الرشيد يتأهل إلى نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    رئيس الاتحاد الأفريقي للكرة الطائرة تكرم محمد صالح الشكشاكي خلال بطولة أفريقيا للشباب بالقاهرة    العليمي أصدر مئات القرارات في الظلام.. حان الوقت لفتح الملفات    اغتيال افتهان المشهري.. رصاصة الإخوان في قلب تعز    تعز.. 87 مسيرة جماهيرية تؤكد الوقوف مع غزة وعدم القبول بعار الخذلان    شهيد و11 جريح إثر غارة للعدو الصهيوني على سيارة جنوبي لبنان    تعز.. تظاهرة حاشدة ونصب خيمة واعتصام نسائي للمطالبة بالقبض على قتلة المشهري    ريمة .. مسيرات جماهيرية تحت شعار "مع غزة .. لن نقبل بعار الخذلان مهما كانت جرائم العدوان"    متفوقاً على ميسي.. هالاند يكتب التاريخ في دوري الأبطال    نتنياهو يطرد أردوغان من سوريا    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    ذكرى استشهاد الشهيد "صالح محمد عكاشة"    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    تجربة الإصلاح في شبوة    سريع يعلن عن ثلاث عمليات عسكرية في فلسطين المحتلة    وعن مشاكل المفصعين في تعز    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن..روّضت الإنجليز وعجزت عن ترويض اليمنيين..!!.. تحقيق صحفي
تستظل تحت حرارتها تفاصيل استغراب من جمال روعتها والفوضى الدخيلة عليها

بكل برودة أعصاب لا تأخذك الحيرة حين تريد أن تذهب للقاء تلك المدينة التي تدعى عدن.. فمدينة لها من اسم الجنة تقاسيم لا تحتاج عند البحث عنها أن تستعين بمحرك البحث الشهير جوجل لتكتب في خانة البحث عدن فخلاف ذلك كل الطرق تؤدي إلى بندرها حتى وأن أصبح الطريق اليها طويلا..! ففي حضرتها ستعرف سطح مستوِ للابتسامة واستقامة راسية للشموخ وكبرياء مدينة يستظل تحت حرارتها العالية الكثير من تفاصيل الاستغراب الممزوجة بين الجمال والروعة والفوضى الدخيلة على مدينة لم تجد لترجمة معنى الفوضى في قاموسها، الترجمة الصحيحة بعد .!
أعترف أن ثمة شي يؤلمني في لحظة ملامستي لأزرار الكيبورد حين أكتب عن عدن بهذه الطريقة التي قد تكون ربما فيها القليل من القسوة والكثير من عتاب عاشق ومحب لها.. لم أتصور أن اؤجل سلسلة من المواضيع التي تصف تفاصيل وجمال عدن لأبدأ بالكتابة عن شيء من تفاصيل الفوضى التي تقترب الى حد الصعلكة بكافة أنواعها ..! فتلك عدن التي أعتدنا فيها أن تروض المتخلف لتعيده إلى مديُنتها لكنها الآن تبدو شبة خاوية من هذا الترويض وبكل حسرة نكتشف أن التخلف الذي يجلبه القادمون اليها بكل عنفوان صار يروض المدينة على تلك الطبيعة .
غرق منذ البداية
على ذاك النفس الطيب الذي تمدك فيه عدن برائحة بخورها وجمال بحرها أصبح يخالف ماهو متوقع فكثير من أمنيات الغوص فيها يتحول إلى غرق في الفوضى منذ البداية التي تحاول فيها أن تلملم تفاصيل عدن وتجمع كل الأشياء لعلك تكتشف هل هذه عدن التي سمعنا عنها ؟ ربما هي كذلك في المسمى فالجنة لن تبور والجنة لن تُعلن الإفلاس وتساقط أوراق الجمال فيها ومع ذلك ثمة شي من المدهش أن يختفي عن عدن .. بكل بساطة تكاد التخصصية الجميلة في عدن أن تندثر مع تخالط الأعراق والأجناس التي تستظل تحت شمس عدن أتاها القادمون من كل إطراف الخريطة . من الشرق ومن الغرب ومن الشمال وأقصى الجنوب ومن الضواحي لكنهم لم يأتوها عابري سبيل أو طالبي استقامة في فرع الثقافة والحضارة.. أتوها على أعينهم وفي دواخلهم الكثير من التخلف الذي تنعكس معه الآية ليصبح التخلف رماد يذر على أعين المدينة الناعسة التي أصابها الوهن وتلبدت غيومها بالعجز أن تغسل كل مظاهر لم تعتادها عدن في السوء..!
إرفع راسك أنت مسلح .!
منذ متى كان على عدن أن تبُث في افكار ومعتقدات أبنائها أن الرجولة تكتمل حين يمتشق الشاب سلاحه، يتمخطر به في الأسواق والحارات لا فرق بينة وبين سيدة في الصيف الباريسي تحاول أن تعرض فستان يبرز أنوثتها لتتباهي به أمام الكاميرات الفرق واحد فقط أن تلك السيدة تميل إلى الجمال بينما ذاك المسلح يبحث عن التخلف .!
عليك أن ترى على الأكتاف سلاح وفي الخاصرة سلاح وحتى أصبح التعبير الحقيقي لفرحة الأعراس هي مجموعة من الأعيرة النارية التي توقظ كل من يخلد إلى راحة وتعيد السيناريو المؤلم للأطفال والمرضى في الأرق.. هناك وعلى مدخل الحارات يبدو الأمر اعتياديا بل أكثر من الاعتيادي ليصبح عادة محببة للبعض أن يحمل سلاحه أو أن ينعزل في مقيلة وبجواره السلاح رفيقا ومؤنسا.. يا إلهي إنها قمة السخرية أن تكتشف أن ذاك الرجل متعلم لكنه استبدل سلاحه اليراعي بسلاح مصنوع في أقاصي روسيا أو الولايات المتحدة هو عبارة عن تجميع من الحديد وحين يريد أن يكتب فكتابته قطرات دم تنتج بعد إزهاق الروح المحرمة ..!
- ذات مساء شاء القدر أن يجمعني برجل تفوح منه رائحة العدني وتبرز في تقاسيم وجهه عدن بلغ أرذل العمر ونالت السنون من جسده النحيل مبلغاً كانت كل كلمة يتحدثها موزونة ويجرها بصحبة تنهيدة تنبع من العمق يخبرني كيف طويت صفحة الحضارة العدنية حين كان الحارس الذي يحرس ليلاً على سبيل المثال لا يملك أكبر من مسدس شخصي فقط ,, لم يكن هناك أحد مسلح تراه يمشي في الشارع أو الحارات فذاك يعتبر عيباً وشيئاً دخيلاً يحتقره الناس في عدن.
آه يا تلك المدينة الهادئة التي تشبه هدوء القطة ذات الأعين المتربصة أما آن لكِ أن ترفضيهم ! أما آن لكِ أن تقولي لهم يكفيكم التخلف هذا الذي يخال لكم أنكم صرتم رجالاً بينما هو على العكس يعيدكم إلى مربع التقزم الحضاري.. عليكِ يا مدينة الجمال أن تقولي لهم ثمة شيء لم يكتمل فيكم وثمة شي ينقصكم إنه العودة إلى أشخاص صالحين تمشون في الأسواق وتأكلون الطعام وتعيدوا بناء عدن كمدينة باتت تقتات على الحزن أحايين كثيرة..
السلاح بات يشكل رقماً خطيراً وظاهرة أكثر خطورة على مدنية يضرب بها المثل في الرقي والثقافة، بل وأصبح السلاح شيئاً عاديا أن تراه في أيدي الناس ليعيد مشهد مقزز لأعراف القبيلة التي تكاد تغزو عدن..
