شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    معاداة للإنسانية !    من يسمع ليس كمن يرى مميز    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد غالب :كانت الوحدة بقناعة، الجريمة هي الحرب، أما الوحدة فليست خطأ أو جريمة
نشر في عدن الغد يوم 13 - 12 - 2010

يصر القيادي البارز في الحزب الاشتراكي اليمني "محمد غالب احمد" ان ذهاب شطري اليمن في العام 1990 إلى الاتفاق على توقيع وحدة اندماجية بين الشطرين لم يكن مرده ظروف دولية كان يمر بها الجنوب مؤكدا ان الاتفاق على الوحدة اليمنية جأ بناء على مايقول انه اقتناع بأهميتها ولايرى الخطأ فيها بقدر مايراه في الحرب التي تلت قيامها بثلاثة أعوام.
ويتحدث ابرز القياديين في الحزب الاشتراكي اليمني إلى محرر صحيفة السياسيةالحكومية في لقاء مطول عن ذكرياته حينما كان مسئولا في الدولة الاشتراكية التي كانت قائمة في عدن قبل العام 1990.
وفي الحوار يقول غالب :" الوحدة جاءت بالرضى، ولم تكن عفوية، ولم تكن بسبب الاتحاد السوفييتي ولا هي عاطفية. ليست المسألة بهذا الشكل، ومن يقول هذا الكلام يغمط حق الحزب الاشتراكي والجنوبيين في الوحدة.
الوحدة للحزب الاشتراكي والجنوبيين كانت ومازالت مقدسة. ومن يقول هذا الكلام فإنه يريد أن يشتم تاريخ الناس وأن يقول إن وفاءهم للوحدة كان خاطئاً.
ورغم كون غالب اشتراكيا وقياديا بارزا في الحزب الاشتراكي المعارض إلا ان قيادات في الحراك الجنوبي تتهم الرجل بان له صلات واسعة النطاق في الحكومة اليمنية ،وغالبا ما اتهم الحراك "غالب" بأنه يسعى لتقويض مسيرة الحراك.
يعيد "عدن الغد" نشر حوار أجراه صادق ناشر من السياسية .

في حياة كل فرد منا شخصيتان مختلفتان: الأولى تلك التي يتعامل معها الناس ويعرفون مواقفها وأخبارها التي تخرج إلى الناس والصحافة، والثانية تلك المخفية التي لا يعرفها سوى قلة قليلة من المقربين والأصدقاء.
وفي هذه المساحة تحاول "السياسية" الدخول في الزاوية المخفية من حياة هذه الشخصية أو تلك، من خلال حديث ذكريات يشمل أسرار الطفولة والشباب والعمل، والتعرف عن قرب على العادات والتقاليد والظروف الصعبة التي عاشها اليمنيون قبل أن يروا النور بثورتي سبتمبر وأكتوبر ودولة الوحدة.
"النصف الآخر" محاولة لإخراج ما خبأته السنوات في حياة اليمنيين، من خلال رصد الواقع الذي عاشوه ويعيشونه اليوم. كما أنها محاولة لمعرفة كيف يفكر من عايشناهم طوال سنوات ولا نعرف ما ذا يحبون، وماذا يكرهون، وكيف وصلوا إلى النجاح الذي وصلوا إليه.
تحاول "النصف الآخر" الابتعاد عن الخوض في الشأن السياسي، الذي يحبذ الكثير عدم الخوض فيه، وإن كانت السياسة حاضرة في بعض المواقف التي ضمها الحوار، لكن بشكل غير مباشر.
"النصف الآخر" سلسلة لحوارات مع شخصيات يمنية مختلفة في السلطة والمعارضة، رجالاً ونساء على السواء، ومن كل مناطق البلاد. وستكون هذه الشخصيات حاضرة بتجاربها في الحياة هنا لتكون شاهدة على صور مختلفة من حياة اليمنيين.


*عشت الكثير من الأحداث والتقلبات في حياتك السياسية والعملية، فأي هذه الأحداث لا تزال حاضرة وطرية في ذهنك حتى اليوم؟

-هناك أحداث كثيرة، ولكنني سأورد بعضاً منها، مثلاً في أواخر عام 1981 حصل توتر في العلاقات بين عدن والرياض، وكادت أن تفجر موقفاً سياسياً سلبياً على المستوى الثنائي وعلى مستوى المنطقة ولكن قيادتي البلدين ممثلة بالرئيس علي ناصر محمد وجلالة المغفور له الملك خالد عالجتا المشكلة بحكمة، وعلى ضوء ذلك زار عدن عام 1982 صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية على طريق إغلاق الملف، وكان اللواء محمد البطاني حينها وزيراً للداخلية وأنا نائب وزير الخارجية لشؤون المغتربين. وأقيم حفل عشاء في منطقة المعاشيق للضيف الكبير وحفل فني أحيته فرقة وزارة الداخلية.

