بإبتسامة ساحرة وقلوب صافية وفي جو رائع تتعانق فيه الأمطار مع الأشجار في مشهد رائع لاتنساه ذاكرتك ، وعلي ضفاف المحيط الهندي الذي يحتضن أقدم مدينة تجد فيها مزج بين التاريخ والحاضر " مومباي " إستقبلتنا الطيور والأمطار التي تداعب وجهك برذاذها تارة ، وتارة أخري تهرب من شدتها لتختبيء تحت جدران المنازل العتيقة ، ولا تتعجب إذا شاهدت شجيرات صغيرة تطل برأسها بين ثنايا الحجارة ، ولاتملك إلا أن تقول سبحان الخالق ، فكيف لنبتة صغيرة أن تنمو وسط جدران المنازل ، هذا المشهد لن تراه غالبا سوي في دولة الهند ، الذي حباها الله بطبيعة غاية في الجمال ،،، وستجد أشجار الجوز تحيطك من كل اتجاه أينما ذهبت ستتذوق ثمارها الهند بلد التاريخ والعظمة والجمال والطبيعة والإختلاف ، فلا تجد طوال رحلتك شيئا يشبه الآخر سوي في العادات والتقاليد وحب الشعب الهندي لحضارته وتاريخة وزية التقليدي المتمثل غالبا في " الساري " ، والبنجابي " وهذا يعد الزي التقليدي لمعظم النساء هناك ، وإن كانت الأجيال الجديدة وبنات الجامعة قد بدأن في التخلي عن الزي التقليدي لكي يصبحن أكثر عصرية ، ولكنها في نفس الوقت لاتتخلي أبدا عن وجود الزي الأساسي والرسمي لبلدها ، ويعد الساري أهم قطعة في دولاب ملابسها المرأة الهندية نموذج رائع للجدية والتحدي والصمود ، تعتمد علي نفسها طول الوقت ، وقد شاهدت بنفسي أنها أصبحت لاتعتمد علي وسائل المواصلات التقليدية ، بل تذهب إلي عملها وهي تقود بنفسها دراجتها البخارية دون أن يعترض أحد طريقها ، وهذا من أرقي المشاهد التي رأيتها في مومباي ، لم تمنعها تقاليدها من أن تقود دراجة بخارية وتذهب إلي عملها ومدارس أبناءها ، المرأة الهندية كتلة من النشاط وتحظي بتقدير الجميع ، لايوجد في قاموس الهنود لفظ " متحرش " أبدا ومن المرأة الهندية للرجل الهندي العصري ، وفي اعتقادي أن الدراما الهندية القديمة ظلمتهم ، فكل معلوماتنا عن الهند كانت متمثله في شكل الرجل الذي يشبه المهراجا ، وتخيلنا لوقت طويل أن كل الرجال في الهند يشبهون المهراجا بملابسه المزركشة بالألوان وعمامته الضخمه وشاربه الطويل ، ولكن الحقيقة عكس ذلك ، فالرجال في الهند عصريين يرتدون موديلات وماركات عالمية ومعروفه ويعرفون جيدا الطريقة المثلي في التعامل مع السائحين ، فشعب الهند لطيف وودود ومضياف ، وكريم لأقصي حد، ومثقف ويمتلك مهارات عديدة ،، لا تشعر معهم أبدا بالغربة ، فهم يشبهوننا كثيرا حتي في اللون ، ودائما مايصنعون حولك حالة من البهجة والفوضي أحيانا الحياة في الهند مليئة بالصخب ، نتيجة لتعدادهم الكبير ، ومن الممكن أن تعيش أكثر من حالة في اليوم الواحد وبرغم اختلافهم المذهبي والديني إلا أنهم متفقون تقريبا في كل شيء ، وصدق من قال بأن في الإختلاف رحمه . ستكون سعيد الحظ إذا كنت غير تقليدي في الأكل وتحب دائما أن تجرب مطابخ مختلفه ، وفي المطبخ الأسيوي الهندي ، ، ستكتشف أنواعا غريبه من الأكلات كانت بالنسبة لي رائعة لإنني أعشق التجربة والتغيير ، ولكن يجب أن تكون معدتك علي استعداد تام للصواريخ الملتهبة المتمثلة في البهارات والفلفل الحار الهندي الذي يدخل في معظم الأكلات الهندية ، فهم يتفننون في صنع الأطعمة حتي لو كانت المائدة تخلو من كافة أنواع اللحوم ، كما يتفننون في صنع أنواعا كثير من الخبز والحلوي ، وهم بطبيعتهم