قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    عاجل: هجوم صاروخي للحوثيين في خليج عدن وإعلان أمريكي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    بن دغر يدعو للتحرك بشأن السياسي محمد قحطان.. وبن عديو: استمرار اختطافه جريمة بحق الوطن    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد غالب: الوحدة جاءت بقناعة الجنوبيين والجريمة هي الحرب التي حدثت
نشر في المصدر يوم 12 - 12 - 2010

تنشر صحيفة السياسية الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) حوارات أسبوعية تتناول جوانب مخفية عن شخصيات سياسية واجتماعية عرفنا نصف حياتها لكننا لا نعرف شيئاً عن نصفها الآخر.

المصدر أونلاين وبالاتفاق مع الصحيفة ومع الزميل صادق ناشر الذي قام بإجراء هذه الحوارات يعيد نشر الحلقة السادسة من حوار مع محمد غالب أحمد السقلدي عضو المكتب السياسي، رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني، فإلى التفاصيل:

*عشت الكثير من الأحداث والتقلبات في حياتك السياسية والعملية، فأي هذه الأحداث لا تزال حاضرة وطرية في ذهنك حتى اليوم؟
-هناك أحداث كثيرة، ولكنني سأورد بعضاً منها، مثلاً في أواخر عام 1981 حصل توتر في العلاقات بين عدن والرياض، وكادت أن تفجر موقفاً سياسياً سلبياً على المستوى الثنائي وعلى مستوى المنطقة ولكن قيادتي البلدين ممثلة بالرئيس علي ناصر محمد وجلالة المغفور له الملك خالد عالجتا المشكلة بحكمة، وعلى ضوء ذلك زار عدن عام 1982 صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية على طريق إغلاق الملف، وكان اللواء محمد البطاني حينها وزيراً للداخلية وأنا نائب وزير الخارجية لشؤون المغتربين. وأقيم حفل عشاء في منطقة المعاشيق للضيف الكبير وحفل فني أحيته فرقة وزارة الداخلية.

وأتذكر أن وزير الخارجية حينها الأخ سالم صالح وسكرتير اللجنة المركزية والشهيد صالح مصلح كانا ضمن المضيفين، وقد طلب الأمير نايف من الفرقة أن تؤدي أغنية "الهاشمي قال"، وهي أغنية تراثية من كلمات السيد محمد الفراشة وأول من أداها الفنان الراحل عوض عبدالله المسلمي.

وبعد أن بدأت الفرقة بتقديم الأغنية كان الأمير نايف يلتفت نحو الشهيد صالح مصلح ويكرر البيت الآتي من الأغنية:
عندك خطأ ما قرأت البسملة ولا تبارك ولا عم ونون؛ فرد عليه صالح مصلح قائلا: عاد باقي البيت الذي يليه يا صاحب السمو؛ فرد عليه الأمير نايف: ما هو؟ قال له صالح مصلح: ولا دريت أن هذي مشكلة القرش يلعب بحمران العيون.

طبعا كان كل منهما يريد أن يوصل رسالة للآخر من خلال ما يحويه البيت الشعري الذي يقرؤه، لكن المهم في الأمر أنه بعد هذه الزيارة عادت الأمور إلى وضعها الطبيعي بين البلدين.

الحدث الثاني، عندما كنت قائماً بالأعمال في السعودية كانت لي علاقات طيبة مع السفير التونسي، لكنه كان دائما ينتقد نظام الحكم في عدن ويكرر في أحاديثه السؤال: لماذا انتم ملحدون يا محمد؟ فأجبته: كلا يا سعادة السفير لسنا كذلك، إننا مسلمون ولو كنا ملحدين لما نصرنا الله على اكبر إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

وفي أحد الأيام أعاد لي شريط أغاني يمنية أعطيته إياه وهو يقول: اليوم ضبطتكم متلبسين كملحدين 100 بالمائة؛ فقلت له: استغفر الله، ما هو الدليل؟ فأجابني: سمعت ذلك بأذني في أغنية الفنان فيصل علوي "صادت فؤادي"، وسرد لي أبيات الأغنية التي جلها غزل إباحي، كما فهمها السفير، إلا أنه ركز على هذا البيت الذي يقول:
تبارك الله أحسن الخالقين الناس من طين وأنت من مسك تام

فقال: ماذا يعني أن الناس خلقوا من طين ومحبوبته خلقت من المسك، أليس هذا إلحاداً؟ فضحكت وقلت له: يا سعادة السفير هذا ليس من شعرنا بل إنه للشاعر القاضي محمد شرف الدين، وقد تغزل فيه بإحدى النساء العاملات في قصر ابن عمه إمام اليمن ابن شرف الدين، وعندما وصلت القصيدة إلى الإمام قال له أصدقاء الشاعر: يا ويلك ستجد عقوبة قصوى على ما أقدمت عليه، وكانت المفاجأة أن الإمام غضب فقط؛ لأن الشاعر لم يذكر اسم الفتاة التي رآها تستحم في حمام الروضة بصنعاء، وطلب منه أن يسميها، فأعاد الشاعر تصحيح البيت، وذكر اسمها بطريقة غير مباشرة عندما قال هلالية مثل القمر (حورية)، وكان ذلك هو اسمها.

بعد سماع السفير هذا التفسير اندهش وقال: هذه هي أشعار قضاة اليمن؟ قلت له: نعم، يا سعادة السفير، إنها أشعارهم وليست أشعارنا نحن في الحزب الاشتراكي اليمني. فقال لي: "رحمة الله عليكم وعلى حزبكم".

في عام 1984، كُنت نائبا لوزير الثقافة الأخ راشد محمد ثابت، وفي تلك الفترة تم الإفراج عن الأخ المناضل عبدالله البار من السجن، وكان يحظى باحترام شديد، لذلك جرى البحث عن موقع قيادي يناط به، ويبدو أن قيادة الحزب حينها قد استقرت على أن يعين نائبا لوزير الثقافة بدلا عنِّي، ولم أكن أعلم بذلك القرار من قبل. وفي أحد الأيام تم الاتصال بي إلى الوزارة، بأنني معزوم غداء في منزل الرئيس علي ناصر محمد، فاستغربت لهذه العزومة. فسألت أحد الأصدقاء، فقال لي إنه عرف بوجود رغبة بتعييني نائباً لوزير الدولة للرياضة على أن يحل محلي الأستاذ عبدالله البار.

المهم حضرت الغذاء، وكان الحاضرون هم: الرئيس علي ناصر محمد، الفقيد علي باذيب، والشهيد علي اسعد مثنى، مدير مكتب علي ناصر حينها، وبعد الغداء بدأ الحديث عن المغتربين والثقافة والرياضة، لكن يبدو أن كل واحد كان يتحرج من الحديث عن الغرض من العزومة واللقاء، خاصة الأستاذ علي باذيب الذي كان مكلفاً بفتح الموضوع مباشرة. عند ذلك استأذنت من الأخ علي ناصر أن يسمح لي بالحديث؛ فوافق، وقال: تفضل. تحدثت باسم قيادة الحزب والرئيس علي ناصر محمد عن المناضل محمد غالب أحمد ودوره أثناء الكفاح المسلّح في القطاع الطلابي ثم في العمل التنظيمي بعد الاستقلال وفي إطار المغتربين وفي المجال الثقافي، وأكثرت من الإطراء على محمد غالب خاصة في مجال المغتربين والمجال الرياضي. واختتمت الحديث بالقول: "وأمام كل هذه السيرة الرائعة والمواقف النموذجية للمناضل محمد غالب أحمد قررت قيادة الحزب تعيينه نائبا لوزير الدولة، نائباً لرئيس المجلس الأعلى للرياضة ونحن على ثقة أنه سيعمل بكل جُهد للنهوض بالحركة الرياضية نحو أعلى المستويات".

بعد إكمال خطابي قلت للأخ علي ناصر محمد: "هل لكم أية إضافة أيها الأخ الأمين العام؟". فرد عليً وهو يضحك بصوت عالٍ: "لا يا محمد، شكراً جزيلاً، لقد كفيت ووفيت". فقلت له: "بالنسبة لي أرجو ألاّ تتحرج قيادة الحزب في الموقع الذي يمكن أن أكون فيه، ركّزوا فقط على الذين يعشقون المناصب بالحق أو بالباطل، وأنا لست منهم. إنني ملتزم للحزب، وحيثما يأمرني اتجه دون تردد".

*ما قصة الجندي في دار الرئاسة الذي اعتبر سائقك نائب وزير الخارجية وليس أنت؟
-لهذا الموضوع قصة طريفة، كان لدينا في وزارة الخارجية سائق نموذجي وله بنية قوية وقامة طويلة اسمه علي عبده. وفي أحد الأيام تحركنا من الوزارة الواقعة في مدينة الشعب إلى دار الرئاسة في التواهي للمشاركة في لقاء مع وفد ألماني. وعند وصولنا إلى دار الرئاسة وجّه الجندي حديثه إلى الأخ علي عبده (السائق) قائلا: "من معي؟". فأجابه: "معك نائب وزير الخارجية"، فرد عليه الجندي: "يا أخي أنت معروف أنك نائب وزير الخارجية، لكن من هو الذي بجانبك؟". فرد عليه: "هذا هو نائب الوزير". طبعا الجندي شاف علي عبده وحجمه وطوله وعرضه وأنا بجانبه نحيف ما شاء الله؛ فقرر من ذات نفسه أن علي عبده هو نائب الوزير وأنا شخص آخر مرافق له.

*ما حكاية لقائك الشهير بالزعيم الكوري الجنوبي كيم إيل سونج؟
-في عام 1988، شاركت في مؤتمر وزراء الشباب والرياضة لدول عدم الانحياز في بيونج يانج، عاصمة كوريا الديمقراطية، وتم إبلاغنا أننا سنزور الزعيم العظيم كيم ايل سونج، وأن على كل واحد منا أن يسلّم عليه خلال ثوانٍ معدودات ويتحرك مباشرة. ودار في ذهني وعد الرئيس كيم للأخ الرئيس حيدر العطاس سابقا ببناء أستاد رياضي في عدن؛ فقررت أن أخاطبه بهذا الشأن؛ فقلت للأخ أحمد الشبيبي بما نويت عليه. فقال لي: "انتبه لا تفعل ذلك".

المهم عندما وصل دوري في الطابور للسلام على الرئيس كيم توقفت، وأنا ممسك بيده، وبدأت الحديث، فأبلغته تحيات الرئيس حيدر العطاس، وما أن أطلت قليلاً في الحديث حتى كان رجال المراسيم والأمن يجرحوني بأظفارهم الحادة في عدة مواقع في جسمي حتى سال الدم من خاصرتي، لكنني مع ذلك استمررت بالحديث، وذكرت للرئيس كيم أن الرئيس حيدر العطاس والشعب ينتظرون وعده ببناء الأستاد الرياضي بعدن، فأبعد المراسيم عن مضايقتي، والتفت إلى أحد المسؤولين وأعطاه أمراً باللغة الكورية ثم ودّعني. ومباشرة بعد اللقاء تم عقد لقاء مع أكبر مسؤول في وزارة التخطيط والأشغال، وتم الاتفاق على تمويل مشروع بناء الأستاد الرياضي الذي سُمي بعد ذلك أستاد 22 مايو.

وفعلا أرسلت كوريا الديمقراطية مشكورة فريقاً هندسياً عالي المستوى إلى عدن، وأسكناه في شقة بمنطقة خور مكسر. حيث أعد الفريق تصاميم الملعب على أحدث طراز، ثم أرسل الكوريون عدة شحنات تحتوي على مئات الآلاف من الأطنان من الأسمنت والحديد عن طريق البحر من كوريا إلى عدن. وقد تم بيعها عن طريق الجهات المعنية وإيداع المبالغ في حساب خاص في البنك تحت إشراف وزارة المالية ومجلس الوزراء، وحتى اليوم لا يعرف مصير تلك المبالغ حيث تولى المسؤولية بعد ذلك الأخ أحمد الضلاعي، ولا شك أنه يعرف أين مقر تلك المبالغ.

