كان الغش إلى سنوات قريبة اسمه (غش) ابن عم السرقة؟! وكان الطالب يخجل من (الغش) ويختلسه خلسة ويخاف أن يطلع عليه الناس، ويخفيه حتى عن زملائه حتى لا يعير وتبقى نقطة ضعف لا تشرف شاباً قادماً على مستقبل بل وعلى زواج يريد أن يظهر أمام شريكة حياته فارساً نبيلاً وأولاد قادمين لا يريد أن يسود وجوههم بنعته ب«الغشاش». الغش كان (عيب) اسود وازرق وابن الحرام أشبه ب(اللقيط) ومنقصة عند الآباء والأمهات وكانت الأم تدخل في معارك قذف بالأحذية و(مشاتمة) حامية الوطيس مع نساء الجيران لأن أحداً تحدث عن ابنها انه نجح بالغش وليس بجدارته وياعيب الشوم.. الجيران والمجتمع كانوا جميعاً يجرمون الغش ويعتبرونه ماركة مسجلة للغباء وضعف الشخصية، وكان القانون الاجتماعي (من غشنا ليس منا) الآن للأسف أصبح (من غشنا فهو منا والينا) وعلامة على الذكاء والشطارة ومفخرة وحقاً من الحقوق عند الطالب والأقارب والمجتمع يجب أن ينتزع انتزاعاً من المدرس والمراقب (الخائن) والحاقد الذي يستحق الضرب بالرصاص بمجرد عدم سماحه بكتابة الإجابة على السبورة لطلاب يغشون ويرسبون لأنهم لا يجيدون النقل من السبورة ويعجزون عن إيجاد الإجابة من الكتب المفتوحة التي لا علاقة لهم بها. وقد تجد (موجهين) طلعوا بالغش ويعطون إجابة وغشاً خطأ.. وغشاش يقود غشاش الى (الزربة)، وبسبب الفساد المنظم والغش الحاكم تحول الغش مع الأيام من قضية فساد إداري إلى ظاهرة اجتماعية تفشت في المجتمع مثل الطاعون والمخدرات لأن الناس على دين ملوكهم.. الناس أصبحوا مدمنين وبدون حياء يطلب الطالب من أبيه تدبير الغش بإي طريقة وبدلاً من غضب الأب واعتباره اعتداء على حق الأبوة يبدأ في حك رأسه والبحث عن أصدقاء ووسائل تؤمن لفلذة كبده ممارسة الغش.. انه هنا سقوط مجتمع وخراب قيم.. تطور الإدمان الاجتماعي وتحول الغش إلى خدمة اجتماعية يقتحم من اجله النافذون والمشائخ بمرافقيهم المركز الامتحاني كمن يجبر أمه على ممارسة الدعارة ثم يعامل كبطل يقتل في سبيل الغش وتدمير الأجيال ويخرج يتبختر يمشي في الأسواق وينهب الأراضي (ويصلح بين الرعية) الذين ربما يطلبون منه استخدام نفوذه لتغيير رئيس اللجنة المتشدد.. هل سمعتم عن طرد رئيس لجنة لأنه يسمح بالغش وتدمير الجيل؟ هذه في الأحلام.. فمن أجل عيون الغش تراق دماء ما تبقى من اصحاب المروءة المخنوقة في وطني.. اذا كان لديك ولد وتجرأ طالباً مساعدته في الغش، هل ستغضب أم ستنفذ الطلب؟ هذا يعني انك لم تعد مؤهلاً ولا مؤتمناً على تربية أبنائك ولا تستحق أن تكون أباً.. كم منا لا يستحق أن يكون أباً ولا أماً ولا خالة ولا مواطناً صالحاً.