وأتذكر أن وزير الخارجية حينها الأخ سالم صالح وسكرتير اللجنة المركزية والشهيد صالح مصلح كانا ضمن المضيفين، وقد طلب الأمير نايف من الفرقة أن تؤدي أغنية "الهاشمي قال"، وهي أغنية تراثية من كلمات السيد محمد الفراشة وأول من أداها الفنان الراحل عوض عبدالله المسلمي.
وبعد أن بدأت الفرقة بتقديم الأغنية كان الأمير نايف يلتفت نحو الشهيد صالح مصلح ويكرر البيت الآتي من الأغنية:
عندك خطأ ما قرأت البسملة ولا تبارك ولا عم ونون؛ فرد عليه صالح مصلح قائلا: عاد باقي البيت الذي يليه يا صاحب السمو؛ فرد عليه الأمير نايف: ما هو؟ قال له صالح مصلح: ولا دريت أن هذي مشكلة القرش يلعب بحمران العيون.
طبعا كان كل منهما يريد أن يوصل رسالة للآخر من خلال ما يحويه البيت الشعري الذي يقرؤه، لكن المهم في الأمر أنه بعد هذه الزيارة عادت الأمور إلى وضعها الطبيعي بين البلدين.
الحدث الثاني، عندما كنت قائماً بالأعمال في السعودية كانت لي علاقات طيبة مع السفير التونسي، لكنه كان دائما ينتقد نظام الحكم في عدن ويكرر في أحاديثه السؤال: لماذا انتم ملحدون يا محمد؟ فأجبته: كلا يا سعادة السفير لسنا كذلك، إننا مسلمون ولو كنا ملحدين لما نصرنا الله على اكبر إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.
وفي أحد الأيام أعاد لي شريط أغاني يمنية أعطيته إياه وهو يقول: اليوم ضبطتكم متلبسين كملحدين 100 بالمائة؛ فقلت له: استغفر الله، ما هو الدليل؟ فأجابني: سمعت ذلك بأذني في أغنية الفنان فيصل علوي "صادت فؤادي"، وسرد لي أبيات الأغنية التي جلها غزل إباحي، كما فهمها السفير، إلا أنه ركز على هذا البيت الذي يقول:
تبارك الله أحسن الخالقين الناس من طين وأنت من مسك تام.

فقال: ماذا يعني أن الناس خلقوا من طين ومحبوبته خلقت من المسك، أليس هذا إلحاداً؟ فضحكت وقلت له: يا سعادة السفير هذا ليس من شعرنا بل إنه للشاعر القاضي محمد شرف الدين، وقد تغزل فيه بإحدى النساء العاملات في قصر ابن عمه إمام اليمن ابن شرف الدين، وعندما وصلت القصيدة إلى الإمام قال له أصدقاء الشاعر: يا ويلك ستجد عقوبة قصوى على ما أقدمت عليه، وكانت المفاجأة أن الإمام غضب فقط؛ لأن الشاعر لم يذكر اسم الفتاة التي رآها تستحم في حمام الروضة بصنعاء، وطلب منه أن يسميها، فأعاد الشاعر تصحيح البيت، وذكر اسمها بطريقة غير مباشرة عندما قال هلالية مثل القمر (حورية)، وكان ذلك هو اسمها.
بعد سماع السفير هذا التفسير اندهش وقال: هذه هي أشعار قضاة اليمن؟ قلت له: نعم، يا سعادة السفير، إنها أشعارهم وليست أشعارنا نحن في الحزب الاشتراكي اليمني. فقال لي: "رحمة الله عليكم وعلى حزبكم".
في عام 1984، كُنت نائبا لوزير الثقافة الأخ راشد محمد ثابت، وفي تلك الفترة تم الإفراج عن الأخ المناضل عبدالله البار من السجن، وكان يحظى باحترام شديد، لذلك جرى البحث عن موقع قيادي يناط به، ويبدو أن قيادة الحزب حينها قد استقرت على أن يعين نائبا لوزير الثقافة بدلا عنِّي، ولم أكن أعلم بذلك القرار من قبل. وفي أحد الأيام تم الاتصال بي إلى الوزارة، بأنني معزوم غداء في منزل الرئيس علي ناصر محمد، فاستغربت لهذه العزومة. فسألت أحد الأصدقاء، فقال لي إنه عرف بوجود رغبة بتعييني نائباً لوزير الدولة للرياضة على أن يحل محلي الأستاذ عبدالله البار.

المهم حضرت الغذاء، وكان الحاضرون هم: الرئيس علي ناصر محمد، الفقيد علي باذيب، والشهيد علي اسعد مثنى، مدير مكتب علي ناصر حينها، وبعد الغداء بدأ الحديث عن المغتربين والثقافة والرياضة، لكن يبدو أن كل واحد كان يتحرج من الحديث عن الغرض من العزومة واللقاء، خاصة الأستاذ علي باذيب الذي كان مكلفاً بفتح الموضوع مباشرة. عند ذلك استأذنت من الأخ علي ناصر أن يسمح لي بالحديث؛ فوافق، وقال: تفضل. تحدثت باسم قيادة الحزب والرئيس علي ناصر محمد عن المناضل محمد غالب أحمد ودوره أثناء الكفاح المسلّح في القطاع الطلابي ثم في العمل التنظيمي بعد الاستقلال وفي إطار المغتربين وفي المجال الثقافي، وأكثرت من الإطراء على محمد غالب خاصة في مجال المغتربين والمجال الرياضي.

واختتمت الحديث بالقول: "وأمام كل هذه السيرة الرائعة والمواقف النموذجية للمناضل محمد غالب أحمد قررت قيادة الحزب تعيينه نائبا لوزير الدولة، نائباً لرئيس المجلس الأعلى للرياضة ونحن على ثقة أنه سيعمل بكل جُهد للنهوض بالحركة الرياضية نحو أعلى المستويات".
بعد إكمال خطابي قلت للأخ علي ناصر محمد: "هل لكم أية إضافة أيها الأخ الأمين العام؟". فرد عليً وهو يضحك بصوت عالٍ: "لا يا محمد، شكراً جزيلاً، لقد كفيت ووفيت". فقلت له: "بالنسبة لي أرجو ألاّ تتحرج قيادة الحزب في الموقع الذي يمكن أن أكون فيه، ركّزوا فقط على الذين يعشقون المناصب بالحق أو بالباطل، وأنا لست منهم. إنني ملتزم للحزب، وحيثما يأمرني اتجه دون تردد".



*ما قصة الجندي في دار الرئاسة الذي اعتبر سائقك نائب وزير الخارجية وليس أنت؟
-لهذا الموضوع قصة طريفة، كان لدينا في وزارة الخارجية سائق نموذجي وله بنية قوية وقامة طويلة اسمه علي عبده. وفي أحد الأيام تحركنا من الوزارة الواقعة في مدينة الشعب إلى دار الرئاسة في التواهي للمشاركة في لقاء مع وفد ألماني.

وعند وصولنا إلى دار الرئاسة وجّه الجندي حديثه إلى الأخ علي عبده (السائق) قائلا: "من معي؟". فأجابه: "معك نائب وزير الخارجية"، فرد عليه الجندي: "يا أخي أنت معروف أنك نائب وزير الخارجية، لكن من هو الذي بجانبك؟". فرد عليه: "هذا هو نائب الوزير". طبعا الجندي شاف علي عبده وحجمه وطوله وعرضه وأنا بجانبه نحيف ما شاء الله؛ فقرر من ذات نفسه أن علي عبده هو نائب الوزير وأنا شخص آخر مرافق له.

*ما حكاية لقائك الشهير بالزعيم الكوري الجنوبي كيم إيل سونج؟


-في عام 1988، شاركت في مؤتمر وزراء الشباب والرياضة لدول عدم الانحياز في بيونج يانج، عاصمة كوريا الديمقراطية، وتم إبلاغنا أننا سنزور الزعيم العظيم كيم ايل سونج، وأن على كل واحد منا أن يسلّم عليه خلال ثوانٍ معدودات ويتحرك مباشرة. ودار في ذهني وعد الرئيس كيم للأخ الرئيس حيدر العطاس سابقا ببناء أستاد رياضي في عدن؛ فقررت أن أخاطبه بهذا الشأن؛ فقلت للأخ أحمد الشبيبي بما نويت عليه. فقال لي: "انتبه لا تفعل ذلك".
المهم عندما وصل دوري في الطابور للسلام على الرئيس كيم توقفت، وأنا ممسك بيده، وبدأت الحديث، فأبلغته تحيات الرئيس حيدر العطاس، وما أن أطلت قليلاً في الحديث حتى كان رجال المراسيم والأمن يجرحوني بأظفارهم الحادة في عدة مواقع في جسمي حتى سال الدم من خاصرتي، لكنني مع ذلك استمررت بالحديث، وذكرت للرئيس كيم أن الرئيس حيدر العطاس والشعب ينتظرون وعده ببناء الأستاد الرياضي بعدن، فأبعد المراسيم عن مضايقتي، والتفت إلى أحد المسؤولين وأعطاه أمراً باللغة الكورية ثم ودّعني. ومباشرة بعد اللقاء تم عقد لقاء مع أكبر مسؤول في وزارة التخطيط والأشغال، وتم الاتفاق على تمويل مشروع بناء الأستاد الرياضي الذي سُمي بعد ذلك أستاد 22 مايو.

