بدأ الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالانهيار شيئاً فشيئاً بدايتاً من خساراته المتتابعة في الحرب التي لا تزال رحاها تدور في الشمال اليمني، مروراً بحلفائه الأقربين، وربما أخيراً بما يحصل خلف كواليس صنعاء من عدة وعتاد لإسقاط العاصمة اليمنية المبتورة التي يندرج تحت أنفاقها الرئيس المخلوع رفقة عائلته التي أوشكت على الغرق بعد إبحارٍ (طاغٍ) وظالم على متن سفينة الرئاسة شابهَ رحلة (السندباد)، وعبر مجاديف السطو إلى لعب كرة (الجولف) بدنانير الدولة المنهوبة .. وبعد التحالف مع الحوثيين لغزو الجنوب بدأت خسائر الزعيم (بإرتداء) قمصان الأرقام، توزعت أضعافها في إقليم الجنوب، وأُدرجت الأخرى داخل أسوار صنعاء المزمع سقوطها في نيران التحالف بعد استعصاءً دام منذ دق طبول الانقلاب و إشهار الحرب على الجنوب، وتأكيد السيطرة على جغرافية الشمال المقبوضة لمن هب ودب ولمن أراد منذ أن عرفها التاريخ.. وظهرت معاناة الرئيس -ولأول مرة- واضحة وضوح الشمس خصوصاً بعد تفجّر الخلاف مع الحوثيون بطريقة سقوط معسكر (نهم)، والهجمات الإعلامية لكلا الطرفين.. وباتت الأوجاع التي (تئن) منها الوحدة اليمنية على فراش الواقع المعاش تتكالب حوله، وكأن جيِّناتها انتقلت وبشكل تام إلى جسد المخلوع الذي هو الآخر بدأ هزيلا إن لم يكن مُستلقاً على فراش الاستسلام .. صالح الذي عرفه الجميع بكبريائه، وقوة جبروته هو اليوم ذلك (الشخص) الذي قامت ضده جميع الدول التي كان هو (الممول) لها من حيث عقد الصفقات واستنزاف ثروات اليمن، كما كان الممول الأول للمملكة العربية السعودية التي هبّت بالدفاع عنه عند سقوطه من عرش صنعاء إبَّان قيام ثورة الشباب، وأخرجته بحصانة أبدية بعد إن تقاذفته أعاصير الثورة إلى قيعان بحار المحاكمة، وهو نفسه اليوم الذي تجنّد السعودية كل أموالها وعتادها من أجل تطهير اليمن وشبه الجزيرة العربية من (دُرِنه) تحسباً لأي (بلاءٍ) قد يأتي من نسله يحمل صفات المجوس ويوجد من أجل مصالح بلاد (فارس) ألّد أعدائها، والكابوس المهدد لمصالح الخليج في دُرّة الجزيرة.. صالح الذي صمد طويلا أمام قوى التحالف دون إن تُثنيه تحليق طوائرهم، ولا قصف مدرعاتهم، هو اليوم يتعثر أمام أنظار كل أقاربه وشركائه، هو اليوم يشارك الوحدة اليمنية شريط الألم، ويرتشف من أبريق الخسارة كؤوسا ممزوجة بالذل واليأس والإنهزام..هو اليوم ذلك الرجل صاحب الرأس الذي (يتصّدع) كثيراً من ضجيج المواعيد والتهديد والحصار، وربما في الأيام القادمة سنشاهد المسلسل الذي انتظرناه كثيراً ولم يُنجز بعد.. وفي صنعاء المشهد نفسه يتكرر، وتخُّومٌ يؤول إلى مزيداً من الخراب والدمار، وربما يلّوح بحدوث معركة شرسة لا تقبل القسمة على إثنين ولم تحتضنها العاصمة في أي وقت سابق، بعد إشهار دول التحالف لعاصفة (رعد الشمال)، وسحب المخلوع لقواته من عدة محافظات وإبقائها في صنعاء من أجل التصدي للهجوم المرتقب. بصرف النظر عن الخسائر التي تكبّدتها منذ بداية الحرب، ولا تزال حتى اللحظة (فوهة) لهبية تشتعل سمائها (ناراً)، ويُعانق دخّانها هواءها الطلق في حضرة التفجير كلما اكُتشفت مخازن الأسلحة وباشرة طائرات الحزم في التدمير.. وحتى لا نستبق الأحداث، نضع عقارب الساعة نصب أعيننا وننتظر القادم لنرى ما يخفيه بين جناحيه، أو نقرأ (فنجاله) عبر منطلق الرؤية الثورية: "تكون أو لا نكون"..