لكل مكان في هذا العالم المترامي الاطراف جمال رباني تتجلى فيه ابداعات الخالق عز وجل الذي خلق كل شيء وأتقنه وجعله بشكل متفاوت بدرجات مختلفة الاشكال، فكل طبيعة خلقها المولى تختلف عن الأخرى إذ وهب عدن طبيعة جمالية قل ما نجدها في اماكن اخرى بجبالها و بحرها و اوديتها ضف الى ذلك اسرار جمالية لا تراها العين ولكن بالأحاسيس والشعور نلتمسها. مدينة عدن من المدن ذات سحر الخيال لها جاذبية خاصة يرتبط معه سر الاختلاف البديع لجمالها و طبيعتها واحوالها والذي لا يعرفه الكثير عنها ..كجزء من مجموعة الأسرار التي لا تظهر إلا في وقت الأزمات والظروف العصيبة ، فتاريخها على مدى العصور لدليل شاهد على ذلك ، فبرغم كل الصراعات والهجمات ذات الطابع الهمجي الحاقد عليها إلا انها لا تزال وإلى يومنا هذا محافظة على مكانتها التاريخية كموطن ضم كل المكونات المجتمعية فكرياً و دينياً، الأمر الذي جعلها ترتقي سلم التحضر والتمدن كمدينة بحجم وطن كبير. سر الجمال الخلاب للمحروسة لا يحتاج إلى شرح تفصيلي بل أنه واقع مفروض تدركه النفوس بالتأثير تتجلى صوره بالتوازن والانسجام السائد في التعايش الذي جعل منها مرسى للطمأنينة وموطن لمن يطلب الرزق و وطن تزيل خوف ساكنيها و زوارها ولا يشعر احد منهما انه مهدد في سكنه او معيشته او عمله ،ناهيك عن العطاء والسخاء بالغ الكرم فقد اعطت ولازالت تعطي كل من جاء اليها حباً و تسامحاً وهدوءً. منبع للحرية نبراس للعلم منار للثورة رافد للاقتصاد سُطرت فيها ملاحم عديدة لشتى المجالات السياسية والثقافية والعسكرية كان أبرزها وقائع التصالح والتسامح كعناوين بارزة تضيئ تاريخ هذه المدينة السلمية والمتسامحة حتى للذين حملوا ضدها السلاح فلم تبادلهم البغضاء بل رحبت بهم وفتحت ذراعيها واحتضنت الجميع بكل حنان . ولعدن اسرار كثيرة لا يمكن حصرها أبداً فمنها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي وظاهر لنا بالإدراك ، وهنا إذا تأملنا كيف استبسلت عدن و أهلها بالدفاع الشرس والانتصار بإمكانيات لا تذكر للتصدي للقوات العدوانية التي اتت من شمال الشمال لتمنى بالهزيمة التاريخية على اسوارها ، ايضاً كيف تحولت الأعاصير المدمرة بتعددها وانحرفت عن مسارها نحو عدن متجاوزاً كل توقعات الفلكين و تنجيمهم .. الشيء الذي يحوي لنا تدخل العناية الالهية في ان تبقى هذه الطبيعة العدنية محروسة من كل شر حتى وان حدث فيها فسرعان ما ينتهي و يزول فالحروب والاحداث لا تستمر فيها طويلاً. ميناء عدن العتيق برصيفه الطبيعي المحيط بجال عدن البركانية الخامدة التي تثور و لا تتفاعل رغم تأكيدات الجيولوجيين عكس ذك تقف حارساً أميناً لكل السفن التي ترسوا بهدوء دون اي تأثيرات أو عراقيل . كما تتوفر بالمحروسة عدن مصادر للمياه الطبيعية والمقدرة بأكثر من 400 بئر مياه شرب نقية بعذوبتها رغم قل استخدامها ، تزود منها الساكنين والتي لم تظهر إلا بوقت الازمات ومنها الازمة الاخيرة من جراء الهجوم المهزوم . تبقى عدن اسم على مسمى لانقدر تعداد خيراتها واسرارها مهما دققنا ونقبنا وبحثنا في ظاهرها وباطنها و جوهرها غير عن الثروات التي لم تظهر بعد و لا نعلمها ، تظل عدن الرقم الأصعب بين كل المدن فكل الجنوب عدن و عدن المحروسة هي الجنوب ، وما علينا اليوم الا ان نرد الوفاء بالوفاء لعدن بكل تسامح واخاء وحب ونبتعد عن ايذاءها وان نتعايش بشكل مدني سلمي معها بحنان كما تعاملت مع كل من دخلها وعاش فيها و ان عمل بجد يداً بيد لعودة مجدها وتاريخها الحافل.