وفعلا أرسلت كوريا الديمقراطية مشكورة فريقاً هندسياً عالي المستوى إلى عدن، وأسكناه في شقة بمنطقة خور مكسر. حيث أعد الفريق تصاميم الملعب على أحدث طراز، ثم أرسل الكوريون عدة شحنات تحتوي على مئات الآلاف من الأطنان من الأسمنت والحديد عن طريق البحر من كوريا إلى عدن. وقد تم بيعها عن طريق الجهات المعنية وإيداع المبالغ في حساب خاص في البنك تحت إشراف وزارة المالية ومجلس الوزراء، وحتى اليوم لا يعرف مصير تلك المبالغ حيث تولى المسؤولية بعد ذلك الأخ أحمد الضلاعي، ولا شك أنه يعرف أين مقر تلك المبالغ.

التحضيرات للوحدة
*بعيداً عن السياسة، كيف عاش الجنوب الفترة التي امتدت من 86 وحتى العام 90، بعد كل المآسي والأزمات التي عاناها الناس؟ كيف عالجتم مشاكل الناس وهمومهم؟

- أحداث يناير ضربت الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني في الصميم. ومساهمتي بعد أحداث يناير تمثلت في محافظتي على أرواح الكثير من الناس خاصة من الذين كانوا محسوبين على الطرف الثاني، ولازالوا أحياءً، لقد وفرت لهم الحماية، سواء في بيتي أو في بيوتهم ولم اسمح أن يقتل أو يختطف أي شخص.
وهنا لا أنسى ما حييت ضياع زوجتي وأبنائي وبناتي لمدة أكثر من أسبوعين أثناء أحداث الثالث عشر من يناير الأليمة، فقد تم قتل صهري (أخ زوجتي) الشهيد حسين أحمد قسوم في باب منزلي بمنطقة حجيف بالتواهي، وبحكم علاقاتي الحميمة مع عمال الموانئ ؛ فقد قاموا بدفن الشهيد أمام المنزل ثم قاموا بإخفاء أفراد عائلتي في أحد الكهوف على الشاطئ ثم وضعوهم في سفينة اندونيسية تحمل زيوتاً نباتية، وظلوا في حالة ضياع عني تماماً من شاطئ إلى شاطئ إلى أن قام أصدقائي (أسرة الدنمي) في الخيسة وأبناء الخيسة الصيادين الأوفياء بالبحث عنهم بعد أن طلبت الأسرة من السفينة إنزالهم في ميناء المصافي في البريقة، وهنا تم إنقاذهم من قبل هؤلاء الأحباء الذين لا أنسى لهم هذا الجميل أبداً.

كما لا أنسى موقف آل الدنمي وكل صيادي الخيسة الأوفياء الذين ظلوا طوال 24 ساعة يبحثون عن ابني الحبيب الشهيد عمار حتى وجدوه ميتاً في ساحل الحسوة، وقررت أن يدفن في مقبرة الخيسة عند من أنقذوه حياً في يناير 86 وبحثوا عنه في البحر وجدوه في ذمة الله في أغسطس 2004.
وأنا أقول: إن الناس تعبت في أحداث يناير، لكن بعد ذلك جاءت قيادات بعد يناير لترميم ما حصل، حيث تم التركيز على أبناء الشهداء وعلى أبناء الذين راحوا ضحايا في كيفية تضميد جراحهم، لكن الشيء الممتاز اليوم أن الأمور تحسّنت بشكل كبير، حيث بدأ الناس يغلقوا ملفات الماضي، اليوم عندما اذهب إلى الجنوب أرى أن الناس الذين كان آباؤهم يتقاتلون هم اليوم مع بعض في التصالح والتسامح، وهذا شيء طيب.

