في صنعاء إذا أردت أن تُخرج جواز سفر فهذا العمل البسيط سيكلفك من خمسين ألف ريال إلى سبعين ألف ريال وقد يصل أحياناً إلى مائة ألف ريال طبعاً بعد وساطة وشريطة أن تعرف سماسرة يستطيعون إنجاز هذه المهمة الشاقة ! بسبب إغلاق السفارات الأجنبية ومغادرتها البلاد إضطر كثيرون من أبناء هذا البلد للسفر إلى الخارج فرحل الكثير إلى دولة جيبوتي عبر البحر وإلى ماليزيا وإلى الأردن والجزائر وكثير من بلدان العالم وحينما ذهب البعض لحجز تذاكر السفر إلى ماليزيا يشترطون عليك حجز تذكرة سفر ذهاب وإياب بألف وثمانمائة دولار وحينما يخبرهم البعض بأنه لا يريد إلا قطع تذكرة ذهاب بحكم أنه سيغادر من ماليزيا إلى الولاياتالمتحدة للعيش هناك يتم رفض طلبه ويُفرض عليه حجزة تذكرة ذهاب وإياب ! في صنعاء يدفع بعض طلاب الجماعات وبعض المدارس مايقارب من ستمائة ريال إلى ثمان مائة ريال يومياً لأصحاب الباصات وخصوصاً أولئك الذين يسكنون بعيداً عن الجامعة والذين يقطعون من ثلاثة إلى أربعة مشاوير يومياً ذهاب ومثلها أياب وينقص سعر الغاز والبترول أو يزيد فيا جبل ما تهزك ريح ومن يدعون أنهم يمثلون الدولة في سباتٍ عميق !!! في صنعاء وصل سعر الدولار إلى مايقارب من ثمانية وعشرين ألف وإذا استلمت حواله من الخارج يتم رفض تسليمها لك بالدولار ويتم أيضاً رفض تسليمها بالسعر الحالي للدولار بل تُحسب بما يقارب من إحدى وعشرين ألف ريال وخمسمائة ! في صنعاء انقطعت الكهرباء بشكل كامل منذ سبتمبر الماضي وإلى الآن لم تعد تسمع بأن هناك أمل يلوح في الأفق بعودتها قريباً ! في صنعاء مازال إطلاق الرصاص والألعاب النارية مستمر وبشكلً مبالغ فيه في الأعراس ولا تستطيع أن تفرق بين القصف وبين العرس إلا بسماع صوت الطائرات فقط في الأول ! في صنعاء يقولون أن العدوان على اليمن هو من تسبب في أزمة المشتقات النفطية ولكنه لم يتسبب في منع انتشار أصحاب السوق السوداء بهذا الشكل المبالغ فيه ! في صنعاء تعدم أحياناً بعض الأدوية وخصوصاً الأدوية الخاصة بمرضى القلب والسكر والضغط وحينما تسأل عن السبب يكون الجواب بسبب الحصار الجائر ولكن الحصار الجائر لا يمنع وصول الألواح الشمسية وبطارياتها من الوصول إلى صنعاء وانتشار تجارتها بهذا الشكل المخيف الذي يجعلك تفقد الأمل في عودة الكهرباء ! في صنعاء يقترب الصيف من القدوم وحينما تشعر بالعطش وبأنك تحتاج لماءٍ بارد فما عليك سوى التوجه إلى أقرب ثلاجة تبريد لتشتري قارورة الماء التي كانت تباع بخمسين ريال لتشتريها بمائة وعشرين ريال وفي صنعاء سيتم افتتاح المراكز الصيفية للثلج وبيعها في الشوارع لتخفف عن المواطنين قيظ الصيف وحره ! في صنعاء سوق سوداء و ميليشيات وأطفال مسلحون في صنعاء تشعر أحياناً كثيرة بأنك تعيش في عزلة تبحث عن صحف فلا تجدها الصحف أغلقت وصودرت والإذاعات توقفت ومكاتب القنوات أُقتحِمت في صنعاء مدارس أهلية كثيرة ومراكز تجاريه أغلقت أبوابها وأعلنت إفلاسها في صنعاء لن تجد لوحات إعلانية لندوات سياسية أو دينية أو لأمسيات شعرية أو لأفلام سينمائيه أو لعروض مسرحيه لن تجد سوى شعارات الموت والتهديد والوعيد وشتم ولعن المرتزقة والعملاء !!! وصور القتلى الذين قضوا نحبهم في الجهاد ضد إخوانهم كل هذا وأكثر تجده في صنعاء الحضارة والتاريخ أصبحت مدينة مخنوقة ومعزولة لم تعد صنعاء مدينة مفتوحة بل أصبحت مدينة مخنوقة ومعزولة ومذبوحة بسكين ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي لابارك الله فيها ولا ألحقها خير ! عبدالولي جوبع