لو كنا جميعا نخاف الله و نعامل الله في خلوتنا مثلما نحب ان نظهر به امام الناس من حسن الخلق، و الورع و التقوى! لو أستشعرنا أن الله يراقب كل تصرفاتنا و أنه سبحانه لا تخفى عليه صغيرة و لا كبيرة، لو ترسخ فينا بأننا و مهما طال عمرنا فلا محيص و لا فرار من المثول بين يدي الله لنجد كل أعمالنا و ما قمنا به في هذه الدنيا الفانية هو ما سنغادر به منها لا شيء غيره فلا جاه و لا ملايين الدولارات و لا القصور و لا الحسان و لا نشوة الخمر و المخدرات... لو انا كنا كمثل ذلك الشاب الذي دعته تلك الشابة الفاتنة ذات المال و الجمال ولم يتبقى شئيا يمنعه عنها، غير انه خاف الله رب العالمين! فلو كأن الشعار الذي نطبقه، أني أخاف الله رب العالمين، لم وصل حالنا الى ما هو عليه اليوم من سفك للدماء، و افتعال الأزمات لتنشيط السوق السوداء، و التعلل تحت عباية استحقاق الحقوق، و المطالبة بالمظالم بقوة الأطقم و السلاح، فلأجل شهيد يسقطون عشرات الشهداء ، و لأجل حق يصادرون حقوق الابرياء.. و لأجل معالجة الجرحى يسقط عشرات الجرحى.. فلو خافت الجهات المسؤولة الله و خاف المطالبون الله لحلت كل المشاكل دون ان تخرب المدينة و تدمر مباني على رؤوس ساكنيها من الابرياء، و يسقط الضحايا من المارة بشظايا سلاح الطرفين! لو كان شعارنا الخوف من الله، لم تم الاستيلاء على المرافق لتحصيل دخل الدولة لصالح جماعات، و لا قطعت الطرقات، و لا سلبت أملاك الناس، و لا بسط على الاراضي و المتنفسات العامة!
و لو كان الوالدان يخافان الله فكانا قدوة حسنة لأبنائهم في المواظبة على صلاتهم و حسن تربيتهم، و حسن المعاملة مع جيرانهم و سلوكهم تجاه مجتمعهم ، و لو كان الأبناء يخافون الله و التزموا بطاعة الوالدين و خافوا الله بكل سلوكهم و أهتموا لدراستهم و صلاتهم، لصلح المجتمع كاملا ، فالأسرة هي حجر في صرح المجتمع ان صلحت صلح! لو كأن الجار يخاف الله و لا يزعج جاره بالأصوات العالية، و لا يترك القمامة أمام بابه الذي يشترك بممر وأحد مع جاره.. لو خفنا الله في الجار لضمنا هدوء و سكينة و رضى الله.. لو كأن البائع يخاف الله فاكتفى بربحه و عدم استغلال الناس في بضاعته و كأن المشتري يخاف الله ل أختفى من حياتنا الغش و نعمنا بتبادل الثقة بين البائع و الشاري! لو كأن عامل الكهرباء و عامل الماء يخاف الله، ف يكف عن ربط مصلحته الشخصية و حقوقه، مع حاجة المجتمع لهذين المرفقين المهمين.. و كأن المستهلك يخاف الله و يقوم بترشيد الإستخدام و عدم التحايل على العدادات و اصلاح شبكة الماء الذي تخصه بدلا من هدر المياه الى الشارع بسبب حاجة شبكة المياة خاصته لصيانة و اصلاحات، و لو دفع الرسوم المتعلقة عليه بانتظام.. لضمنا استمرار هذه النعمة دون أنقطاع يضر بنا و ينشر الأمراض و الأوبئة بسبب انتشار الجراثيم المرافق الناتج عن تكدس المياه التي تهدر في برك آسنة خلف مساكننا! لو كأن العامل في كل مرفق يخاف الله..و يقوم بواجبه في إنجاز معاملات الناس دون تأخير و لا محسوبية و لا فرض الرشاوى، و لو أن المواطن خاف الله و التزم بالنظام و انتظار دوره في معاملاته في اي مرفق من مرافق الدولة، لترسخ فينا النظام و تسهلت علينا معاملاتنا و تلاشت كأفة المعوقات و المصاعب! لو كان الأستاذ في المدرسة يخاف الله فيقوم بعمله بكل تفاني و يؤدي مهمته بحرص شديد و كأن كالأب لطلبته و كانت الاستاذة كالأم لطالباتها، و لو خاف الطلبة الله و ثابروا في دراستهم و بذلوا جهود جبارة لينجحوا و يتفوقوا، و عزفوا و قاطعوا الغش و الاحتيال على دراستهم الضرورية لتعلمها و الإستفادة منها في مستقبلهم ، لبنينا جيل قوي متسلح بالعلم و لنتفعنا به في بناء دولة قوية بالعلم و الثقافة! و لو كأن الطبيب يخاف الله و لا يسمح لمهنته أن تنحرف عن مهمتها الإنسانية بأن يجعلها مصدر للتجارة و استغلال المرضى.. لحافظنا على رسالتنا الإنسانية و ساعدنا على نشر حسن التعامل مع الله برحمة عباده.. لو كأن الشاب يخاف الله و سلك السلوك الذي يرضي الله فيتوقف عن ما يضر صحته و جسمه من ممارسات سيئة نراها في كثير من شباب اليوم مثل الهروب من المدارس و تخزين القات و الشمة و تدمير أجسامهم و انهكها بالحبوب و المخدرات و غيرها، لرآنا مستقبل مشرق يقوده جيل قوي سليم! لو كأن الرئيس و رئيس الوزراء و الوزراء و المحافظ و مدير الأمن و كل مسؤول، يخافون الله و تحمل كل منهم مسؤوليته بأمانة، و لو كأن الشعب يخاف الله و التزم الجميع بقوانين الدولة و النظام لنعم الجميع بالأمن و الاستقرار و الرخاء!
لو كأن جميعنا نخاف الله و نواظب على صلاتنا في المساجد و ننبذ المناطقية و إشعال الفتن و نشر الإشاعات و الكف عن أذى عباد الله، و نتبع سير السلف الصالح و نستفيد من أعمالهم، لضمنا مجتمع سليم معافى و لانتهت كل مشاكلنا التي نكتوي بنارها اليوم، لأن بيننا من لا يخاف الله.. يقطع الطريق، و يحتل المرافق الحيوية ليستولي على دخلها، و يفجر، و يقتل، و يخطط، و يتربص بالأبرياء، و يهجم و يخلف الضحايا، مدعيا انه صاحب حق، فيقوض النظام و يقلق السكينة العامة و ينشر الفوضى... فلنجعل، أني أخاف الله رب العالمين، شعارا رادعا لكل عمل شر زينه لنا الشيطان حتى يرضى الله عنا فننعم بالدنيا و نظفر بالأخرة!
مقال من وحي خطبة الجمعة للشيخ علي باوزير، حفظه الله! اللهم أجعلنا ممن يخافك!