التحضيرات للوحدة
*بعيداً عن السياسة، كيف عاش الجنوب الفترة التي امتدت من 86 وحتى العام 90، بعد كل المآسي والأزمات التي عاناها الناس؟ كيف عالجتم مشاكل الناس وهمومهم؟
- أحداث يناير ضربت الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني في الصميم. ومساهمتي بعد أحداث يناير تمثلت في محافظتي على أرواح الكثير من الناس خاصة من الذين كانوا محسوبين على الطرف الثاني، ولازالوا أحياءً، لقد وفرت لهم الحماية، سواء في بيتي أو في بيوتهم ولم اسمح أن يقتل أو يختطف أي شخص.

وهنا لا أنسى ما حييت ضياع زوجتي وأبنائي وبناتي لمدة أكثر من أسبوعين أثناء أحداث الثالث عشر من يناير الأليمة، فقد تم قتل صهري (أخ زوجتي) الشهيد حسين أحمد قسوم في باب منزلي بمنطقة حجيف بالتواهي، وبحكم علاقاتي الحميمة مع عمال الموانئ ؛ فقد قاموا بدفن الشهيد أمام المنزل ثم قاموا بإخفاء أفراد عائلتي في أحد الكهوف على الشاطئ ثم وضعوهم في سفينة اندونيسية تحمل زيوتاً نباتية، وظلوا في حالة ضياع عني تماماً من شاطئ إلى شاطئ إلى أن قام أصدقائي (أسرة الدنمي) في الخيسة وأبناء الخيسة الصيادين الأوفياء بالبحث عنهم بعد أن طلبت الأسرة من السفينة إنزالهم في ميناء المصافي في البريقة، وهنا تم إنقاذهم من قبل هؤلاء الأحباء الذين لا أنسى لهم هذا الجميل أبداً.

كما لا أنسى موقف آل الدنمي وكل صيادي الخيسة الأوفياء الذين ظلوا طوال 24 ساعة يبحثون عن ابني الحبيب الشهيد عمار حتى وجدوه ميتاً في ساحل الحسوة، وقررت أن يدفن في مقبرة الخيسة عند من أنقذوه حياً في يناير 86 وبحثوا عنه في البحر وجدوه في ذمة الله في أغسطس 2004.

وأنا أقول: إن الناس تعبت في أحداث يناير، لكن بعد ذلك جاءت قيادات بعد يناير لترميم ما حصل، حيث تم التركيز على أبناء الشهداء وعلى أبناء الذين راحوا ضحايا في كيفية تضميد جراحهم، لكن الشيء الممتاز اليوم أن الأمور تحسّنت بشكل كبير، حيث بدأ الناس يغلقوا ملفات الماضي، اليوم عندما اذهب إلى الجنوب أرى أن الناس الذين كان آباؤهم يتقاتلون هم اليوم مع بعض في التصالح والتسامح، وهذا شيء طيب.

*قبل الوحدة بفترة بسيطة بدأت تحركات لإعلان دولة الوحدة، وكنتم في مجلس الشعب، ما الذي كان يدور حول اتفاقيات الوحدة والترتيبات لإعلانها؟
الوحدة لم تأتِ بالعاطفة أو بالضحك على الذقون، بل جاءت بعد صراع وحروب مستمرة منذ استقلال الجنوب عام 67، كانت الصراعات بين اليمنيين على الوحدة، حتى الصراعات في الجنوب كانت تدور حول ما إذا كنت مع الوحدة أو ضدها أو مع الرجعية أو ضدها، لم تكن هناك صراعات من أجل المناصب، لذلك من يقول إن الوحدة جاءت بالعاطفة فهو غلطان، وأنا أريدهم أن يعرفوا حتى من الذين كانوا قادة، ويقولون إن الوحدة لم يستفت عليها، بالعكس كنا في مجلس الشعب عندما طرح علينا الأخ حيدر العطاس اتفاقية الوحدة، وكان رئيساً لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، ومجلس الشعب كان منتخباً وليس معيناً.