*قبل الوحدة بفترة بسيطة بدأت تحركات لإعلان دولة الوحدة، وكنتم في مجلس الشعب، ما الذي كان يدور حول اتفاقيات الوحدة والترتيبات لإعلانها؟


الوحدة لم تأتِ بالعاطفة أو بالضحك على الذقون، بل جاءت بعد صراع وحروب مستمرة منذ استقلال الجنوب عام 67، كانت الصراعات بين اليمنيين على الوحدة، حتى الصراعات في الجنوب كانت تدور حول ما إذا كنت مع الوحدة أو ضدها أو مع الرجعية أو ضدها، لم تكن هناك صراعات من أجل المناصب، لذلك من يقول إن الوحدة جاءت بالعاطفة فهو غلطان، وأنا أريدهم أن يعرفوا حتى من الذين كانوا قادة، ويقولون إن الوحدة لم يستفت عليها، بالعكس كنا في مجلس الشعب عندما طرح علينا الأخ حيدر العطاس اتفاقية الوحدة، وكان رئيساً لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، ومجلس الشعب كان منتخباً وليس معيناً.

*متى قدمت إليكم؟
كنا نناقش الاتفاقيات الوحدوية طوال الوقت، كانت تطرح دائما في مجلس الشعب، لكن عندما تسارعت الخطوات كلنا صوتنا للاتفاق، وكان الأخ حيدر العطاس أول من صوت عليها.


*هل كان هناك من يعارض الوحدة داخل مجلس الشعب الأعلى في الجنوب؟


لم أكن قيادياً في تلك الأيام، القيادي هو الذي يكون قيادياً في الحزب، لكن كان هناك أناس لهم آراء، كان هناك من يقول إننا سندخل أقلية وسوف نُلتهم، وهناك أناس كانوا يطرحون محاذير مختلفة، لكن من باب الحرص على الوحدة. أما من كان بداخله لا يريد الوحدة فلم يكن يظهر ذلك على الأقل أمام الناس. كان كل الناس مؤيدين للوحدة، ولم يدخلها علي سالم البيض بالعاطفة، بل دخلها وهو مقتنع بها، وأنا حضرت معه أحد اللقاءات مع الأخ صالح عباد الخولاني ومن أتى معه إلى عدن، كان حينها محافظ إب، فقال البيض للخولاني: يا صالح لا أحد يقدر يوحدنا بالقوة ولا نحن خائفون، نحن لدينا نفط في الجنوب، لكنه لا يشرفنا أن نستثمره لوحدنا، بل جميعنا، لأننا بدون لك سنتقاتل عليه شمالا وجنوباً، نريد أن نتقاسم الخير مع بعض.
كانت الوحدة بقناعة، الجريمة هي الحرب، أما الوحدة فليست خطأ أو جريمة. الذين يقولون إن الشعب لم يستفت وأن البيض هو الذي جرنا إلى المكان الخطأ غلطانين. بل العكس الشعب هو الذي شدد علينا، لأنه تربى على ذلك، الشعب هو الذي شكل الضغط والجنوب كان في المقدمة. الأخ الرئيس جاء إلى الجنوب ولم يكن معه تأييد هنا في مجلس الشعب التأسيسي لإعلان الوحدة ووجد التأييد في الشارع الجنوبي.

*أليس لانتهاء أحد المعسكرين الدوليين السابقين علاقة بقبول عدن الوحدة؟


الوحدة جاءت بالرضى، ولم تكن عفوية، ولم تكن بسبب الاتحاد السوفييتي ولا هي عاطفية. ليست المسألة بهذا الشكل، ومن يقول هذا الكلام يغمط حق الحزب الاشتراكي والجنوبيين في الوحدة. الوحدة للحزب الاشتراكي والجنوبيين كانت ومازالت مقدسة. ومن يقول هذا الكلام فإنه يريد أن يشتم تاريخ الناس وأن يقول إن وفاءهم للوحدة كان خاطئاً.
الناس في الجنوب اليوم لم يخضعوا للغلط، بل يرفضونه سلمياً، رغم أن الاتحاد السوفييتي غير موجود وحزبنا رغم كل الضربات التي وُجِّهت إليه لا زال موجوداً بدون الاتحاد السوفييتي.


*قبل إعلان الوحدة أين كنت، وكيف شعرت يوم إعلان الدولة الجديدة؟


أنا بكيت يومها، وقد اتصل بي الشيخ فهد الأحمد الله يرحمه في يوم اتفاق 30 نوفمبر 1989، وقُلت له: إن الأمور تسير كذا وكذا. فقال لي: خلاص أعطني فرصة ادخل إلى الغرفة ثم ارجع. ذهب ليبكي من الفرح. انظر كيف كان تأثر الناس بالوحدة. بالنسبة لي احتفلت بيوم 22 مايو في بيتي مع أولادي، وعملنا احتفالاً كبيراً واعتبرناها شيئاً رائعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.