لا شك إن الاستعار البريطاني هو الاستعمار البغيض على الرغم إنه لم يفعل في الجنوب مثل ما فعله الاستعمار الحبيب ، ونعني به ما نعيشه اليوم من أبناء العربية اليمنية إذ لم يتركوا شيئاً لا فوق الأرض أو تحت الأرض إلا واتوا عليه ، بسطوا على البر والبحر حتى أن كبيرهم الذي علمهم البسط قد وصل به الحال أن يبسط على ما تحت الأرض فحفر الانفاق وتفنن في حفرها ، فلو أن صالح استطاع أن يرقى إلى سماء الجنوب ليبسط عليها لفعل ، ولكنه بسط عليها من خلال شبكة اتصالاته . دعونا من صالح واحتلاله ، ولنقف مع الاحتلال البغيض الذي جثم على أرض الجنوب ما يزيد عن القرن وربع القرن ولكنه لم يفعل بالجنوب كما فعل صالح لم يحاول أن يطمس الهوية ولا تغيير الدين أو العبث به كما فعل صالح الذي حاول منذ البداية تغيير الهوية الجنوبية وتغيير المذهب السني بمذهب لا علاقة له بالدين ، لقد هرول صالح من منحدرات نقم وعيبان ليدك كل ماهو جميل على أرض الجنوب فدك مصانع عامرة ومزارع كانت جناناً على أرض الجنوب ومؤسسات ناجحة ومستشفيات كانت نموذجاً في التطبيب المجاني ، فجعل كل هذا أثراً بعد عين ، لقد قلت دعونا من صالح ولكن القلم يأبى إلا أن يكتب عن صالح وما اقترفه صالح بحق الجنوب أرضاً وإنساناً ، إن فترة الاحتلال البغيض كانت فيها عدن زهرة المدائن وقبلة الزائرين ودرة المدن العربية ، ولكنها في عهد صالح لا تفرق كثيراً عن أية قرية من قرى اليمن ، في عهد صالح عرفت عدن السلاح بمختلف أنواعه ، وهي التي لم تعرف في عهد الاستعمار البغيض حتى السلاح الأبيض ، في عهد صالح انقطع التيار عن عدن وانقطع الماء ، فبأي ذنب عاقب صالح عدن ، إن الشعوب الحية لا تسقط حقوقها بالتقادم فمنذ حرب الاحتلال في العام 94 ناضل الجنوبيون لاستعادة الدولة من بين مخالب صالح ورفقاء الفيد فقدّم قوافل الشهداء في عدن وكل محافظات الجنوب ، وخرجت المليونيات في عدن وحضرموت فهزت هذه المليونيات عروش حكام صنعاء فحركوا جيوشهم لقمع هذه الحشود الحرة التي لم تأبه بترسانة صالح ومن دار في فلكه أو استن بسنته ، فكل يوم تكبر هذه المليونيات حتى شبت عن الطوق وقوي ساعدها و اشتد عودها وهاهي تستعد لاستقبال عيد استقلال أجدادها بمليونية سيسمع صالح هديرها وهو في نفقه المظلم ، لأن صالح ظن أنه سيُخضع هذا الشعب ليعيش الذل والهوان ، ولكنه لم يكن يعلم أن هذا الشعب قد سقاه أجداده وآباؤه الحرية في كؤوس أكتوبر ونوفمبر ، ومن ذاق حلاوة الحرية لا أظنه يرضى بمرارة العبودية وهذه حقيقة لم يلقنها أحد لصالح حتى خرج أبناء الجنوب ليصرخوا في أذنه قائلين : نحن شعب حر نعيش بالحرية أو نموت دونها ، فقرر صالح أن يبيد هذا الشعب بجيش جرار أوله في عدن وآخره في صعدة فهُزم هذا الجيش العرمرم أمام إرادة شعب عشق الحرية حتى الثمالة ، لقد تحقق الاستقلال الأول من الاستعمار البغيض ، وسيتحقق الاستقلال الثاني من الاستعمار الحبيب بل إننا أصبحنا نتنسم عبيره ، من ساحة العروض ، بالشابات ، من العاصمة عدن ، كل عام وأنتم بخير ولتحيا الجنوب كل الجنوب حرة عزيزة .