*متى قدمت إليكم؟
كنا نناقش الاتفاقيات الوحدوية طوال الوقت، كانت تطرح دائما في مجلس الشعب، لكن عندما تسارعت الخطوات كلنا صوتنا للاتفاق، وكان الأخ حيدر العطاس أول من صوت عليها.

*هل كان هناك من يعارض الوحدة داخل مجلس الشعب الأعلى في الجنوب؟
لم أكن قيادياً في تلك الأيام، القيادي هو الذي يكون قيادياً في الحزب، لكن كان هناك أناس لهم آراء، كان هناك من يقول إننا سندخل أقلية وسوف نُلتهم، وهناك أناس كانوا يطرحون محاذير مختلفة، لكن من باب الحرص على الوحدة. أما من كان بداخله لا يريد الوحدة فلم يكن يظهر ذلك على الأقل أمام الناس. كان كل الناس مؤيدين للوحدة، ولم يدخلها علي سالم البيض بالعاطفة، بل دخلها وهو مقتنع بها، وأنا حضرت معه أحد اللقاءات مع الأخ صالح عباد الخولاني ومن أتى معه إلى عدن، كان حينها محافظ إب، فقال البيض للخولاني: يا صالح لا أحد يقدر يوحدنا بالقوة ولا نحن خائفون، نحن لدينا نفط في الجنوب، لكنه لا يشرفنا أن نستثمره لوحدنا، بل جميعنا، لأننا بدون لك سنتقاتل عليه شمالا وجنوباً، نريد أن نتقاسم الخير مع بعض.

كانت الوحدة بقناعة، الجريمة هي الحرب، أما الوحدة فليست خطأ أو جريمة. الذين يقولون إن الشعب لم يستفت وأن البيض هو الذي جرنا إلى المكان الخطأ غلطانين. بل العكس الشعب هو الذي شدد علينا، لأنه تربى على ذلك، الشعب هو الذي شكل الضغط والجنوب كان في المقدمة. الأخ الرئيس جاء إلى الجنوب ولم يكن معه تأييد هنا في مجلس الشعب التأسيسي لإعلان الوحدة ووجد التأييد في الشارع الجنوبي.

*أليس لانتهاء أحد المعسكرين الدوليين السابقين علاقة بقبول عدن الوحدة؟
الوحدة جاءت بالرضى، ولم تكن عفوية، ولم تكن بسبب الاتحاد السوفييتي ولا هي عاطفية. ليست المسألة بهذا الشكل، ومن يقول هذا الكلام يغمط حق الحزب الاشتراكي والجنوبيين في الوحدة. الوحدة للحزب الاشتراكي والجنوبيين كانت ومازالت مقدسة. ومن يقول هذا الكلام فإنه يريد أن يشتم تاريخ الناس وأن يقول إن وفاءهم للوحدة كان خاطئاً.

الناس في الجنوب اليوم لم يخضعوا للغلط، بل يرفضونه سلمياً، رغم أن الاتحاد السوفييتي غير موجود وحزبنا رغم كل الضربات التي وُجِّهت إليه لا زال موجوداً بدون الاتحاد السوفييتي.

*قبل إعلان الوحدة أين كنت، وكيف شعرت يوم إعلان الدولة الجديدة؟
أنا بكيت يومها، وقد اتصل بي الشيخ فهد الأحمد الله يرحمه في يوم اتفاق 30 نوفمبر 1989، وقُلت له: إن الأمور تسير كذا وكذا. فقال لي: خلاص أعطني فرصة ادخل إلى الغرفة ثم ارجع. ذهب ليبكي من الفرح. انظر كيف كان تأثر الناس بالوحدة. بالنسبة لي احتفلت بيوم 22 مايو في بيتي مع أولادي، وعملنا احتفالاً كبيراً واعتبرناها شيئاً رائعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.