يعشقون الفن حتي في الأكلات وتقديمها الشعب الهندي يعشق الفن بكل أنواعه ولا تتعجب إذا قابلك أشخاصا يعزفون علي الناي في شوارع مومباي ، هم شعب تربي علي الفن وأصبح الفن الهندي في المقدمة وإنتاجهم السنوي في الأفلام فقط يتعدي الألف فيلم سنويا ، هذا غير الدراما التي نجحوا فيها باقتدار ، وأصبح للدراما الهندية جمهور عربي كبير ينتظر عرض مسلسلاتهم ويحفظها ، وتكاد تكون الدراما الهندية هي المنافس الحقيقي للمسلسلات التركية في قلب الجمهور العربي ، فقد استخدموا مؤخرا موضوعات جادة وسيناريوهات بها قضايا مجتمعيه ، ناهيك عن التكنيك الرائع في التصوير ، والصورة الجيدة تجولت حريتي داخل استوديوهات " بوليوود " وشاهدنا أكبر مدينة للتصوير هناك وسط الطبيعة الخلابة والتي تحمل إسم " سيتي فيلم " ، لايمكن أن يعيش الشعب الهندي بدون الطبيعة ونادرا ماتجد عمل فني بدون أن يتم إلقاء الضوء علي جميع المناطق الخضراء الجذابة ، دخلنا إلي مدينة " سيتي فيلم " وقابلنا مدير الإستوديوهات السيد "Dilip Rayannavar " الذي أخذنا في جولة لكل الإستديوهات الموجودة في المدينة ، ورحب بنا وتمني أن يكون هناك تعاونا فنيا بين الهند ومصر ، وأكد علي أنهم يمتلكون أكبر استوديوهات في العالم بأحدث تقنية ، وأن إنتاجهم السنوي من الأفلام أكثر من ألف فيلم ، تجولنا في مواقع التصوير ، وشاهدنا ميكينج تصوير مسلسل " طيار " والذي يحكي عن قصة حياة أرملة شابة توفي زوجها وعاشت تصارع مشاكل الحياة بمفردها وتعرضت لأزمات ومواقف غريبة واصطدمت بالواقع المرير ورغم ذلك تتغلب عليها ، ولأول مرة أعرف أن الأرامل في الهند تستطيع أن تميزهم بسهولة حيث أنهم يرتدون الساري الأبيض السادة ، ولا يغيرونه طالما ظلوا أرامل ، وقد توقف التصوير أكثر من مرة نتيجة لسقوط الأمطار الشديد ، والهواء الذي أطاح بمعدات التصوير ، حيث كان التصوير خارجيا ، والمشهد كان عبارة عن سوق في المدينة ، ولكن سرعان ماهدأت الأمور وأستأنفوا التصوير مرة أخري دخلنا وشاهدنا مواقع أخري واستوديوهات داخلية مهيئة تماما للتصوير ، ويعد النجم أميتابتشان من أهم النجوم في الهند ويعتزون به كثيرا لدرجة أن صوره معلقة داخل استوديوهات التصوير وعلي ذكر النجم الهندي أميتابتشان الذي يحظي بشعبية كبيرة جدا ويوميا ماتجد أمام منزلة العشرات من جمهورة الذي ينتظر خروجه بفارغ الصبر ، وكذلك المصورين الذين من الممكن أن يقضوا ساعات طويلة في الشمس الحارقة ، أو في المطر وذلك مقابل نظرة أو سلام من نجمهم المفضل ، ومنزل أميتابتشان في مكان مميز علي المحيط الهندي ، وقد حدد النجم الهندي موعدا للخروج إلي شرفة منزلة لتحية الجمهور الذي ينتظره واختار يوم الأحد وتحديدا في الساعه الخامسة وخمسون دقيقة ، ويظل واقفا في شرفة المنزل عشرة دقائق لتحية جمهورة ، وفي تمام السادسة يدخل ، وينصرف الجمهور وهو سعيد جمهور أميتاب لايقتصر فقط علي الشباب بل يضم كل الأجيال فلو زرت الهند يوما من الممكن أن تجد عائلات بأكملها في انتظار النجم الهندي بداية من الجد مرورا بالأبناء حتي الأحفاد يمتلك أميتابتشان ثلاثة منازل ضخمه علي المحيط الهندي ، أحدهما يسكن فيه إبنه ، والإثنان الآخران للنجم الهندي ، ونفس الحال ينطبق علي النجمين الشهيرين ، " سلمان خان ، وشاروخان " ومعظم الجمهور الذي يقف أمام منازلهم من الشباب