منذ الحادي عشر من فبراير من عام 2011م وهو يناضل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية ارتضى عن قناعة تامة وإيمان عميق بأن يكون ممن نذر نفسه لدفاع عن تعز واليمن في مرحلة السلم والحرب معاً . بدأ مسيرته النضالية من ساحة الحرية بتعز ومن المساهمين في نصب خيمة أبناء الحجرية في تلك الساحة وكان يشارك في معظم المسيرات والمظاهرات والفعاليات التي كانت تقام في تلك الساحة ، بالإضافة لعمله في المستشفى الميداني لإسعاف الجرحى وأخذ دورة مقتضبة في المستشفى الميداني في الإسعافات الأولية من أجل هذا الغرض ، وواصل مسيرته النضالية بعد محرقة تعز بإصرار كبير وعزيمة أقوى من أجل تحقيق أهداف ثورة 11 فبراير التي سقط من أجلها شهداء كثر وخصوصا في محرقة تعز الأليمة . كان الشهيد صلاح رحمه الله بطل شجاع يتقدم الصفوف في المسيرات الجماهيرية رغم غزارة الرصاص الحي المصوب نحوهم والغازات السامة وخراطيم مياه المجاري التي كانت تستخدم لفض المسيرات وتفريق المتظاهرين وساهم في تمزيق صورة المخلوع الضخمة في مبنى المحافظة . ومع ازدياد القمع الممنهج ضد الثوار في 2011م وارتفاع نسبة المجازر الوحشية بحق الثوار وسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى ومنع المظاهرات السلمية وإحراق خيم ساحة الحرية بمن فيها ونهب وسلب ممتلكات الثوار ونشر بلاطجة في مختلف شوارع تعز لتنكيل بالثورة والثوار وممارسة أبشع الجرائم بحقهم .. وحينها لجأ بعض الثوار الأحرار بما فيهم الشهيد صلاح جميل الكهلاني للمقاومة المسلحة من أجل حماية ساحات الثورة والثوار وردع المعتدين ؛ لكي تستمر الثورة وتحقق أهدافها . ولذلك كُرست جميع الجهود من أجل إيجاد مقاومة تحمي الثوار وتحقن دماؤهم وتصون الأعراض وتحافظ على الثوابت والمبادئ والقيم الثورية ولهذا اشتدت المواجهات واتسعت رقعتها لتعم معظم شوارع تعز الرئيسية بعد قيام المخلوع بنشر جميع قواته وبمختلف الأسلحة للقضاء على الثورة والثوار . كانت عصابة المخلوع صالح تمتلك الدبابات والمدرعات ومختلف الأسلحة الحديثة وقوات نخبة من الحرس الجمهوري والأمن المركزي بالإضافة للبلاطجة الكثيرون ،وبالمقابل مقاومون مدنيون معظمهم لا يمتلكون سوى السلاح الشخصي " الكلاشنكوف" وقليل جداً من الذخيرة ، ورغم ذلك الفارق الكبير بين القوتين العسكرية والمدنية إلا أنَ معنويات الثوار ضلت مرتفعة وهممهم عالية وإيمانهم قوي بالله وبنصره وتمكينه ؛ لأنهم أصحاب حق وقضيتهم عادلة ومطالبهم محقة .. وقد استطاعت المقاومة الحفاظ على مواقعها وكبدت عصابة المخلوع خسائر فادحة بالأرواح والعتاد ، بعد ذلك استمرت المظاهرات والمسيرات والاعتصامات لتعم المحافظة بكل مديرياتها .. وخرج الشعب بكل فئاته واطيافه وأحزابه ومكوناته ينشد الحرية ويطالب بالدولة المدنية .. حين ذلك تهاوت قوة المخلوع وانكسرت وتساقطت قلاعه وفقد محبيه ومناصريه ، وانسلت معظم قيادته وأفراد حزبه لتلحق بركب الثورة خصوصا بعد حادثة النهدين التي كادت تودي بمصرعه وقتل وأصيب على أثرها عدد من رجالاته .. بعد ذلك عمل عدة مبادرات لإنقاذ نفسه والمحيطين به وحماية عائلته ومن شارك في قتل الثوار من أي مساءلة قانونية ، ووضع في مقدمة بنود مبادرته بند الحصانة من أي مساءلة قانونية بحق القتلة والفاسدين .. بعد كل تلك المبادرات التي وضعها المخلوع وباءت بالفشل ؛طرحت دول الخليج المبادرة الخليجية وتم التوقيع عليها من جميع الأطراف