تذكرني صرخة أو صراخ الحوثيين (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) ونتائجها الكارثية على الأرض اليوم وبما يحدث لفلول المليشيات الحوثية وحليفهم المخلوع، بما حدث لي في طفولتي ، بسبب الصراخ، أو العويل أو البكاء الذي لا صلة له بشعار الحوثيين، لأنه مجرد صراخ طفل برئ حينها، لكن ربما أنه قد أزعج الأسرة المنشغلة بهموم الحياة فلجأوا لعلاجه بالكي لإسكاته. وللإيضاح أكثر، فقد كان الناس يعتقدون أن داءً، يطلقون عليه (قَرْنِيْحة) أو (قَرينة) يصيب الأطفال في دماغهم فيسبب لهم البكاء بشكل مستمر لأتفه الأسباب أو حتى بدون سبب ولا ينفع معه الترغيب والترهيب, وكانوا يلجأون في مثل هذه الحالة إلى المنجم فيغير اسم الطفل على أمل أن يكف عن البكاء , وهذا ما حدث معي، فقد أسماني الوالد في البدء "محمداً" تيمناً باسم الرسول باعتباري المولود البكر في الأسرة, ولأنني كنت كثير البكاء في طفولتي, ربما لكثرة تدليلهم لأنني بكر أخوتي وأخواتي والطفل الوحيد حينها الذي فرحت به الأسرة, فقد استخدموا أساليب ترغيب عديدة لكي أخفف من البكاء, وحين لم تجدِ نفعاً لجأوا إلى فقيه القرية الذي نجم لي وغيَّر اسمي إلى (علي) ومع ذلك فلم يتغير من الحال شيئاً, فما كان من الأهل إلاَّ العمل بالمثل القائل (آخر العلاج الكي) إذ وضعوا في مقدمة رأسي في أعلى الجبين ميسم النار, فكان خير وسيلة للتخلص من داء (القرينة) وأن أصمُت عند البكاء بمجرد التهديد بالكي، ولا زالت آثار الكي باقية كعلامة مميزة لن تفارقني ما حييت. يذكرني ما حدث لي بعويل أو صراخ أو صرخة أو (قرنيحة) الحوثيين التي أزعجتنا وأقضت مضاجعنا، فرغم أنهم يهددون ويتوعدون بصراخهم (بالموت لأمريكا ولإسرائيل) وكأنهم سيقتلعون هاتين الدولتين من الجذور، فإن صدى صراخهم لم يتعدَّ حدود القول، دون الفعل، بل والأمر والأدهى أنهم وتحت شعار الصّرخة قد استولوا على أسلحة الدولة بكل صنوفها التي نهبوها من المعسكرات والمؤسسات الأمنية والعسكرية بتواطؤ مريب من المخلوع، خصمهم وعدوهم اللدود السابق الذي تصالحوا معه بين ليلة وضحاها ثم تحالفوا معه في الانقضاض على السلطة في صنعاء ثم الشروع في حربهم الظالمة التي اجتاحوا بها المدن والبلدات الواحدة بعد الأخرى، حتى وصلوا إلى عدن، حاضرة الجنوب.. كل هذا تحت شعار صرختهم الكاذبة(الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل).. وتحت هذا الشعار الزائف والصرخة المسمومة، ومسميات "أنصار الله" و "المسيرة القرآنية" تعرضت عدن وكثير من مناطق الجنوب لغزو همجي وقصف وحشي وتدمير بالأسلحة الثقيلة شمل الأحياء السكنية واستهدف الآمنين في بيوتهم دون وازع من ضمير، وكأن عدن بالنسبة لهم هي (تل أبيب) أو (واشنطن).. وسكانها هم (الأمريكان واليهود) .. وما تزال تعز وغيرها حتى اليوم تَئِنّ وتصرخ وتتوجّع من داء (الصرخة الحوثية) التي تنهال عليها على هيئة قذائف مدافع محرقة وطلقات كاتيوشا حوثية-عفاشية محرقة، تدك البيوت دكاً دكَّا بمن فيها من بشر وحجر.. ومع ذلك يريدوننا أن نصدق زيف شعارهم (الموت لأمريكا..الموت لإسرائل).. ومنذ البدء وتحت ذريعة هذه الصرخة الزائفة، وبمجرد سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومسارعتهم بفتح الأسطول الجوي مع أسيادهم في إيران، هددوا أيضا الشقيقة الجارة المملكة العربية السعودية، وبلغ تهديدهم باجتياح الحرمين الشرفين، ثم شرعوا بتنفيذ تهديداتهم، فكشفوا عن حقيقة كونهم مجرد أدوات ورأس حربة لتنفيذ الأجندة الإيرانية في جنوب الجزيرة العربية، وإقامة نظام في صنعاء وفق النموذج الإيراني بقوة السلاح، وتحت زيف شعارهم "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل". وهكذا فأن صراخ الحوثيين الذي لم يبلغ صداه إلى أمريكا وإسرائيل، قد هدد بمخاطره الأمن والسلام المحلي والإقليمي، وبعد أن عجرت كل وسائل المداراة والتنجيم لإقناعهم بالرضوخ للحوار وتنفيذ مخرجات المبادرة الخليجية التي انقلبوا عليها، لم يكن هناك من طريقة متبقية للتعامل معهم سوى بالكي، وهو آخر الدَّواء، كما يقال في أمثالنا العربية، ويُضرب في آخِر ما يُعالج به الأمر بعد اليأس منه. وقد يأس الكل من غطرسة وعنجهية وصلف المخلوع والمليشيات الحوثية التي استقوت بالسلاح والصرخة المُضلِّلة، فكان لا بد من العلاج بالكي، الذ تمثل بعملية (عاصفة الحزم) و(عاصفة الأمل) و(السهم الذهبي) التي تواصل كَيَّها لإسكات الصرخة المزعجة، وتُلْقِمُ نظام (ولاية الفقيه) حجرا ترغمه على وقف تدخله السافر في شئون اليمن والجزيرة العربية. ومَنْ لم يصلحه الكلام والحوار والمنطق أصلحه الكَيّ.. وعاصفة الحزم آخر العلاج لعويل وصراخ الحوثيين ولاجتثاث خطرهم. د.علي صالح الخلاقي عدن 8/9/2015م