محمد أحمد البيضاني تمر الذكريات كشريط في شاشة سحرية تنام هناك بين شغاف القلب .. إنها ذكرى عدن موطني الجميل، هذه الأرض الطيبة المباركة التي فتحت ذراعيها لكل البشر للحياة بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق ، مجتمع مثالي عالمي لتعايش البشر وبناء حضارة مميزة تحمل عدة أللوان من تجارب الشعوب والحضارات .. حضارة عدنية لا تلغي فكر أو دين الآخر بل تستفيد من الآخر بكل محبة وسلام دون تعقيد أو تعصب ولكن تفاهم إنساني . عام 1940 قامت بريطانيا بتطوير موانئ ومطارات عدن ، لقد شعرت بقدوم الحرب ولعبت عدن المستعمرة البريطانية أعظم دور في الحرب العالمية الثانية ، كانت خط الدفاع عن الجزيرة العربية والشرق الأوسط – عدن عرين الأسد البريطاني في الشرق. وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الإسثمارات من كل مكان وأنشاء أهل الشام الفنادق والمطاعم الأنيقة. لعبت المعلا دورآ في الحركة التجارية ومنها أنطلقت الحركة العمالية - TUC . فيها عدة أرصفة يطلق عليها الدكة .. دكة الفحم ، دكة الكباش ، دكة البس، دكة المعلا و دكة أحواض السفن ، وكان ميناء التواهي للبواخر السياحية. قالت الحجة فطوم با أعمر فرست بوري و با أجيب عواف خبز طاوه شاحط وشاهي ملبن وبعدين حازيني عن دكة المعلا. قالت لها يا حجة فطوم أسم المعلا يكتب خطاء ولكن الاسم الصحيح هو "المعلى" وتعني الأرض المرتفعة، وقد رأيت الاسم الصحيح عدة مرات ولكن بعدها أختفى. في عام 1940 كانت دكة المعلا تكتظ بالسفن والصنابيق والسفن الشراعية السواعي القادمة من موانئ عمان والخليج والكويت والعراق وهي تحضر البضائع البسيطة من تلك الموانئ مثل الجِحال حق الماء باللون الأخضر الخفيف والمبسل والتمر و الهِدم .. أي المفارش من سعف النخيل ، وتقوم بتحميل البضائع الهامة من المعلا مثل الرز والدقيق والزيوت والبهارات والسجائر كل الماركات والعطور والبخور – ميناء حر عالمي يغطي الجزيرة العربية وبعض مناطق إيران. كانت دكة المعلا تموج بالحركة ليل ونهار - دكة الخير والبركة والتجارة والتواصل بين البشر . قالت الحجة فطوم كان في عمل وخير ورزق وفير لكل الناس. يا حجة فطوم في الليل تتحول معلا دكه إلى مخدره كبيرة تسمع من فوق الصنابيق صوت السمسمية والمزمار والطبول ورقص البحارة القادمين من الخليج وأصوات كثيرة ومختلفة، ومن دكة المعلا أنطلق الصنبوق التاريخي "نجمة التيوس"والناخوده الأعور عوض بن سليط ضحكت الحجة فطوم وقالت حازيني عن صنبوق بن سليط ، قلت لها صنبوق مطهوش هشتي، وكان السيمن فيه: مساعد ناخوده: فرج بن زنبيل . سوكاني : درويش بن دغر ، مسئول ماكينة: عدني من البنجسار إسمه أحمد قُشاش ، مسئول الدقل روفل من كريتر إسمه فضل شلن. بحارة من المهره وصور و عدن : عبيد باصره ، علي دربوجه ، خميس بن طفشان، أحمد بيسه ، مبارك بن مقص ، ناصر سعيد بن قلص ، صالح عفاش ، ثعلب بن زبيبة . مشغل كرين : ناصر بن دهفه ، و طباخ صومالي اسمه إسماعيلو حاشي.قالت الحجة فطوم ايش من سيمن هادولا ايش من روفلات ، قلت لها صفاط ومناجمه يا حجة فطوم نسلي على القلب من هم الدنيا وتغير الزمن. قالت الحجة فطوم بعد كل هذا الخير أختفى التاج من البنديره حقنا وجابوا النسر .. طائر الخراب. *كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة