المرحلة التي يمر بها الجنوب هذه الأيام مرحلة خطيرة وحساسة ، ولكنها من وجهة نظري طبيعية ، فبعد كل ثورة ناجحة او انتصار ثوري كاسح ، تبقى هناك مجموعات من المهزومين والفاشلين يحاولون شق الصف وإثارة البلبلة وتعكير جو الانتصارات المباركة ، ولكن من فضل الله تعالى أن تلك المجموعات المهزومة والجبانة لم تصل بعد إلى مرحلة الدولة العميقة وبالتالي فليس هناك ما يخشى منها ولكن الحذر واجب خاصة وأن بعض الجنوبيين يفتحون آذانهم للقيل والقال وكأن أكثر من 20 سنة من وحدة الضم والألحاق والظلم لم تعطهم مناعة ضد بث الفرقة والفتنة التي تحاول إثارتها تلك المجموعات المأزومة في الصف الجنوبي . خلال الأسابيع الماضية بدأت تنشط تلك المجموعات وتثير الشائعات وتحاول جلب حوادث تاريخية سوداء في تاريخ الجنوب ، لأثارة الفتنة وتشتيت الجنوبيين عن هدفهم الأسمى في تحقيق الأستقرار والتنمية للشعب الجنوبي ، ورغم أنها محاولات يائسة وفاشلة ، ولا تحتاج الوقوف عندها ، إلا أن مضغ بعض الجنوبيين لتلك الترهات يجعلنا ندق ناقوس الخطر والتحذير من الأصغاء لتلك المهازل ، والغريب أن الجنوبيين وحدتهم الجبهات ويريد أولئك المرضى أن تفرّقهم الانتصارات!! . من المهازل التي تبث هذه الأيام في الشارع الجنوبي هي أن الجنوبيين لا يستطيعون نسيان بعض المحطات السوداء في تاريخ الجنوب ، وتجد بعض المرضى يتشدق بتلك الترهات بحماسة وفرح ، رغم أن الجنوبيين في 7/7/ 2009م قد عقدوا العزم على التصالح والتسامح في أنجاز حضاري تاريخي أذهل العالم أجمع ، في حين بقت تلك المجموعات المريضة أسيرة الماضي وللأسف فأن بعض أفرادها جنوبيو الهوية والمنشأ ، ولكنها مدت يدها وتحالفت مع الغزاة المحتلين ، ومع ذلك نقول لهم مازال هناك في الوقت بقية للعودة لوطنهم الجنوبي ، والمشاركة في بنائه ونهضته ، أن محاولة تصوير قيام فئة جنوبية بالسيطرة على الحكم دون فئات جنوبية الأخرى لهو محض هراء وسخافة ما بعدها سخافة ، تحاول تلك المجموعات التي تربت في أوكار الفتنة والتأمر تعزيزها ، مع العلم أن الجنوب الجديد لن يكون لطرف ضد طرف ، بل هناك شورى وديمقراطية وتقديم كفاءات ومؤهلات لشغل الوظيفة العامة بعيداً عن المناطقية والحزبية ، مع التنبيه أن المرحلة الانتقالية الحالية – أن صح الوصف - تحتاج من الجنوبيين مزيدا من الصبر والتأني والحذر بعيدا عن لغة التآمر والتخوين . أن ما يعيشه الجنوب هذه الأيام من انتصارات وأفراح واقتراب من تحقيق حلمه في استعادة دولته لحريا بالجنوبيين أن يكونوا على قدر المرحلة الحالية وخاصة ممن هو في موضع صنع القرار ، فهذه المرحلة تتطلب عمل جاد ودؤوب لتحقيق الأمن والسكينة للمواطنين ، وتوفير متطلبات الحياة المعيشية وضبط الأسعار بصورة عاجلة وسريعة ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال التكاتف والتعاون والضغط على النفوس وتقديم المصالح العامة للمواطنين على المصالح الشخصية والآنية ، ومحاسبة المقصرين ، واستخدام الحزم والشدة ضد كل من تسول له نفسه الأضرار بالوطن والمواطن الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة حيث أن ضعاف النفوس والمرتزقة يرون هذه المرحلة هي المرحلة المناسبة لتقويض الأمن والسكينة على اعتبار أن الدولة لم تستعد عافيتها بعد ، ومازالت أساساتها هشة وضعيفة ، وهو مرض يعاني منه كل من فقد مصالحه وامتيازاته وفساده ، ولن يصحو من غيبوبتهم إلا بمزيدٍ من اليقظة والحزم!!. في الختام أقول لأخواني الجنوبيين : عليكم بالمزيد من التلاحم وجمع الشمل والكلمة ، وعدم القفز بالطموحات والأحلام ، وعدم محاولة حرق المراحل ، فالدول الناجحة تبنى عبر سنوات طويلة من العمل الممنهج والتخطيط المنظم ، وليس عبر الأرتجالية والعشوائية ، مع التذكير أن عدونا في الجنوب ، قد دمر كل البنى التحتية وشوّه القيم العليا ، ونحتاج في سبيل استعادة كل ذلك إلى مزيدٍ من الصبر والتضحية والبناء ، بعيداً عن لغة التخوين والمناطقية ، فالجنوب يتسع لكل أبنائه بمختلف أنتماءتهم السياسية والأيدلوجية في إطار النظام والقانون المستمد من شريعتنا الإسلامية السمحاء .. والله من وراء القصد .