منزل سلمان خان يطلق عليه البيت الأبيض ، حيث أختار أن يكون لونه أبيض وهو أيضا يطل علي المحيط الهندي، ولكن الوضع مختلف إلي حد ما أمام منزل سلمان خان فهو ليس له مواعيد في الخروج ومن الممكن أن يظل الجمهور والمصورين واقفين لمدة يوم كامل حتي ينتظرون اللحظة الحاسمة التي يخرج فيها نجم الشباب ويستطيعون تصويرة أو إلقاء نظرة عابره عليه وهو في سيارته وكذلك الحال مع النجم الشاب شاروخان الذي حققت أفلامه إيرادات خيالية ، وشاروخان له جمهور عربي كبير نظرا لأعماله المتميزة ، وقد وجدت شبابا كثيرين يقلدون شاروخان في طريقة لبسه وقصة شعره ، وإن دل هذا فإنما يدل علي حبهم العميق للفن الذي يقدمه نجوم بوليوود وإذا أردت أن تتسوق في مومباي فستجد أمامك أسواقا كثيرة جدا بمختلف أنواعها وعلي كل المستويات ، سواء كانت ميزانيتك كبيرة أو محدوده ، ستجد صناعات كثيرة هندية قيمة جدا ولابد من أن تقتني شيئا خاصا صنع بأيدي هندية ، والسوق الهندي متميز جدا في صناعة الملابس والإكسسوار والعطور ، وهو من أفضل الأسواق التي تستطيع أن تأخذ منها جودة وسعر مغري وجيد ، وستجد في منطقة كولابا سوقا كبيرا للملابس وللحلي والإكسسوارات الهندية ، وهذه المنطقة تسمي منطقة العرب حيث ينزل فيها وفودا عربية نظرا لوجود الفندق العريق الشهير تاج محل الموجود أمام السد والمحيط الهندي مباشرة كما يوجد في منطقة كولابا عدد كبير من الفنادق المهمه والفخمة ، والمستشفيات الكبيرة ، وللعلم الهند تشتهر بتفوقها في مجال الطب وحققت شهرة عالمية فيه ، ويأتي الكثيرين للهند للعلاج كما توجد أسواقا أخري في منطقة " بندرا " التي تشتهر ببيع الملابس الهندية بكل أشكالها ودائما ماتجدها مزدحمه كما يوجد بالهند مولات ضخمة تضم معظم محلات الماركات العالمية في الملابس وفي الذهب والفضة وأماكن ضخمه وترفيهية للأطفال ، باختصار شديد كل ماتريده ستجده في الهند وللأعشاب والتوابل الهندية والبخور الهندي حكايات ، فكثير من السائحين يذوبون عشقا فيها ، ولكن إذا أردت بخورا هنديا أصليا فيجب أن تكون محفظتك الخاصة معبئة عن آخرها فهناك نوعا من البخور يتعدي سعر الكيلو المائة دولار ، أي بحسبتنا نحن يتعدي الثمنمائة جنية ، وذلك نظرا لشجرتة النادرة وفي مدينة " سورات " الصناعية التي تبعد بمسافة أربع ساعات عن مدينة مومباي بالقطار ، ستجد مدينه من أحلي المدن الصناعية وأنظفها ، يوجد فيها معظم مصانع الأقمشة والعطور والسيراميك وغيرها من الصناعات ، ومصانع الأدوية الضخمة كما ستستمتع بالجو الرائع والنظافة والشياكة في المباني في هذة المدينة ولا يمكن أبدا أن ننسي المطار العملاق الذي صمم علي أعلي مستوي ، فمطار الهند ينافس المطارات العالمية من حيث المساحة والنظافة والشياكة والرقي والنظام ، وفي وسط المطار ستجد صورة كبيرة للزعيم غاندي ، وهي في الغالب موجوده في كل البيوت والفنادق وفي السيارات ، وهو مثل عظيم وكبير ليس للهنود فقط بل لكل شعوب العالم سعدت بالهند وبشعبها الطيب ، وبزملائي الصحفيين من الهند ، السيد هيمنت ، وتوشار " ولايمكن أن أنسي الصديق الرائع الذي صنع حالة من البهجة والسعادة وخفة الدم ، ومن خلاله شاهدنا الهند بشكل راقي ومتحضر صديقي العزيز " ساجد " الذي كان بصحبتنا في كل شبر في مومباي ، وإلي أن نلتقي مرة أخري في مدينة أخري بدولة الهند العظيمة