البخور الغير عدني
في عدن ثمة شيء هو أبرز تفاصيل المدينة وهو البخور العدني فكما للحج فلها ولصنعاء أكلها الشعبي المميز، فلعدن رائحة البخور الذي تسربت رائحة شهرته الأرجاء البعيدة وغزت رائحته أنوف العشاق وبات البخور العدني ابرز الهدايا الموصى بها لمن تطأ قدماه هناك بجوار البحر العدني.. يا ساده في عدن هناك مشهد وخاصة في أيام العيد فحين تمر في طريق تتمخطر فيه أنثى عدنية فعليك أن تحس بخمرة البخور يسكرك قبل كل شيء ولعلك تتذكر أن الصيغة الصحيحة للمثل الشهير هي الأنف يعشق قبل العين أوقات كثيرة خاصة في عدن.. فأطبق على راحة عينيك هدبها وعش في ذرى الأحلام فارسا ففي الأمر امرأة عدنية مرت من هذا الطريق .!، لكن ثمة شيء تحول وقد يكون التحول ليس في عدن فحسب بل في مدن يمنيةٌ كثيرةٌ لكن عدن فيها الشاذ منكر والبدعة عيبٌ مشين وغير المعقول وغير المتعارف عليه مقزز وأن لا يشم أنفك رائحة البخور فقطع العادة عداوة.. إذا هي العداوة التي أوجدها تكدس القمامة في شوارعها وازقتها وتلاشت معها رائحة البخور ولم يعد للمليحة في الخمار الأسودي أن تمر بجانبك فرق مع سرب من الغربان الأسود يمر في السماء فالرائحة واحدة هي تلك التي باتت تتخزلها أركان فيها للقمامة منظر مقزز ..! هناك أمور كثيرة فعامل النظافة وجد الربيع اليمني فرصة ليطرح مطالبه التي حلم وعانى من أجلها أزمنة كان ذاك الشخص الذي يجعلنا نتمتع بريحة البخور يُعامل بالأجر اليومي والتعاقد ولم يدرك أحد بقيمته إلا حين قال لمدننا معذرة فيجب أن ابقي في بيتي لحين تصبح لي كرامتي ماديا ومعنويا ومن حقه ذلك أليس كذلك ؟ قالها وصرخ ومع ذلك صمت الجميع ممن يقوم على أمر النظافة وأقصى شيء فعلوه تصريحات لاتسمن ولا تغني من جوع اعتدنا عليها لا جديد فيها سوى أمران لا ثالث لهما الأول مسؤول يحشد حاشيته الاعلامية بكافة أنواعها ليخرج للشارع مرة واحدة ويقول لنا بنيته التي قد لا نفهم تفاصيلها الداخلية إن كانت صادقة للعمل وهناك من يخذله في تنفذيها هاأنذا امسك المكنس لأقول لكم أني مهتم بالنظافة ولعودة عدن نظيفة وبين آخر من أعالي الهرم يشبعنا عاطفة ننكسر بعدها حين تذرف عيناه دموعا لنفيق في اليوم التالي وقد جفت الدموع بفعل ذاك الكائن الذي يدعى مناديل كلينكس وعادت الحكومة الى عادتها القديمة.. السنا بحق ننتظر شيئاً على الواقع يدوم بعيداً عن كل الوعود..! كل هذه الأطراف تريد مبتغاها ويظل المواطن لا ينظر لمبتغاه في النظافة أحد يظل يتحسر على أنفه كم سيظل حبيس الرائحة النتنة وعلى أمراض باتت تفتك بالناس من تلك الأسراب الكبيرة من الذباب والحشرات التي تغزو صحتنا كل يوم ..
- لم يُعد مؤمل كثيرا من القائمين على شأن النظافة أن يفوا بالتزاماتهم فهم بالأساس لا يدركون معاناة المواطن فلهم في عليين من القمامة وأماكن سكنهم يسأل فيها الذباب إلى أين يذهب ومن أين أتى؟ والمسافة من سكنهم الى مقار أعمالهم هي تلك فقط المترين التي تخرج فيها قدميه من باب منزله إلى سيارته الفخمة المكيفة ومن السيارة أيضا إلى مكتبه المكيف فكيف للبعوض أن يدخل تلك التحصينات.. لكن أصبح الدور هو دور المواطن العدني في أن يبدأ التغيير من أصغر شيء من منزله ومن حارته ومن مديريته فقديما كان العدني يخرج ليجمع تكدس أكياس البلاستيك إن وجدت في أركان منزله لكنه اليوم بات محتجباً لتلك الجحافل الدخيلة من العادات التي تكاد تعصف بحضارة ورقي العدني في مكان سحيق..!
بطولة المخالفات المرورية
في عدن وهي نموذج لبقية المدن يُخيل لك أنك تقطن في مدينة جوانزو الصينية لكثرة السيارات فيها لكنك على العكس في مكان لا تتعدى فيه الأعداد عشرات الالاف من السيارات والمركبات التي الكثير منها لا تصلح للاستخدام الحيواني في نقل الماشية من مكان إلى مكان فكيف لك ببني البشر .. هو انتحار على الطريقة اليمنية في أمور يومية تمشي بالبركة دون تخطيط أو تنظيم .
انعدمت ثقافة قيادة السيارة فن وذوق وأخلاق لتصبح فن في المخالفة وذوق هابط ودون أخلاق تمر في شارع ضيق وتجد شخصين يقفان بسيارتيهما في منتصفه ليس لأمر طارئ حصل في السيارة وإنما للسلام على بعض .!! يقف الآخر في منتصف الطريق ليجمع الركاب في سيارته الأجرة وتقف خلفه الكثير من السيارات معرقلة كله لخاطر عيون المية الريال التي سيجنيها سائق الأجرة من الراكب الذي ينتظره .! اليست مصيبة ؟ .. أن تقف في الجولة لا تدري كيف تمر لان الكل مستعجل يريد أن يمر والكل طفشان والكل يسب والكل يريد أن ينزل ليشتبك مع الآخر لسبب بسيط أنهم مستعجلون وقد تكون العجلة هي الوصول إلى سوق القات ..!
عليك أن تشعر بالانتحار وأنت تصعد إلى سيارة الأجرة لتنتقل من مديرية إلى مديرية فتلك سيارات الاجرة متهالكة ولا تصلح للنقل .. عندنا كل شيء بالايزي ( السهل ) مع أن دول العالم تشدد على مركبات الأجرة أكثر من أي نوع آخر حتى أن بعض دول الجوار تسمح لسيارات الاجرة فقط أن تكون موديلها آخر عامين إلى ثلاثة أعوام من الموديل لكنك في مدننا تجد سيارات من بعد الحرب العالمية الثانية بقليل .!!
الشيء المزعج الآخر هو حالة الطرقات في عدن وكثرة المطبات فيها حتى حين تدخل أي طريق تضع يدك على راسك من كثرة احتكاك السيارة بهذه المطبات.. المواطن من جانبه يعمل مطباً والنقاط الأمنية ما تقصر والسلطة المحلية بدورها تعمل المطب وكل على مطبه يغني ..!
الهواء لم يعد بالمجان ..!
كل من يقطن المساحة الجغرافية اليمنية يدرك روعة عدن ببحرها لكنه اليوم يكاد يصاب بخيبة أمل إن عرف أن عدن تكاد تصبح مدينة يغطيها سور خرساني لا فرق بينها وبين مدينة ذمار التي لا تعرف رائحة البحر ,, انهالت على عدن سيوفهم فاستباحوا أرضها كل على ليلاه يبسط لا فرق بين كبير وصغير ولا بين شرق وغرب ولا بين مسئول وبين تاجر الكل صار يبحث عن شيء في عدن فاستولوا على بحرها وجبالها وبرها لا تكاد تستطيع الوصول إلى البحر إلا كلما ابتعدت أكثر تشعر بحريتك فهنا مكان للشيخ وهناك مساحة للفندم وأيضا مساحات للتاجر الفلاني حتى تلك الأماكن التي خصصت كمتنفسات للسكان تم الاستيلاء عليها ولعل أكبر مثال هي تلك القضية التي أثيرت مؤخرا فيما يسمى قضية المتنفس وهو ما يسمي الخليج الأمامي الواقع بين عدن مول وبين فندق ميركيور وهي من ضمن آخر المساحات التي بقيت للسكان كمتنفس لكن العابثوين لم يتركوا حتى الهواء لسكان عدن مجاناً.. المصيبة التي تدوي في راسك هي تلك المعرفة أن اكبر ناهبي الأراضي في عدن هم أولئك الذين يشار إليهم بالبنان من دعاة الثورة الشبابية والمنادين بالدولة اليمنية الحديثة فهل هم على استعداد لتكون أفعالهم مثل أقوالهم في هذه الدعاوي ..! ، رغم ذلك من الاستيلاء على المساحات إلا أن الغرابة تصل بك مبلغها حين لا تكاد تجد مكاناً صالحاً أن يكون منتجعاً بحرياً مميزاً فالحسرة اكبر أن يتحول الاستثمار في تلك الأماكن إلى مجرد حجز مساحات على البحر وابسط مثال منتجع العروس التابع للمؤسسة الاقتصادية اليمنية بكل الأموال التي تملكها إلا إن المنتجع كأنه في إحدى الدول الإفريقية، استراحات صدئة لا تنفع للجلوس وغياب شبه تام للخدمات واستغلال للناس دون خدمة كافية وقس على ذلك الكثير ممن يشابه ذلك .!
البحث عن الماضي
عدن في أوقات كثيرة تبدو شبه منهكة عن ماضي تليد وحاضر طمس ماضيها قد يكون بفعل متعمد فربما تقرأ ذات يوم عن مسجد قديم أسمه أبان لكنك اليوم لن تجد وكل ما تجد سوى مسجد حديث بني على نفقة بيت هائل طمس من الماضي الكثير في مسجد تاريخي.. هناك في المعلا التي دخلت التخطيط من وقت مبكر تجد أبنيتها من الخلف شبه مندثرة.. الصهاريج تحولت الى استراحات مقيل للمخزنين تتكدس فيها الأكياس البلاستيكية وبقايا أعواد القات والمشروبات الغازية المصاحبة للقات .! صيره الشامخة التي أرقت الانجليز وروضت عنفوانهم أصابها الإهمال القاسي كثيرا على شموخ القلعة وأصبحت مكاناً مهجوراً.. والطويلة في أبنيتها العتيقة حالها لا يبعد كثيرا عن مثيلاتها المهملة وحتى المتاحف استوطنها الغبار ..!
- ميناء عدن بيع بثمن بخس ليدمر أجمل معالمها وأجمل منجم اقتصادي لليمن، عبث به دبي العالمية وليس ذنبها ذلك فهي تبحث عن ازدهار ميناء جبل علي فكان الحل الوحيد أن تدير ميناء عدن ,, لم تفي حتى بأدنى ماهو موجود في الاتفاقيات.. قبل اشهر بادرني أحد الأصدقاء بالحديث فرحا بعودة ميناء عدن لأهلة وذلك عقب إعلان الوزير باذيب الغاء العقد مع ميناء دبي العالمي لا اخفي سراً أن ذاك الخبر حز في نفسي كثيرا ليس لأني لا أريد عودة الميناء وإنما للطريقة التي بتنا نحن اليمنيين تطحننا عواطفنا ودغدغة مشاعرنا فنحن شعب يفرح كثيرا بالأخبار لكنه لا ينتظر الأفعال والختام .. أعلن الدكتور باذيب وأنا احترم هذا الوزير الشاب كثيرا لأنه احدث شيئاً في وزارته لكن كنت أريد منه أن يصمت إلى أن يصعد على منبره منتشيا بعد أن يكون فعلا ألغى الاتفاقية قانونيا ودوليا ..! فهل ستقضي عدن ما بقي من مستقبلها في سفر طويل للبحث عن ماضي ستدمع عيناها عند تذكره كثيرا
ترويض ما بعد الفوات ..!
أشعر أن عدن مدينة كانت ذكية إلى حد كبير فهنا قديما استطاعت ترويض الانجليز بعد أن احتلوها واستطاعت أن تفرض نكهتها على الهنود الذين وصلوا واستقروا فيها واستطاعت أن تجرد الصوماليين من هويتهم التي أتوا بها من الصومال لتلبسهم الهوية اليمنية العدنية.. لكن الآن تبدو مدينة منهكة أنهكها بني جلدتها اليمنيين وأصابوها بالشلل فهي غير قادرة على ترويضهما وإخضاعهم إلى ثقافتها ورقيها ,, أتوها بعاداتهم من خارج عدن ومن شتى البقاع اليمنية وفرضوا عليها عاداتهم القبلية التي صارت العكس فبدل أن نمدن القبيلة قبيلنا المدينة .. بألم وحسرة أدرك لو كانت تستطيع النطق لقالت كفاكم عبثا بثقافتي وكفاكم بهتانا بمدنيتي وكفاكم تقطيعاً لأوصالي .. سرقتم جنتي .. وعبثتم في فردوسي .. وجلبتم اليّ سيئات قبائلكم وقراكم ومدنكم .! صرحي الممرد المرصوف من أمواج البحار يكاد ينكسر حين تمر عليه فوضى أقدامكم .. وجبالي ذات الكبرياء تكاد تنزوي بعيدا من ثقافات لا تروق لعدن أن تحل بها ..
- عدن فوضاها تناحر إعلامي وخطاب غير متزن لقوى تتناحر إعلاميا لتضع لها قدماً على الأرض كل بصحيفته وموقعة الالكتروني واعتلاء منابرها الدينية ..!
- عدن مرافق خدمية ينخر فيها الفساد وتصبح الرشوة بطولة مطلقة لفلم مكتمل الفريق .! تعليم فيه من الحسرة اشياء كثيرة في الانحدار..
- عدن لا ينقصها باكون ولا خطباء بأقوالهم الرنانة.. عدن ينقصها خط أحمر يرسم حولها لتقول للآخرين معذرة فهذه جنة عدن التي وعد المتقون ووعد من يبحث عن السلم والحب والثقافة والأمن .
عدن ينقصها أناس يجب أن ينصاعوا إلى قوانين المدينة الأزلية التي تعلمنا الثقافة والرقي والأخلاق .
عدن مدينة السلام فعليها السلام ممنوحا لها وممنوحا منها وممنوحا على كل من يفكر في الإقامة فيها أو زيارتها .. عدن إلى حيث غداً تشرق شمسه وتمنح حبه وترسل سلامه ويصبح ثغرها مبتسماً لتعلم اليمنيين جميعا الابتسامة والحب والسلام وتروض ثقافتهم وتصبح معلمتنا جميعنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.