مرسي في مصر. وهو ما سيؤدي إلى أن تأخذ عملية التغيير وقتاً طويلاً، وخصوصاً أنه بدأ بعمليات تفكيك الوحدات والألوية التي تتبع لكل من اللواء المنشق علي محسن الأحمر، ونجل صالح، أحمد علي، لجعلهما قائدين محدودي الحركة.
هذه الاستراتيجية تبدو غير مفيدة في ظل التطورات الأمنية الراهنة، وخصوصاً أنها لا تحسم الأمور في البلاد. وهو ما دفع إلى بروز دعوات جديدة تطالب هادي بالعمل على توحيد الجيش فوراً تحت إمرته، وإقالة جميع القادة المعرقلين، فضلاً عن اتخاذ إجراءات واضحة وصريحة تشعر المواطن بالتغيير. وبالتزامن، تصاعدت الدعوات إلى إحداث تعديل وزاري فوري، لأن الحكومة الحالية مشلولة ولا يمكن أن تستمر على هذه الحال، وخصوصاً أن هذه الحكومة تلقى على عاتقها مسؤولية إدارة الفترة الانتقالية.
تزداد وتيرة الانفلات الأمني في اليمن على نحو متسارع. الأمر لم يعد يقتصر على عمليات التفجير الانتحارية. الوزراء أنفسهم باتوا أهدافاً مشروعة للقتل، وحتى السياسيون، وآخرهم الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان، الذي تعرض أول من أمس لمحاولة اغتيال.
فشل المحاولة جنّب البلاد منزلقاً أمنياً خطيراً نظراً إلى ثقل نعمان السياسي ودوره في المساعي المبذولة للحفاظ على الوحدة، باعتباره من أبناء الجنوب ومن الرافضين للانفصال. وهو ما يجعل المخاوف من تكرار محاولة اغتياله، أو اغتيال شخصيات أخرى، مشروعة، في ظل حديث البعض عن معايشة اليمن اليوم وضعاً مشابهاً للظروف التي سبقت تفجر حرب 1994.
جمانة فرحات
قبل يومين، تعرض وزير النقل اليمني، واعد باذيب، لإطلاق نار أثناء وجوده داخل سيارته في عدن فنجا من محاولة الاغتيال. ربط البعض بين ما تعرض له وبين القرار الذي اتخذه قبل الحادث بساعات والقاضي بفسخ عقد تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية، لكن محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأمين العام للحزب اليمني الاشتراكي، ياسين سعيد نعمان في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، أثارت تساؤلات عما إذا كان مسلسل تصفية الشخصيات المنحدرة من جنوب اليمن قد عاد إلى البلاد من جديد، في تكرار لسيناريو ما بعد إعلان الوحدة عام 1991.
تفاصيل محاولة اغتيال نعمان تشير بوضوح إلى أن من يقف خلف العملية يتمتع بثقة كبيرة جعلته لا يخشى الإقدام على هذه الخطوة. وفي التفاصيل، أن مجهولين يرتدون زيّ الشرطة اليمنية استحدثوا نقطة عسكرية وأوقفوا سيارة نعمان، فوجئ على أثرها الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني بمحاولة المسلحين اقتحام سيارته.
لكنه حين شعر بأن وراء ذلك كميناً، قاومهم وطلب من سائقه الفرار، قبل أن يطلق المسلحون النار في محاولة لإيقاف السيارة من دون أن ينجحوا في ذلك.ويعدّ نعمان من أكثر الشخصيات الجنوبية قبولاً في الشارع اليمني، ولا يقتصر دوره داخل أحزاب اللقاء المشترك، بل اختير ليكون من بين أبرز السياسيين المكلفين للإعداد للحوار الوطني. ولعل أهمية دوره ورمزيته اختصرته الكاتبة اليمنية نبيلة الزبير، على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بقولها «إن بقاء ياسين في المشهد السياسي، وفي المشترك (تكتل أحزاب المعارضة) ومن داخل العاصمة هو بمثابة الشعرة التي بقيت من الوحدة ومن أمل استمرارها».
ولذلك، فإن محاولة اغتيال نعمان تحمل أكثر من دلالة، وهو ما جعل البعض يتريث في توجيه أصابع الاتهام نحو جهة محددة.عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري، وضع ما تعرض له نعمان في إطار حال الانفلات الأمني القائم في البلاد، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة الانقسام في المؤسستين الأمنية والعسكرية.وفيما تحفّظ على توجيه اتهام لطرف دون آخر بالوقوف وراء المحاولة، أكد الصراري على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق في العملية. واعتبر، في حديث ل«الأخبار»، أن بعض الدوائر في النظام السابق تدفع نحو الانفلات الأمني لأنها تعتقد أن هذا الوضع يمكن أن يتيح لها تحقيق أهدافها إذا ما فشلت عملية التسوية.
وفي السياق، لم يستبعد الصراري أن يكون الهدف مما تعرض له نعمان هو الضغط على الحزب الاشتراكي اليمني. وأوضح أن كثيرين في اليمن لا ينظرون إلى دور الحزب الاشتراكي بارتياح، وخصوصاً أن الدور الذي يقوم به الآن إيجابي، ورأى أن بعض الأطراف لا يعجبها هذا الدور.
من جهته، أوضح الباحث اليمني عبد الغني الماوري، ل«الأخبار»، أنه «كان من المتوقع أن تحصل عمليات استهداف لشخضيات بارزة، ومن بينها نعمان».
مع ذلك، أبدى تحفظاً حول تحديد هوية الفاعل لأنه على حد قوله «شخصية نعمان بحد ذاتها تجعل أطرافاً عدة ذات مصالح متعارضة تلتقي عند ضرورة التخلص منه».وتحدث الماوري عن فرضيتين رئيسيتين، الأولى تشير إلى وقوف جماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وراء الحادثة، على اعتبار أن اغتيال نعمان كان كفيلاً بقلب المشهد السياسي رأساً على عقب، ويؤدي إلى إحداث فوضى، وعندها «قد تكون الظروف مهيأة لظهور المنقذ صالح».
ولفت إلى أن الأخير لا يزال يملك القدرة على تقديم نفسه بهذا الدور، ولا سيما أن العديد من مؤسسات الدولة لا تزال خاضعة لسيطرة أقاربه ونفوذهم.أما الفرضية الثانية، فتكتسب مشروعيتها من أن استهداف نعمان قد يكون يهدف إلى تسريع فك الارتباط.
إذ إن قتل نعمان، وحتى اغتيال شخصيات جنوبية معروفة باعتدالها، وانفتاحها على مختلف مكونات المجتمع اليمني، من شأنه أن يعزز من تصلب مواقف الرافضين للإبقاء على الوحدة. ولفت إلى أن ما يحصل من أحداث في صنعاء انعكاسه في الجنوب وعدن تحديداً. وأوضح أنه «لو ضرب شخص في الجنوب، فإن الجهات التي ستتهم عديدة، السلطة ستكون أحد أطرافها وليس الطرف الوحيد. أما أي حادثة أمنية تسجل في الشمال، فإن المتهم الوحيد في هذه الحالة هو دوائر في السلطة».
وقد استعاد اليمنيون سريعاً، بعد حادثتي نعمان وباذيب، الأحداث التي مر بها اليمن بعد الوحدة، وتحديداً الفترة التي سبقت اندلاع حرب 1994، حيث سجلت فيها العديد من محاولات الاغتيال التي تعرضت لها الشخصيات الجنوبية فاقت في عددها ال 25، بينها محاولة اغتيال وزير العدل في ذلك الحين، عبد الواسع سلام، والأمين العام السابق للحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل، فضلاً عن شخصيات أخرى تمت تصفيتها.ونبه الماوري إلى أن من يقف وراء محاولة اغتيال نعمان قد يكون يريد أن يدفع اليمنيين إلى التفكير بهذا الاتجاه، بالرغم من عدم صحته.
وذكّر بأن النظام في صنعاء خلال تلك الفترة كان يسهل للجنوبيين، ممن لديهم ثارات على خلفية الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب عام 1986، بتصفية خصومهم، ليسمح لنفسه في نهاية المطاف بالتفرد بالسلطة. لكن الصراري تحفظ على هذه الفرضية، معتبراً أن الوضع الآن يختلف عن الوضع الذي عاشه اليمن بعد الوحدة، حيث كانت هناك أزمة حقيقية بين طرفي الحكم سهلت الأحداث التي وقعت. وأوضح أن الإرادة السياسية للحكم الآن تقف ضد هذا الانفلات، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ خطوات كفيلة لوضع حد له.وهو ما أيده فيه الماوري، الذي أكد على ضرورة أن يدرك عبد ربه منصور هادي أنه الرئيس الفعلي للبلاد، لافتاً الى أن هادي إذا كان لا يمتلك الأدوات التي يحقق من خلالها التغيير وأهداف الثورة فإنه لا قيمة له. وأوضح أنه لا يمكن أن يأتي رئيس ليعمل مع أشخاص كان حتى وقت قريب يتلقى الأوامر منهم عندما كان يتولى منصب نائب الرئيس.
خيارات هادي
يجمع المحللون اليمنيون على اعتبار أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (الصورة)، يمتلك خيارات محدودة للتعامل مع الوضع الراهن في اليمن.
ويرى هؤلاء أن هادي يعتمد على تكتيك التغيير التدريجي، ولا يريد أن يقدم على تغيير الرؤوس على نحو مباشر، على غرار ما قام به الرئيس المصري محمد مرسي في مصر. وهو ما سيؤدي إلى أن تأخذ عملية التغيير وقتاً طويلاً، وخصوصاً أنه بدأ بعمليات تفكيك الوحدات والألوية التي تتبع لكل من اللواء المنشق علي محسن الأحمر، ونجل صالح، أحمد علي، لجعلهما قائدين محدودي الحركة.هذه الاستراتيجية تبدو غير مفيدة في ظل التطورات الأمنية الراهنة، وخصوصاً أنها لا تحسم الأمور في البلاد.
وهو ما دفع إلى بروز دعوات جديدة تطالب هادي بالعمل على توحيد الجيش فوراً تحت إمرته، وإقالة جميع القادة المعرقلين، فضلاً عن اتخاذ إجراءات واضحة وصريحة تشعر المواطن بالتغيير. وبالتزامن، تصاعدت الدعوات إلى إحداث تعديل وزاري فوري، لأن الحكومة الحالية مشلولة ولا يمكن أن تستمر على هذه الحال، وخصوصاً أن هذه الحكومة تلقى على عاتقها مسؤولية إدارة الفترة الانتقالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.