السياسية حقناً للدماء . وشُكلت حكومة الوفاق الوطني وانتزعت صلاحيات المخلوع لتعطى لنائب الرئيس واجريت بعد ذلك انتخابات رئاسية بحسب الآلية التنفيذية المزمنة وشكل بعد ذلك مؤتمر الحوار الوطني وتوافق الجميع على مخرجاته .. وأثناء تلك الفترة تم ضم الثوار المقاومين في صفوف الجيش والقوات الأمنية بعد تدريبهم في معسكرات الجيش وضمهم إلى صفوفه وتوزيعهم على مختلف المؤسسات العسكرية والأمنية وكان الشهيد صلاح الكهلاني ممن ضُم إلى قوات المنشآت وعمل هناك بإخلاص وأمانة وحب لهذا الوطن الجميل الذي يستحق كل شيء جميل .. وأثناء تعين اللواء الدكتور عبده حسين الترب وزيراً للداخلية من قبل الرئيس الشرعي هادي خلفاً لعبدالقادر قحطان تم اختيار الشهيد صلاح جميل الكهلاني بين مرافقي وزير الداخلية الترب وقد قبل ذلك لعلمه المسبق بكفاءة ونزاهة وعدالة ووطنية الوزير اللواء الدكتور عبده حسين الترب أثناء عمله بقوات المنشآت ، وعمل معه الشهيد صلاح جميل بكل حب واخلاص وامانه وكان نعم الجندي المخلص لوطنه وشعبه المحافظ على ثوابته ومبادئه المنزه من الحزبية والمناطقية والفئوية والطائفية . وبعد الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية وظهور المقاومة الشعبية ، عاد الشهيد صلاح جميل الكهلاني إلى تعز وقاتل في صفوف المقاومة بكل بسالة وشجاعة وفقد في تلك المواجهات أعز أصدقائه منهم الشهيد نور الدين الزعزعي والشهيد المياس وآخرين وسطر في تلك الملاحم أروع البطولات وحقق لنفسه تاريخ ناصع البياض لشاب وطني بطل شجاع أفنى حياته في خدمة الوطن خلال فترة عمره القصيرة التي كان معظمها في ساحات الشرف والبطولة وكان يبدي استعداده دائماً للمشاركة في التعزيزات للجبهات المشتعلة والتي تحدث فيها مواجهات شرسة حيث شارك في مواجهات الحصب والستين وجولة المرور والحوض والضباب والبعرارة وعقاقة وأخيرا جبل جرة الذي أستشهد فيه بعد بلائه الحسن في صد الحوثيين وردعهم ومنعهم من السيطرة عليه ،لما يمثله من رمز لكرامة وكبرياء تعز وعنفوان شبابها الأبطال أمثال الشهيد صلاح جميل . كان الشهيد صلاح جميل الكهلاني يتمثل بالجندي المجهول والأسد الهصور والبطل الشجاع ، الكرار حامي الديار ، لم يكن مغرورا ولا متغطرسا ؛ بل كان رجل شهم شجاع ،قليل الكلام كثير الفعل والعمل صاحب همة عالية وإرادة صلبة ومعنويات مرتفعة على الدوام في الحرب والسلم واللا سلم واللا حرب ، عنده دماثة أخلاق وصاحب خصال حميدة ، بارا بوالديه وأهله جميعاً ، محبوبا لدى الجميع ،طالب علم ومحب للمعرفة حيث كان يدرس بكلية الإعلام بجامعة صنعاء إلى جانب عمله مرافق لوزير الداخلية السابق اللواء الدكتور عبده حسين الترب . لم أراه يوماً وأنا أخاه يحمل سلاحه إلا أثناء ذهابه إلى جبهات الشرف والبطولة دفاعاً عن تعز من المعتدين الحوثيين ،شارك في مسيرة الحياة مشياً على الأقدام من تعز للعاصمة صنعاء دفاعا عن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية وتجسيدا للإخاء والمحبة والتسامح والترابط الأخوي وتتويجا لشمولية الثورة لكل أجزاء الوطن . أستشهد في جبل جرة بتعز أثناء مواجهات دامية برصاصة قناص وقعت في رأسه الساعة الحادية عشرة من صباح الثلاثاء في الواحد من ذي الحجة الموافق للخامس عشر من سبتمبر2015م إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل .. الخلود للشهداء الأبرار والشفاء العاجل للجرحى والنصر والتمكين للمقاومة الشعبية .