إسمه على كل لسان .. حاضرٌ على كل حال .. صار من الشهرة بمكان كلكم قرأ عنه .. لا تكاد تخلو من اسمه مطبوعة , من سائل النشر كافه بعضكم اقترب منه .. ولعله اقترب منكم .. أيضاً ..والشر برع وبعيد !! والبعض – نسأل الله العافية – أصيب به وابتلى ( كتب الله لكم الشفاء والعافية ) , تكاد البشرية كلها تشترك في معرفته والإيمان بخطورته كبيرها قبل صغيرها .. عالمها قبل جاهلها .. ذكرها وأنثاها .. حتى ( الأجنة في بطون أمهاتهم ) .. لربما وصلهم طرفا من أخباره عن طريق ( الحب ) .. عفواً أقصد الحبل غير السري بين الأم وجنينها هو اسم لا يخفى .. له طنة ورنة .. ضجة ورجة .. وحديث يملأ الأفاق هو ( السرطان Cancer ) .. إذن !! إنه ( السرطان Cancer ) .. ياصاح !! فيلم الرعب الحقيقي الذي تجري أحداثه على أجسادنا الكابوس الرهيب الذي يقاسمنا رؤانا وأحلامنا .. أحلام اليقظة وأحلام المنام .. الغول المفترس الذي لا يكاد يشبع من أجسادنا الضعيفة .. من دمائنا وأشلائنا .. من أعصابنا وعظامنا وأدمغتنا هو ( السرطان ) .. وأنتم تعلمون قصة العصر .. حكاية الزمن .. حديث الساعة وكل ساعة .. كلام الناس .. وشاغل الملايين نتحدث اللحظة عن السرطان .. وقد حدد له العالم - كل العالم - ( يوماً عالمياً 4 فبراير ) من كل عام تقف الناس عنده .. تستدعيه .. تناقشه .. تحاوره .. تبحث عن أسبابه ومسبباته , تحاول إقناعه واسترضاءه بالحوار السلمي وبالبحث العلمي بالرحيل عن عالمنا .. بالاختفاء من حياتنا .. بترك أجسادنا تحيا كما أراد لها الله أن تحيا .. وتعيش (4 فبراير) من كل عام مناسبة عالمية لتتحد البشرية - التي لم تتحد يوماً – وتقول بصوت واحد , في وقت واحد , بلغة واحدة موحدة : قف .. أيها السرطان لا مكان لك بيننا .. لا احترام لك .. ولا تقدير , أيها السرطان .. لا مقام لك فارحل عنا غير محزون عليك أيها السرطان .. الداء الأخبث , والمرض الأقسى , والكائن المراوغ أيها السرطان .. تناشدك البشرية – كل البشرية – تقول لك أما كفاك .. ما قتلت , أما كفاك ما أوجعت .. أما كفاك ما التهمت .. بحق الأطفال الرضع .. نناشدك !! بحق الشيوخ الركع .. نناشدك !! بحق النساء الضعيفات .. نناشدك !! بحق الشباب الطامح المتوثب .. نناشدك .. نناشدك.. نناشدك أيها السرطان .. أما ان لك , وحان وقتك لترحل عن عالمنا .. وتدعنا نتلمس معاناتنا فقرا وقهراً , جوعاً وفاقه , معاناةً ومرضاً أيها السرطان .. ألا تملك بعضاً من شرف الخصومة , وقوانين النزال كي تلتف على ضحيتك مكراً والتفافاً وخداعاً أيها السرطان .. ألا تملك ذرة من رحمة لتقف أمام إنسانة بريئة طاهرة سرقت منها زهرة شبابها وربيع عمرها والتهمت أثمن ما تملك في صدرها ومصدر حنانها أيها السرطان .. ألا تملك ذرة شهامة كي تنال من رجل سبعيني عاجز وتباغته في رئته وصدره وتعبث بهما وهو عاجزٌ لايملك من أمره شيئا أيها السرطان .. أي مشاعر تجدها وأنت تعارك طفلاً لم يتجاوز سنينه الأربع .. كي تنازله بدائك , وهو طفل لا يملك حيلةً ولا يهتدي سبيلاً أيها السرطان .. أما أن لك أن ترعوي وتثوب إلى رشدك وتعود إلى مراتعك .. ومراتعك فسيحة وخياراتك عديدة وتدعنا نتدبرُ أمرنا .. لك أيها السرطان تحديد شروط الرحيل .. ومطالب المغادرة ونحن لن نبخل .. لن نتراجع .. سنعطيك ما تطلب وزيادة نحن – أيها السرطان – لسنا نعيش ترفاً وفائض راحة ومتعه كي تُعمل أضراسك المخيفة في أجسادنا تمزيقا وتفتيتا .. كلا .. كلا كل أسباب البؤس والتعاسة تعتلي عرش حياتنا وتتربع محل الصدارة في أعمارنا فلا تزيدنا – أيها السرطان – ما لا طاقه لنا به .. ولا عزم هماً إلى همنا وغماً فوق غمنا .. تزيدنا !! لن نسترحمك أيها السرطان .. لأنك ستفعل ؟! لكننا نناشدك الله .. نرفع اكف الضراعة للسماء أن يرفعك الله عنا .. فقد بلغ منا الجهد مبلغه لن نعتقدك القادر – حاشنا - فالله هو القادر القاهر وهو الشافي والمعافي .. وإليه نجأر وبه نستغيث أيها السرطان .. لست الأقوى .. فما أنت إلا سبب لكن ربنا الأقوى والأقدر.. أيها السرطان .. من ضعفنا أنت تقوى أيها السرطان .. من طمعنا أنت تنتشر أيها السرطان .. من تفرقنا أنت تتوحد أيها السرطان .. من غبائنا انت تتذاكى أيها السرطان .. من أنانيتنا أنت تنتصر أيها السرطان .. من تأخرنا أنت تتقدم أيها السرطان .. من عنادنا أنت تفوز وتظفر أيها العالم .. ياكل الإنسانية .. السرطان داء مقدور عليه لقول ربنا : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) ولقول رسولنا الكريم : (تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً ) لكن ما هو غير مقدور عليه أن يستولي علينا سرطان الفساد والاستبداد .. سرطان الأنانية والعناد .. سرطان التذاكي الغبي والتنافس الاحقر السرطان ليس داء مادياً فحسب .. إن ما نحياه وتحياه البشرية هو السرطان المعنوي .. السرطان الذي سمم كل حياتنا في كل مجالاتنا وصارت الإنسانية بعيدة بعيدة عن إنسانيتها .. قريبة قريبة حد الالتصاق والتماهي بالحيوانية .. بالقاع والحضيض والعالم السفلي أيها العالم .. لا تحارب السرطان في الداء الذي يسكن الأجساد لكن حاربه في الداء الذي يحطم الإرادات ويقتل القيم ويقضي على الهمم في حياتنا أيها العالم .. انزع عنك قناع الكذب والتدليس والأنانية وحينها سيرحل عنا هذا السرطان .. وستذكرون ما أقول لكم ..