(عدن) .. المدينة والمدنية ، البحر والجبل ، الناس والثقافة ، الفن والرياضة عدن .. نالت شرف الحضور الطاغي في الذاكرة الجمعية لكل العالم ، ليس بسبب موقعها - وان كان لموقعها سبب - وليس بسبب ناسها فهم ناس من عموم الناس ، خلق من خلق الله تعالى لا يختلفون لكن عدن حققت كل هذا الألق والحضور المدهش بسبب تحققها باشتراطات العصر وبشروط الحضارة في التعايش الانساني وفي التمازج الروحي مع غيرها ، كانت عدن هي الحاضنة الطبيعية لكل ألوان الطيف الوطني - الإنساني ، عاش فيها وتعايش جملة من الأديان ومن الجنسيات ومن الألوان استوعبت الكل الانساني هضمت ثقافات وحضارات وبلدان ، وأعادت انتاجها بصناعة عدنية بالغة الدقة والإتقان ( صنع في عدن ) .. وحصرياً كلنا اليوم يتغنى بعدن ، ويتباهى ، يحاول أن يروج لعدنيته بصورة أو بأخرى ، بما يليق غالباً ، وأحياناً أخرى بما لا يجمل !! أن عدن اليوم غيرها بالأمس - تلك هي الحقيقة العريانة - مختلفة عدن حد الالغاء .. عدن اليوم تختفي من أمسها الجميل وتنسحب لصالح أنموذج ( مسخ ) .. و ( وهجين ) .. ليس يشبه عدن .. أبداً ويستحيل !! نحن - المحبون لعدن حد التعصب - نغرق في التنظير وفي التفلسف عن عدن وأيام عدن وفن عدن وجمال عدن ورقي عدن وأسبقية عدن و.. و.. و.. الخ الخ الخ بينما نحن نتباعد عن عدن ونبني قلاع وحصون من التخلف والهمجية واللامدنية تحول بيننا وبين عدننا التي نحب ونحتفي صارت عدن اليوم تهرب من أمسها الوضيء الباهي إلى حاضرها البائس التعيس وصرنا فقط كالمرضى النفسيون نعيش على ماضي لن يرجع يعود .. نستعيد شريطا من الماضي ونسترجعه بصورة مملة ثقيلة الدم صرنا نشبه حاضرنا ولا يشبهنا أمسنا الجميل عدن .. ليست تحتاج لتقليب ارشيفها الماضي والتغني بالأمجاد التي لن تعود عدن .. ليست ماضي واطلال ينتصب على معالمها واثارها حائط مبكى لكل من يحبها كي يتذكرها ماضيا ويذرف عليها الدموع ، بينما هو يحمل معول هدمها ولا ينفك يمارس فيها هدما وتدميرا عدن .. لاتحتاج دموعكم ايها الوالهون العاشقون المتيمون بحبها قلوبكم معها وسواعدكم عليها من يزور عدن بعد طول اغتراب ينكر عدن وعدن تنكره فحجم الدمار والافساد الذي لحقها صار فوق المعقول عدن .. صارت احراش واكشاك ومدن صفيح عدن .. صارت عدوانية وكراهية .. واحقاد عدن .. صارت لانظامية وتكره القانون انسان عدن الأصيل يكاد يختفي من مشهد الحياة ، بل لربما صار من الكائنات المنقرضة لعلك تحتاج لميكرسكوب بالغ الحداثة يبحث معك عن ( عدني ) .. من ناس زمان كي تقف معه لالتقاط صورة للتاريخ وللذكرى تحتفظ بها وتقول لأحفادك هذا هو ما تبقى من ذاكرة وتاريخ عدن عدن .. صورة مع التحية لا تستحق عدن كل ما يجري فيها وما يحل بها عدن .. أمنا التي رضعنا من حليبها وشبعنا من خيراتها ولحم اكتافنا من خيرها .. ثم بعد هذا نفعل بها ما نفعل ثم نحن نزعم حبها .. وندعي لوكان حبك صادقا لاطعتها أن المحب لمن يحب .. مطيع اللهم إني بلغت .. اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد